حكاية راهب تعلم الجزارة بسبب حرمان فقراء بلدته من أكل اللحوم

أقباط وكنائس

الراهب أبادير
الراهب أبادير


تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، بتذكار نياحة (رحيل) القس الراهب أبادير والمعروف باسم "الراهب الجزار".

ولد الراهب أبادير بمحافظة سوهاج بصعيد مصر، في 20 يوليو 1934، في قرية الرقاقنه بمركز جرجا بأسم " يعقوب"، من رجل فلاح بسيط يدعى رميس بشارة جاد الله، وسيدة بسيطة تدعى حكيمة قنديل عوض.

وعندما وصل إلى سن الطفولة قدموه والديه الى المتنيح الانبا كيرلس، مطران البلينا انذاك، والذي اعطه رتبة الشموسية في كنيسة مارجرجس ( البحرية) في قرية الرقاقنة.

وفي عمر التاسع عشر اتحد مع بعض شباب قريتة، وفي صباح 19 فبراير 1953 خرج وكأنه في نزهة قريبة لكنه هو ورفاقة بنية كاملة اتجهوا الى البرية الشرقية الى جبل النمور الى دير القديس العظيم الانبا بولا اول السواح في محافظة البحر الاحمر، حيث ترهبن علي يد رئيس الدير واسقفة في ذلك الوقت المتنيح الانبا ارسانيوس، بأسم الراهب " ابادير"، واسم ابادير يعني (حبيب الاب).

و بين طيات الجبل الشاهق وعلى الرمال الصفراء بدا الشاب يعقوب يتحرك ويتسلق سلم الفضيلة باحثًا عن طريق خلاصه ومفتشًا عن طريق العذارى الحكيمات في انتظار السيد الرب الى ملء افراح الملكوت.

ويبدأ الراهب ابادير حياة جديدة في عالم الرهبنه وترك كل شئ ليتفرغ الي الحياة مع الله والخدمة، حيث عاد جميع اقرانه من الشباب اللذين ذهبوا معه في رحلة الي الدير في ذلك الوقت الي بلدتهم.

وعندما علم المتنيح الانبا مينا، مطران جرجا الراحل بتوحد هذا الراهب منفردا بالقرب من القرية سمح له بصلاة القداس في كنيسة القرية نظرًا لحاجة القرية الى كهنة يخدمون فيها كما كان ينتدبه نيافة الانبا مينا للصلاة في الكنائس المجاورة للخدمة والصلاة.

وفي 20 مارس 1973 تمت ترقيته الي درجة القمصية بيد الراحل الانبا كيرلس، مطران البلينا، ثم عمل معه وكيلًا للمطرانية.

ثم خدم الراهب ابادير في قرية الرقاقنه مسقط رأسه، واثناء خدمته، اعتاد اهل تلك القرية على أكل اللحوم من بعض الجزارين، حيث لا يوجد جزار قبطي واحد في القرية او القرى المجاورة، ولاحظ الراهب القمص ابادير حرمان فقراء القرية من أكل اللحوم ربما لقصر اليد او لغلاظة معاملة الجزارين لهم، أو لبؤس الحالة الاجتماعية.

تقرب القمص ابادير في بساطة الى احد الجزارين طالبًا منه ان يتعلم الجزارة، فبدأها اولا بأنه اشترى عجلًا ودعى احد الجزارين لذبحة وجلس امامه ينظر كيف يتم ذلك، وبالفعل بدأ يقوم بنفسة بذبح العجول بعد شراؤها وتسمينها.
وبدأ الناس في شراء اللحوم من هذا الراهب الذي عمل جزارًا لكى يرضى ببساطة وحب كل واحد من ابناء قريته.

وبدأ الفقراء وذوى الحاجة يأخذون اللحوم منه، ففتح كراسة يدون فيها اسماء اولئك المحتاجين على ان يقوموا بالسداد خلال اسبوع وربما افتتح هذه الكراسه لكى لا يسبب لهم حرجا، فهو لم يسال يومًا ان يسدد له احد مستحقات وظل هكذا ياتى الاغنياء دافعين والفقراء مكتوبين في دفترهم.

وقبل نياحته بيومين وهو بكامل صحته روى الي المقربين له حلم أنه اشترى الجبل كله ولم يفهم معنى هذا الحلم.

وبعد حياة رهبانية حافلة بالجهاد مملوءة باسرار استغرقت تسعة واربعون عاما قضى منها اثنان وثلاثون عاما في حياة الرهبنة والخدمة والتكريس، مرض القمص ابادير مرضًا بسيطًا الزمة الفراش لمدة ثلاثة ايام، فجمع كل الاقرباء من اهل القرية، وقال لهم بانه سوف يغادر الجسد، حيث اوصاهم ببناء مدفن خاصة به كراهب، كما طلب ان توضع معة كراسة اخوة الرب وان يصلى علية في كنيسة القرية.

وتم تفسير الحلم الذي رائاه، حيث تنيح في يوم الاحد الموافق 2 يناير عام 1983، وبنيت له مقبرة منفردة في الجبل وكل من يزور الجبل يشير إلى مقبرة القمص ابادير، وقيل عنه " حقا اشترى الجبل كله".