أمير عزام يكتب: هنادي والوبا "بنت الريف"

مقالات الرأي

أمير عزام
أمير عزام


*المقال يحتوي علي أجزاء من لغة ريف أهل الفيوم العظماء..

المعلم: هل إكتفيت من القَصص يا فتي ؟
الطالب: لم أكتفي بعد أريد المزيد عن هنادي... 
المعلم: إليك هذا الحال!!

" شوف البت ديدي بتعمل اه  هههههه "

حالة من السخرية إتفق عليها أهل القرية تجاه هذه الفتاة فهم عادة ما يختلفون لكنهم اتفقوا هذه المره!

هي ترا نفسها تتصرف بصورة طبيعية لكنهم يرون عكس ذلك تماماً والفصل في هذا الموضوع يعود إلي "معلم" هذه الفتاة التي لطالما كان هو السبب الرئيسي في سخرية الناس منها وأيضا السبب الرئيسي في ثقة هذه الفتاة بنفسها لهذه الدرجة. 

كلما أخرجت هذه الفتاة "العجلة" بفتح العين حتي لا يتسني للبعض تكرار ما حدث مع "نامبر وان" في فيلمه أثناء جلسة الدفاع الأولي عن متهمه الاول.
كانت الفتاة تنال سخرية لا مثيل لها من أهل القرية الكبار قبل الصغار !

" شوف بنت بتاع البليلة بتركب عجله" 
"فاكره نفسها بنت زواد وعايشه في مصر"
"الله يرحم أبوها كان بينام من غير لحاف " 

الريف لا يقتصر فقط علي صورة الجميلة أمام الآخرين فلا تعتقد أنه يتلخص في طبيعته الهادئه ولا هواءه النقي ولا خيراته الكثيره فقط. بل أنه يحمل في ضلوعه قسوة وصلابة لا يتحملها غير أهله غير أن ذلك صفة حميدة لديهم أيضاً.

الفتاة كانت أحياناً ما تغضب من كثرة السخرية لكنها كانت تتحامل علي نفسها لأجل ما كانت تحلم به وتراه. 

الهدف والراية المنشودة دائماً ما يجعلان الطرق الوعره مجرد وسادة ننام عليها، كما أنها تجعل طرق فيينا تشبه مدقات وادي الريان في عام ١٩٨٠  فعلي حسب الهدف يكون الأثر.

لأ أحد كان يعلم ما تنشده الفتاة سوا معلمها وقائدها في هذه الحياة حتي أن ام الفتاة كانت ما تداعب المعلم قائله "هتبور البت يا أستاذ دي بتعمل كل حاجه زي الرجاله" 
المعلم كان يتلقى هذه الكلمات كأنها رصاصات ١٢ ملي إن جاز تعبيري لكنه أيضاً كان ينتظر كيف تكون فتاته المدللة حتي يُسكت العالم أجمع.

إشتراك الفتاة في مركز لشباب القرية أمر في غاية الخجل لأهل الفتاة ناهيك عن لعبتها رياضة الكراتيه وإشتراكها في فريق الكشافه والجوالة ومسارح قصور الثقافه والمسرحيات والفن والعزف وغيرها من الأنشطة حتي أنها كانت حجر أساس في أي نشاط يقوم به هذا المعلم الذي كاد أن يغرق نفسه في عبث أجداده.

المعلم كان يسعي خلف هذه الفتاة كي تكون فتاة لا تُقهر وحتي يكون لها دور في المجتمع،الان المنظمات تنادي بدور الفتاة في الألفية الثالثة دون حراك وهذا الرجل النحيف فعل ذلك في الالفية الثانيه تحديدا ١٩٧٠ دون اللجوء للمنظمات او اللجان الحقوقية فقط هو أتاح لها ما كانت تسعي له. 

كانت هي هكذا بينما كانت زميلاتها في الدراسة يخرجن من الفترة الابتدائيه برغبة اباءهن بزواجهن او عملهن في "الغيط" الارض الزراعيه أو يساعدن امهاتهن في أعمال المنزل ، لم يكن لديهن طموح ولا مستقبل وكانت حياتهن هي تكرار لما حدث مع أمهاتهن بل قد تسوء عن ذلك. 

المعلم ٱبي إلا أن يخرج لهن هنادي "فتاة الريف" تحمل في جذورها طيبة وأصالة الريف وفي غصونها حضارة مصر ومهدها من الفراعنة إلا ما تكون في عصر المستقبل، بل كان يطمح مع فتياته أن يصبحن طبيبات ومهندسات وصيادلة ومعلمات أجيال وألا يقفن عند حد معين ولا يجعلن لأنفسهن زمن ولا نهاية. 

كان يسعي لتكون هنادي الأمل والعمل والمستقبل فكانت هنادي كما أراد وبات هو يُذكر في الأثر هذا من عَلم هنادي وكان يفعل كذا وكذا وكذا.

 فسلاماً لروح المعلم الخالدة وهنيئا لما حصدت هنادي...