بعد المزادات.. هل يستعيد الذهب الأبيض المصري مكانته العالمية؟

الاقتصاد

بوابة الفجر


 



"القطن فتح هنا البال، والرزق جه وصفالنا البال، اجمعوا خيره مالناش غيره، يغنى البلد ويهنى الحال", بهذة الأغاني كان يستقبل الفلاح المصري موسم حصاد القطن "الذهب الأبيض" الذي كانت أسعاره تفوق اسعار الذهب في بداية القرن التاسع عشر، وكان أحد العلامات التجارية المصرية المسجلة عالمياً، ولكن للأسف تدهورت زراعة وصناعة وتجارة القطن المصري خلال الثلاثة عقود الماضية ووصل إلى حالة لا يرثى لها.


وتحاول  الحكومة منذ سنوات استعادة سمعة القطن المصري أو ما كان يطلق عليه اصطلاحاً (الذهب الابيض ) الذي تدهورت زراعته كثيراً خلال الأعوام الماضية مما افقد القطن المصري طويل التيلة سمعته التي اشتهرت عالمياً لعدة قرون فكان يستخدم في صناعة ملابس الملوك والأمراء والوزراء في اوروبا لسنوات طويلة، وكان هدف لشركات الملابس العالمية التي كانت تقوم باستيراده لجودته العالية.

 

لماذا سمي القطن بالذهب الابيض؟

 

سمي القطن بالذهب الابيض بسبب ( سعره المرتفع ) في الماضي الذي كان يضاهي سعر الذهب كما كان يمثل اكثر من 90% من حركة التصدير في مصر بداية القرن الماضي.





80 انخفاض في المساحة المزروعة بالقطن في مصر خلال 100 عام

 

وبنهاية القرن الثامن عشر  وبداية القرن التاسع عشر، ازدادت المساحة المزروعة من القطن في مصر تارة وتراجعت تارة أُخرى، فوفقًا لتقارير وزارة الزراعة فإن محصول القطن شغل 22.4 % من المساحة المنزرعة عام 1913، مقابل 11.5 % عام 1879، وزاد محصول القطن من مليون و818 ألف قنطار إلى 6 ملايين و250 ألف قنطار بين عامي 1884 و1908، كما ارتفعت قيمة الصادرات القطنية من 6 ملايين و424 ألف جنيه إلى 17 مليونًا و91 ألف جنيه أثناء الفترة نفسها، وهو ما يمثل 67 % من مجموع الصادرات عام 1884، و83 % عام 1906.

الجدير بالملاحظة، أن المساحة المزروعة من القطن انخفضت من مليون فدان بداية التسعينات من القرن الماضي إلى 131 ألف فدان العام الماضي، إلى أن وضعت الحكومة خطة لزيادة المساحة المزروعة بالقطن إلى 350 ألف فدان في 2018.

 

كما وضعت الحكومة خطة لاستغلال الإنتاج المحلي للقطن باستهلاك 4.5 مليون قنطار بحلول عام 2020، حيث انخفض استهلاك القطن فى المصانع المصرية من 8 ملايين قنطار عام 2012 إلى 670 ألف قنطار خلال العام 2016.

 

ولكن تدهورت زراعة القطن بشكل كبير خلال العقود الماضية نتيجة لعدة اسباب تستعرضها "الفجر" من خلال هذا التقرير:








أسباب تدهور زراعة القطن في مصر

انهيار صناعة الغزل والنسيج :

كان لنهيار صناعة الغزل والنسيج بعد تطبيق نظام الخصخصة في تسعينات القرن الماضي وبيع بعض المصانع الحكومية العملاقة  وعدم تطويرالبعض الأخر وعدم تطوير المحالج  بالغ الأثر  فى انهيار زراعة القطن المصرى والسوق المصرية فى الداخل والخارج.

 

عزوف الفلاح المصري عن زراعة القطن:

كما أدى عدم دعم الفلاح المصري زارع القطن بالإرشاد الزراعى ومكافحة الآفات، وعدم توفير مستلزمات المزارع من مبيدات وتقاوي وبذور وكيماويات، بالاضافة إلى الإهمال في تسويق المنتج وترويجه إلى عزوف الكثير من الفلاحين عن زراعة القطن المصري طويل التيلة وبالتالى انهيار سمعته عالمياً.

ايضاً كان للمزارع المصرى أسباب أخرى فى عدم زراعة القطن، منها انخفاض الأسعار وعدم نيل حقوقه ومستحقاته منها كاملة، حيث لم يعد زراعة القطن مربحه بالنسبة له، وأصبح زراعة الأرز والقمح، هو المنتج الأفضل ربحا، مما أدى إلى انصراف الفلاح عن زراعته، وتوجه إلى الاهتمام بزراعات أخرى.

 

الاتجاه لاستخدام القطن قصير التيلة:

بالإضافة إلى ذلك اتجهت معظم المصانع الحديثة لاستخدام القطن قصير التيلة بدلاً من القطن المصري طويل التيلة، الاكثر تكلفة، وبالتالي اقبلت تلك المصانع على استيراد القطن من الخارج نظراً لأنه يتوافق اكثر من الماكينات الحديثة التي يتم استيرادها من الخارج والتي لم تصمم من البداية للاعتماد على القطن المحلي

 

عجز الشركات عن تسويق القطن:

كان من اهم اسباب تخفيض المساحة المزروعة ايضاً هو عجز الشركات عن تسويق القطن خارجيا وانخفاض ارقام التصدير بشكل كبير وزيادة الفائض بالمخازن.

 









إجراءات الحكومة لدعم القطن

قطاع الأعمال: 21 مليار جنيه لتطوير الصناعة

 

قال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، إنه جاري تنفيذ خطة شاملة لتطوير صناعة الغزل والنسيج بالشركات التابعة بتكلفة تقدر بنحو 21 مليار جنيه، من خلال توريد أحدث الماكينات والمعدات من كبرى الشركات العالمية إلى جانب تطوير البنية التحتية للمصانع، وتدريب وتأهيل العاملين.

 

وأضاف في بيان له اليوم، انه سيتم الاحتفاظ ببعض الماكينات القابلة للتشغيل مع رفع كفاءتها، إلى جانب توريد 800 ألف مردن بأحدث التقنيات الأوروبية، مع تدريب العاملين على الماكينات الحديثة من خلال استشاري التطوير وموردي الماكينات، مع تحديد 3 مراكز للتصدير في   غزل المحلة وكفر الدوار والدلتا، مع تحقيق التخصص في نشاط الشركات، ورفع جودة المنتجات وتحسين أساليب البيع والتسويق.

 

و أكد توفيق، أن تطوير شركة غزل المحلة يمثل جزءا رئيسيا في عملية تطوير قطاع الغزل والنسيج، مشيرا إلى أنه سيتم إنشاء اكبر مصنع للغزل في العالم على قطعة أرض داخل الشركة يضم 182 ألف مردن لإنتاج الغزول.

 

 

دعم أسعار القطن لتشجيع الفلاحين على زراعته

 

من جانبهما أصدر وزيرا التجارة والصناعة والزراعة، قرارا مشتركا بشأن نظام تداول القطن الزهر لموسم 2019-2020، بحيث يكون من خلال مزادات علنية ويقصر تنفيذه على مراكز التجميع في محافظتي بني سويف والفيوم التي يتم تطبيق النظام فيه تجريبيا.

 

قالت وزارة الصناعة في بيانها، إن القرار نص على أن يكون تداول القطن الزهر لموسم 2019-2020 وفقاً للضوابط والاشتراطات التي تقررها لجنة تنظيم تجارة القطن في الداخل حيث تلتزم اللجنة بتقديم تقرير شهري للوزيرين بشأن حركة التداول.

 

وكانت وزارة قطاع الأعمال أعلنت مطلع الشهر الحالي تفاصيل النظام الجديد لتداول القطن وبدأت تطبيقه تجريبًا في محافظتي الفيوم وبني سويف.

 

وأجرت الشركة القابضة للغزل والنسيج -المعنية بتنفيذ القرار-، أمس أول مزاد لبيع القطن وفقًا للنظام الجديد.

 

وأشار البيان، إلى أن القرار نص أيضا على أن يكون تداول أقطان الإكثار وغيرها من الأقطان في محافظتي الفيوم وبنى سويف وفقاً للنظام الذي حدده القرار.

 

ونص القرار على تشكيل لجنة لمتابعة نظام تداول القطن في محافظتي الفيوم وبني سويف تختص بمتابعة تنفيذ نظام تداول أقطان محصول 2019-2020 والتنسيق مع الجهات المعنية في تحديد المحالج المخصصة لأقطان الإكثار وغيرها من الأقطان.

 

ووفقا للقرار تعرض اللجنة تقرير متابعة شهري على وزيري الصناعة والزراعة، بموقف التداول في مراكز التجميع والكميات المتداولة وأسعار البيع، بالإضافة إلى تقرير في نهاية الموسم عن إيجابيات وسلبيات النظام لتلافيها في الموسم القادم واقتراحات التطوير.

 

وأُلحق بالقرار نظام تداول أقطان محصول موسم 2019-2020 على مستوى محافظتي الفيوم وبني سويف باعتباره مشروعا تجريبيا يستهدف تطوير نظام التداول الحالي والتغلب على سلبياته بما يسهم في استعادة سمعة ومكانة القطن المصري في الأسواق العالمية وحصول المزارع على العائد المناسب دون تدخل للوسطاء، تمهيدا لتعميم التجربة على باقي محافظات الجمهورية.

 

وتتضمن ملامح النظام قصر تداول القطن على مراكز تجميع يتم تحديد عددها وأماكنها وفقا للأصناف والمساحات المزروعة ومنع تداول القطن خارج هذه المراكز.










تنفيذ  أول مزايدة لشراء القطن

 

أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام عن حصاد منظومة تداول وشراء القطن الجديدة، التي أسفرت عن شراء 24 ألف قنطار بتكلفة تصل إلى 50 مليون جنيه.

 

وقالت الوزارة، في بيان أمس  الجمعة إن شركات تجارة وحليج الأقطان التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج – إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام – واصلت شراء الأقطان من المزارعين في محافظتي الفيوم وبنى سويف، وذلك وفقًا لنظام التداول الجديد الذي يطبق تجريبيًا في كلتا المحافظتين لموسم 2019.

 

وأعلنت وزارة قطاع الأعمال أن كميات الأقطان المشتراة منذ بدء موسم الجني وحتى الآن بلغت 23.9 ألف قنطار.

 

2100 جنيه سعر الشراء

 

وذلك من خلال المزادات العلنية التي تجرى على الأقطان المستلمة من المزارعين بمراكز التجميع، بقيمة 50.2 مليون جنيه، وبسعر 2100 جنيه للقنطار، ويتم احتساب سعر القنطار وفقًا لمتوسط الأسعار العالمية بين قطن البيما الأمريكي طويل التيلة والقطن قصير التيلة إندكس A.

 

وكانت وزارة قطاع الأعمال قد حددت 17 مركزًا لاستلام الأقطان فى الفيوم وبنى سويف، وفقًا لمناطق زراعة القطن في المحافظتين.

 

ويجري تسليم المزارعين أكياس من الجوت لتعبئة الأقطان بها ودوبارة قطنية لحياكة الأكياس، ويتم استلام الأقطان معبأة في تلك الأكياس يوميًا من الساعة 8 صباحا حتى الثالثة عصرًا (عدا يوم الجمعة).

 

وقالت الوزارة إن المزارعون – وفقًا لنظام التداول الجديد – يحصلوا على 70% من ثمن القطن من قبل الشركة الراسي عليها المزاد، وتقوم الشركة بسداد الـ30% المتبقية للمزارعين خلال أسبوع من تاريخ إجراء المزاد، وذلك بعد تحديد معدل التصافي وفروق الرتب.

 









القطاع الخاص يحجم عن الشراء بدعوى ارتفاع الأسعار

 

وقالت الوزارة إن شركات تجارة الأقطان من القطاع الخاص واصلت إحجامها عن المشاركة في المزادات بدعوى ارتفاع سعر فتح المزاد.

 

كان وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، أكد في حوار مجتمعي مع المزارعين ان الشركة القابضة الغزل مستعدة لشراء كامل محصول القطن من محافظتي بني سويف والفيوم لإنجاح منظومة التداول الجديدة.

 

واشترط التجار للمشاركة في المزاد التعامل بشكل مباشر مع المزارعين، ما رفضه الوزير حيث يقوم كل مزارع بتسليم محصوله في المحلج الذي يتم فيه عملية المزاد.

 

ويتوجب على الشركات الراغبة بالاشتراك في هذه المزادات التسجيل لدى شركة الوادي لتجارة وحليج الأقطان التابعة للشركة القابضة – المسؤولة عن إدارة مراكز التجميع – مع تقديم خطاب ضمان ساري حتى نهاية نوفمبر 2019.

 

وتعمل المنظومة الجديدة لتداول القطن على مواجهة السلبيات في النظام السابق للتداول والتغلب عليها، ويقوم المزارعون بتسليم الأقطان – مباشرة ودون وسطاء – لمراكز التجميع لإجراء مزادات عليها بما يحقق الشفافية في عملية البيع وكذلك ضمان أعلى عائد  للمزارعين.