"هاأرتس": أمريكا اختبرت أسلحتها ضد مصر فى حرب الاستنزاف فكبدت إسرائيل ثمنا باهظا

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


فى يوليو 69 قتل 25 جنديًا إسرائيليًا وأصيب 93 آخرين

استمرت الصحف العبرية فى الحديث عن حرب الاستنزاف بشكل مكثف ومتعمق، رغم أنها معروفة لدى الإسرائيليين باسم الحرب المنسية.

صحيفة هاأرتس ذكرت أن يوم 18 يوليو 1970 كان يوماً حاراً للغاية فى مصر، وفى هذا اليوم مرت من فوق رؤوس الجنود المصريين والمهندسين الروس الذين كانوا يشرفون على بطاريات الصواريخ، عشرات المقاتلات الإسرائيلية، وكان هذا اليوم بداية عملية «إتجر» وتعنى التحدى، وكانت تهدف للقضاء نهائيا على تهديد بطاريات الصواريخ السوفيتية التى تصل لقناة السويس بشكل مستمر وبإصرار شديد.

ولم يكن سلاح الجو الإسرائيلى يمتلك أى حلول وقتها، إلا أن هذا الوضع بدأ فى التغير بعد وصول طائرات الفانتوم الأمريكية لإسرائيل، والتى كانت مزودة بآخر صيحات التكنولوجيا الإلكترونية الأمريكية، وتعهد وقتها العلماء الأمريكيون بأنها ستعمل على إصابة الصواريخ الروسية بالشلل فى الوقت المناسب، لكن الطيارين الإسرائيليين وجدوا أنفسهم أمام شرط صعب، بعدما صدرت لهم الأوامر بالتحليق بشكل ثابت ومستقر، وعدم استخدام الذخيرة حتى مع اقتراب الصاروخ الروسى من الطائرة.

ورأى قائد السرب 101 ويدعى يفتاح سبيكتور، أن الطريقة الجديدة تعتبر دربًا من الجنون، وأثناء تناوله لوجبة العشاء فى أحد مطاعم حيفا، التقى بصديقه شموئيل حيتس، قائد سرب الفانتوم، وطالبه بالتمرد وعدم الخروج لتنفيذ العملية، وقال له:هناك فى العالم شىء اسمه الفيزياء، كيف يمكنك أن تحلق بالطائرة بهذه الطريقة»، وأجابه شموئيل حيتس، «اطمئن لن يلحقوا بى أى أذى».

وعندما عاد «سبيكتور» إلى منزله قال لزوجته: «شموئيل حيتس» سيموت هذا الأسبوع «، وهو ما حدث بالفعل عندما بدأت الفانتوم فى عمليات قصف جوى ولم تعمل التكنولوجيا الأمريكية، ما تسبب فى إسقاط طائرتين كان داخل أحدهما «شموئيل حيتس».

وبعد فشل المحاولات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل بعد حرب 1967، وبعد أن طلبت مصر استعادة سيناء بالكامل، وافقت تل أبيب على التخلى عن أجزاء صغيرة منها، ثم أعلن عبدالناصر أن مصر ستسفك دماء الإسرائيليين خلال حرب استنزاف متواصلة، وسيتعلمون أن الإصرار على التمسك بسيناء ثمنه باهظ.

وبالفعل استمر تبادل النيران ونشاطات قوات الصاعقة بعد حرب 67، ولكن فى ربيع عام 69 حدث تصعيد من نوع جديد، فقد زادت معدلات إطلاق قاذفات المدفعية من الجانب المصرى، وتسببت فى سقوط عدد كبير من الجنود الإسرائيليين داخل مواقعهم، وافتقد الجيش الإسرائيلى الرد المناسب، فكل شهر تقريباً كان يسقط عدد كبير من الجنود على طول خط بارليف، وفى يوليو 1969 وحده قتل 25 وأصيب 93 جندياً.

وفى يناير 1970 اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً مصيرياً بقصف أهداف فى العمق المصرى، فى مارس ظهرت فى مدينة الإسكندرية وحدة للدفاع الجوى تابعة للجيش الأحمر الروسى، كانت مزودة بالعشرات من بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات.

ونجح الروس وقتها فى نشر المنظومة الدفاعية حول القاهرة ومنطقة الدلتا، وبعد ذلك تمكنوا من سحب بطاريات الصواريخ حتى خط القناة، ما أدى إلى فقد سلاح الجو الإسرائيلى حرية الحركة ما شكل ثمناً باهظاً لتل أبيب، وبذلك تم تهيئة الظروف التى مكنت الجيش المصرى بعد 3 سنوات من بدء الحرب وعبور القناة، وتقول هاأرتس إن مأساة أكتوبر 1973 تم زرع بشائرها فى أغسطس 1970، وهو الشهر الذى انتهت فيه حرب الاستنزاف.

وتشير الصحيفة إلى أنه اتيحت لإسرائيل قصف العمق المصرى مع وصول طائرات الفانتوم الأمريكية نهاية 1969، سلاح الجو الإسرائيلى، بأنه يمكن إخضاع عبدالناصر.

وتشير الصحيفة إلى أن حرب الاستنزاف كانت من وجهة النظر الأمريكية فرصة لاختبار مدى كفاءة السلاح الأمريكى أمام قوة السلاح الروسى فى صحراء سيناء.

وفى أبريل 1970 سنحت للأمريكيين فرصة ذهبية بعد دخول سلاح جديد لجبهة المعركة «صواريخ سام 3» التى دعمت المنظوة الدفاعية الروسية بشكل كبير، وأبلغ الجيش الإسرائيلى البنتاجون بصعوبة مواجهة الصواريخ الروسية الجديدة، لكن الرد الأمريكى كان متشككاً فى الرواية الإسرائيلية.

وكان على البنتاجون أن يتأكد باستخدام المنظومة الأمريكية المخصصة للعمل ضد صواريخ سام 2، وتجربتها على صواريخ سام 3 فى سيناء.

وظهرت نتائج التجربة فى يوليو 1970 فى عملية «اتجر» التى قتل خلالها شموئيل حيتس، قائد سرب الفانتوم.

كاتب الموضوع هو «جى لارون» الخبير والمحاضر بقسم العلاقات الدولية بالجامعة العبرية.