عمرها 150 عاما.. "كتاتيب" الوادي الجديد تاريخ من خدمة كتاب الله

محافظات

الكتاتيب
الكتاتيب


انتشرت الكتاتيب في ربوع مصر بوجه عام وقرى ومدن صعيد مصر بوجه خاص، بفضل حرص المصريين على أن يكون أطفالهم من حفظة القرآن الكريم، وأن ينشأوا نشأة تربوية إسلامية.

فمنذ أكثر من 150 عامًا وما زالت تلك البقعة الطيبة فى إحدى قرى محافظة الوادى الجديد تحقق أعظم الانجازات البشرية التى يمكن للإنسان المسلم أن يحققها فى حياته وهى حفظ القرآن الكريم بالطريقة التقليدية التى عرفها المصريون منذ عام 1875م، وهى الكتاتيب.

فى احدي أهم زاوية بقرية أسمنت بالداخلة الشيخ رضوان، إحدى أقدم قرى المحافظة منذ أكثر من 150 عاما، خرّجت تلك الزاوية أجيال متعاقبة من حفظة القرآن الكريم حتى عام 1976، حيث توقف العمل بها مؤقتا فاستكمل الشيخ شحات عبد الله على مسيرة الزاوية بتحفيظ الأطفال القرآن الكريم وأنتج جيلا جديدا من حفظة القرآن، حتى لا تتوقف الزاوية عن العمل، وتم إنشاء مقر لها بالجهود الذاتية ثم تطور فعليا منذ سنوات قليلة بكيان رسمى هو جمعية تحفيظ القرآن الكريم بأسمنت الذى أشاد اللواء محمد الزملوط بدوره الرائد فى القرية وكافئ الأطفال حفظة القرآن والمحفظين به.

الكتاب يستوعب 700 حافظ للقرآن

وعلى الرغم من أن العمل التطوعى فى مكاتب التحفيظ بالجمعية والتى تتكون من طابقين يحتويان على عدد كبير من فصول التحفيظ التى تعمل كمدرسة قرآنية تستوعب أكثر من 700 طفل يحفظون كتاب الله وفقا لعدد من شرائح التحفيظ التى يتعاقب فيها الأجيال حيث تفرد هذا الكتاب بتخريج ثلاثة أجيال بدءا من الجد وهو الشيخ شعبان ونجله الشيخ رفاعى ثم حفيدته الطفلة ضحا وجميعهم حفظ القرآن فى هذا الكتاب بصورة المتنوعة مع تطور الزمن.

وقال محفظ الفرآن بكتاب القرية، الشيخ محمد أحمد سيد يونس وشهرته الشيخ شعبان، أنه التحق بكتاب القرية منذ طفولته وحفظ على يد الشيخ شحات أكبر محفظي القرية، وقام نجله الشيخ رفاعى والذى حفظ القرآن هو وشقيقتيه صباح وفاطمة وجميعهم ختموا القرآن فى سن الطفولة فى نفس الكتاب، ثم التحقت حفيدته ضحا بنفس الكتاب وختمت القرآن فى سن الثامنة من عمرها ويبلغ عمرها الآن 11 سنة.

 700 حافظًا للقرآن الكريم يوميًا

وأضاف، الشيخ شعبان، أنه برفقة عشرة محفظين ومحفظات يقوم على تحفيظ 700 طفل وطفلة من أهالى القرية طوال ساعات اليوم بنظام الحصص والورديات وذلك بصفة تطوعية، حيث يتم تخريج دفعات سنوية من حفظة القرآن الكريم من الدارسين من أبناء القرية.

وقال الشيخ رفاعى نجل الشيخ شعبان، أنه أحب القرآن وعشق تلاوته وحفظه من ملازمة والده فى الكتاب وحرصه على الحفظ والتدبر حتى أصبح محفظا هو الآخر ويشارك والده وزملائه فى استكمال مسيرة تحفيظ كتاب الله لأطفال القرية، مؤكدا أن كل أطفال القرية يلتحقون بهذا الكتاب بدون استثناء وخاصة من الفتيات ولكن مع تغير مسار الحياة لهن سواء بالزواج أو الدراسة تنقطع صلتهن بالكتاب بعد ختم القرآن أو قطع شوط كبير فى الحفظ.

وأكدت الطفلة ضحا رفاعى حفيدة الشيخ شعبان، أنها ختمت القرآن فى نفس الكتاب بمساعدة جدها ووالدها، حيث أنها نشأت منذ أن أدركت نطق الحروف على القرآن الكريم ولم تجد صعوبة فى حفظه وقرآته، وتتمنى أن تكمل مسيرة والدها وجدها فى تحفيظ القرآن لأقرانها بالقرية.

وأضافت "ضحا"، أنها تدرس فى الصف الخامس الابتدائي ولا تجد أية معوقات فى التحصيل الدراسى بجانب حفظ القرآن، وعلى العكس أن حفظها لكتاب الله يساعدها كثيرا فى الدراسة والتحصيل وتحقيق التفوق، حيث أنها تتمنى أن تحافظ على تفوقها الدراسى حتى تخرجها.

11%  من سكان القرية حفظة للقرآن الكريم

ومن جانبه أكد الحاج مصطفى عبد الله على رئيس مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بأسمنت، أن الجمعية تم إشهارها حديثا منذ عام 2012 لتكون الكيان الرسمى لأقدم كتاب فى محافظة الوادى الجديد والذى يستهدف نشر ثقافة حفظ القرآن الكريم بين أهالى القرية ويقوم على تأدية تلك الرسالة المباركة لتنشئة جيل من حفظة القرآن من أهالى قرية أسمنت، مؤكد أن تعداد سكان القرية يبلغ حوالى 6 آلاف نسمة جميعهم التحق بهذا الكتاب ويدرس فيه حاليا حوالى 700 طفل بنسبة 11 % من نسبة السكان.

دعم محافظ الوادي الجديد بـ53 ألف جنيه لدعم مقر الكتاب

وأضاف، سنوسى محمد سنوسى أمين الصندوق بالجمعية، أن اللواء محمد الزملوط محافظ الإقليم زار الجمعية مؤخرا وأبدى إعجابه بنشاطها فى تحفيظ القرآن وكافأ 53 طفل من حفظة القرآن بالجمعية وأعتمد صرف 50 ألف جنيه لدعم منشآت الجمعية، كما وجه بمنح رحلتى عمرة للمحفظين بالجمعية يتم اختيارهما بالقرعة العلنية.

وأكد "سنوسى"، أن الجمعية أصبحت الهيكل الإداري الذي جرى تحديثه لصورة الكُتاب التقليدي الذى أنشأ منذ أكثر من 150 عاما وتقوم بتنفيذ خطة شاملة لتحفيظ القرآن الكريم ودعم الأنشطة المجتمعية لأهالي القرية حيث جرى إحلال وتطوير المبنى بالجهود الذاتية لرواد الكتاب القديم الذى كان يعرف باسم زاوية الشيخ رضوان، وما زالت أطلاله باقية حتى الآن، وكذلك بمساهمات أهالي القرية.المصريين وهى الكتاتيب.