على خُطى "المطعني".. مافيا الكيانات الوهمية يعود والنقابات تدق ناقوس الحرب (تقرير)

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


يُعتبر حُلمًا لعشرات بل مئات من خريجي كليات الإعلام، أن يصبحوا أعضاءً في نقابتي الصحفيين والإعلاميين، وأن تعترف بهم الدولة كعاملين في المجال لهم حقوقٌ وعليهم واجبات، وذلك بعد محاولات مضنية للعمل بإحدى الصحف الصغيرة أو "مواقع بير السلم" غير المرخصة.


ربما كان شرط نقابتي الصحفيين والإعلاميين بالتعيين قبل الحصول على عضويتهما، هو الحاجز الأول بين أحلام خريجي الإعلام وبين النقابة، وذلك في ظل ظروف قاسية للصحافة في مصر، من غلق لمؤسسات كبرى بسبب خسائر مالية أو لأسباب أخرى، فضلًا عن محاربة الدستور والقانون لمنتحلي الصفة وغير الأعضاء.


بدأت نقابة الصحفيين في محاربة الكيانات الوهمية منذ أكثر من 10 سنوات ماضية، وذلك نظرًا أنها مهنة لا تقتصر فقط على خريجي الإعلام، ولكنها تفتح أبوابها لكل مُبدع، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة في السيطرة، وزاد من أعداد الكيانات الوهمية، التي تهدف إلى الربح، وتبعتها نقابة الإعلاميين منذ تأسيسها في 2016.


أقر الدستور في مادة 77 نقابة مهنية واحدة، تعبر عن المهنة وتنظم عمل وحقوق وواجبات الممتهنين، مما يجعل الكيانات الموازية المستقلة لها، نقابات غير شرعية وغير معترف بها، والتي تنص على: "
ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية، ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية في شؤونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها".


وينظم هذا قانون نقابة الصحفيين 76 لسنة 1970 في مواده
(65)، (103)، (115) المتعلقة بانتحال صفة صحفي، والتي تعاقب بالسجن والغرامة كل من يمارس المهنة دون أن يكون مقيدًا بجداول النقابة.

كما أقرت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في اجتماعها الأخير 15 مارس الماضي، بتكليف مجلس النقابة برئاسة الدكتر ضياء رشوان، بالتصدي إلى الكيانات الموازية، والتي تخالف الدستور والقانون، بهدف "النصـب" على المواطنين وتحقيق الربح المادي.



نقابة موازية لـ"الإعلاميين" ومحضر في قسم شرطة قصر النيل

الزمان أمس 29 أغسطس، المكان مقر نقابة الإعلاميين بجاردن سيتي، عندما توجهت إحدى خريجي كليات الإعلام، تحمل كارنيه باسم نقابة الإعلاميين، وبإمضاء منتحل صفة، يدعي أنه نقيب الإعلاميين، وعلى الفور أمر الدكتور طارق سعدة رئيس اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين، المستشار القانوني للنقابة، بالتوجه إلى قسم قصر النيل؛ لتحرير محضر ضد كيان وهمي يحمل اسم نقابة الإعلاميين، ويقوده شخص يُدعى هاني عمارة ينتحل صفة النقيب.

تم تحرير محضر بالواقعة رقم ٤٠٦٨ لسنة٢٠١٩، مؤكدة أنه جاري تتبع منتحلي الصفة لتقديمهم للنيابة العامة، وأهابت النقابة بالمواطنين، وخاصة من يعملون في المجال الإعلامي أو يريدون العمل، بأن النقابة الرسمية في جمهورية مصر العربية، هي المنشأه بالقانون ٩٣ لسنة ٢٠١٦ وعنوانها ٨ عائشة التيمورية جاردن سيتي القاهرة، مناشدة جموع المواطنين، سرعة الإبلاغ عن أي كيان وهمي، ولأشخاص منتحلي صفة إعلامي.

ليس البلاغ الأول

خاطبت نقابة الإعلاميين، برئاسة الدكتور طارق سعدة رئيس اللجنة التأسيسية، زارة الداخلية؛ لمنع استخراج أي بطاقة رقم قومى أو جوازات لأي شخص يحمل أي كارنيه أو بطاقة عضوية لأي نقابة وهمية.

وقامت النقابة في إبريل الماضي، برفع العديد من القضايا ضد الكيانات الوهمية الموازية لها، وعدد منها منظور الآن أمام القضاء، ووصل عدد تلك الكيانات الى أكثر من 25 نقابة وهمية.

حكاية أول بلاغ لنقابة الصحفيين ضد كيان موازي

بدأت الأزمة في عام 1998، حينما أنشأ حسين المطعني نقابة الصحفيين المستقلة، والذي تم حبسه ثلاث سنوات، وظن البعض يومها أن تجربة النقابات الوهمية الموازية لن تتكرر مرة أخرى، ولكن  كان الأمر في ازدياد.


وقامت حرب شرسة وقتها بين نقابة الصحفيين برئاسة إبراهيم نافع، والصحف الخاصة والقومية، وبين "نقابة المطعني" معتبرين أنها "كيان موازي" مخالف للدستور والقانون، وصلت إلى ساحات القضاء، وانتهت بحبسه.


"الصحفيين" تقود حربًا ضد الكيانات ومنتحلي الصفة

وعلى مدار تلك السنوات قادت نقابة الصحفيين حربًا ضروس ضد الكيانات الوهمية ومنتحلي الصفة، خاصة بعد ثورة 2011 في عهد النقباء يحيى قلاش وعبدالمحسن سلامة وضياء رشوان.


وخاطبت النقابة في 2015، وكانت برئاسة يحيى قلاش آنذاك، الوزارات والجهات الرسمية، بوجود كيانات موازية تتحايل على النقابة، وينتحل أعضاؤها صفة صحفي، وهي غير مرخصة وتخالف القانون، وأشار قلاش، وناشد "قلاش" الوزارات والجهات التنفيذية بإرسال توجيهاتها لجميع الهيئات التابعة لها بعدم منح تلك الكيانات أو من ينتسب إليها، أي تسهيلات باسم صحفيين وأن يكون التعامل المباشر مع النقابة، وعدم اعتماد أي مخاطبات إلا بختم النقابة.

 

وتقدمت نقابة الصحفيين، في 2018، وكانت برئاسة عبدالمحسن سلامة، ببلاغ للنائب العام وحررت محضرًا، ضد "نقابة الصحفيين والقنوات الفضائية" باعتبارها نقابة موازية وغير قانونية، تهدف إلى الربح، عن طريق إعطاء المواطنين كارنيهات تحمل اسم "محرر صحفي" بمقابل مادي كبير، يصل إلى 20 ألف جنيه، مطالبًا بإلقاء القبض على رائد السعيد محمد الشيمي، الذي أنشأ الكيان غير القانوني وإحالته للنيابة العامة.


وبدأ مجلس نقابة الصحفيين الحالي في أول اجتماع له، بمحاربة تلك الكيانات، وكلفجمال عبدالرحيم وكيل أو النقابة بإعداد تقرير كامل عنها، ثم خاطب النقيب ضياء رشوان، وزارة الداخلية، للتعميم على السجلات المدنية، بحظر وضع صفة صحفي بطاقة الرقم القومي، إلا بعد التأكد من ختم نقابة الصحفيين على استمارات البطاقة.



كما خاطب مجلس النقابة المسؤولين والمحافظين؛ لقصر اعتماد الصحفيين على النقابيين، وأكد أن تلك الخطوة مهمة وجادة لمحاربة هذه الكيانات الوهمية، وأن يكون لدى المسؤولين سند نقابي مدعوم بموقف نقابة الصحفيين، وبناءً على طلبها الكيان الشرعي الوحيد المنوط به.

وأعلن عمرو بدر رئيس لجنة الحريات بالنقابة، في تصريح له الشهر الجاري، على إعداده ملف بأسماء شخصيات ونقابات وجمعيات تمارس الصحافة دون وجود علاقة بها، مؤكدًا أن هذه الكيانات تبتز المسؤولين في الأقاليم، وتقوم بالنصب على المواطنين وغيره، مؤكدًا أنه سيقوم بتقديم هذا الملف للنيابة قريبًا.