تعرف على الحكمة من فرض الصلاة

إسلاميات

الصلاة - صورة أرشيفية
الصلاة - صورة أرشيفية


أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بعبادته، وشرع لهم عددًا من أنواع العبادة ليقوموا بذلك، ومن تلك العبادات المشروعة للمسلمين الصلاة، وهي عبادة ذات أقوال وأفعال معينة تفتتح بالتكبير وتختم بالتسليم، وقد أوجب الله سبحانه وتعالى أداء الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل، وصحيح أنها لا تجب على الصبي الصغير إلا أن الواجب على وليه أن يرشده إليها، ويعوّده عليها، ويأمره بأدائها إذا صار عمره سبع سنين، وذلك حتى يعتادها إلى أن يبلغ، وللصلاة فضل عظيم في الإسلام، فهي آكد أركانه بعد ركن الشهادتين، وتعدّ عمادًا للدين، فلا يقوم إلا بها، وهي وسيلة لمحو الخطايا عن الإنسان، وتكفير ما قد يرتكبه من معاصي بينها إذا اجتنب فعل الكبائر، والصلاة هي أول عمل يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت فقد أفلح ونجا، وإن فسدت فقد خسر وخاب.

والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما أخبر الله تعالى في القرآن الكريم حين قال: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).

وقد فرض الله سبحانه وتعالى على المسلم خمس صلوات في اليوم والليلة، وهي صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء، ولكل منها وقت خاص، فصلاة الفجر يبدأ وقتها من طلوع الفجر الثاني إلى الإسفار، وهي ركعتان، أما صلاة الظهر فوقتها يبدأ من زوال الشمس إلى أن يصير ظلّ الشي مثله، ويفضّل تقديم أدائها إلا في شدّة الحر، فيسنّ تأخيرها إلى حين الإبراد، وتصلّى أربع ركعات، وتأتي بعدها صلاة العصر ويبدأ وقتها من صيرورة ظل كل شيء مثله إلى حين اصفرار الشمس، ويسنّ تعجيلها، وتؤدى أربع ركعات، أما وقت صلاة المغرب فيبدأ من غروب الشمس ويستمر إلى مغيب الشفق الأحمر، ويسن تعجيلها كذلك، وهي ثلاث ركعات، والأخيرة منها صلاة العشاء، ويبدأ وقتها من مغيب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، ويسنّ تأخيرها إلى ثلث الليل، وتؤدى أربع ركعات.

الحكمة من فرض الصلاة إن كل ما تأتي به الشريعة الإسلامية من تشريعات وأوامر هو في حقيقته مُحقق لمصالح العباد في الدنيا والآخرة، ومن ذلك الصلاة، فقد أوجبها الله عز وجل على عباده وجعلها محققة لجملة من المصالح للعباد في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بيان جانب من حكمة ذلك:

تحقق الصلاة الغاية الكبرى والحكمة العظمى من خلق هذا الكون وخلق هذه البشرية، كما تحقق السبب الذي أرسل الله تعالى من أجله الرسل وأنزل الكتب، وهي تحقيق العبودية الكاملة لله عز وجل، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)

شعور العبد أنه دائم الارتباط والاتصال بالله تعالى، فلن يذهب أو يأتي إلا وهو مرتبط بهذه العروة الوثقى، فهو عائد إلى ربه في النهاية من كل أحواله، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

الثابت في نصوص الشرع والواضح من واقع الحياة أن أكثر الناس سعادة وأعدلهم في المزاج وأفضلهم صحة هم الصالحون الأتقياء، والصلاة هي أكبر وأعظم باب لتحقيق التقوى والصلاح في نفس الإنسان، فمن أقامهما وحافظ على أركانها وشروطها وواجباتها وأحسن فيها فإنه يكون بذلك في زمرة الأتقياء الصالحين السعداء، قال تعالى موضحًا وعده للمؤمنين بالحياة الطيبة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً).

حياة الإنسان مليئة بالهموم والمنغصات والمكدّرات، وهو محتاج بشكل دائم إلى من يشكو له همومه ويبث له أحزانه، والمسلم دائم الشكوى لله تعالى، والصلاة خير وقت لفعل ذلك، فيخبر الله تعالى بكل ما يشعر به ويعاني منه فيها، لأنه يكون في الصلاة بين يدي الله تعالى، ويكون أقرب ما يكون إليه في سجوده، قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ).

لا تصحّ الصلاة لا بوضوء، بل قد يجب من أجلها الغُسل، كمن كان جُنُبًا وأراد الصلاة فلا بد له من الاغتسال، وقد يكون الغُسل قبل الصلاة مستحبًا أحيانًا كغُسل الجمعة، وهذه الأمور تؤدي إلى طهارة جسم الإنسان وثيابه ومكانه. تنشّط الصلاة جسم الإنسان وتدفع عنه الخمول، خصوصًا إذا أكثر من النوافل وحرص على أداء الصلوات الخمسة في المسجد. للصلاة فوائد اجتماعية على المجتمع المسلم كاملًا، فهي تؤدَّى في المسجد جماعة مما يحقق الألفة والمودة بين المصلين، ويزيد التعارف والتلاقي فيما بينهم. حكم تارك الصلاة تعدّ الصلاة فريضة عظيمة من فرائض الإسلام، فلا يحلّ لمسلم أن يقصّر أو يتهاون فيها، وقد حذّر الله عز وجل في كتابه الكريم من فعل ذلك فقال: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).

والويل الوارد في الآية الكريمة يدل على العذاب الشديد، وقال بعض العلماء إنه اسم لوادٍ في جهنم يسيل من قيح وصديد أهل النار، وقد أجمع فقهاء المسلمين على أن من جحد الصلاة وأنكرها يعد كافرًا مرتدًّا عن الإسلام، فإما أن يتوب وإما أن يقتل لردته عن الدين، وأما من تركها عمدًا لكن دون نكران وجحود وإنما كسلًا من غير عذر، فقد اختلف العلماء في حكمه، فمنهم من ذهب إلى القول بأنه فاسق عاصٍ مرتكب لكبيرة من الكبائر إلا أنه ليس بكافر، ومنهم من قال هو كافر مرتدّ عن ملّة الإسلام، واستدلوا على قولهم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (إنَّ بين الرجلِ وبين الشِّركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ).