باحثة أمنية: لا تسمحوا لقطر بالوساطة بين إيران وأمريكا

عربي ودولي

حسن روحاني
حسن روحاني


في أوج الأزمة بين أغلب دول الخليج وإمارة قطر، تحرص الإمارة الغنية بالغاز على دعم نشاط الدول الداعمة لنظريات الإسلام السياسي، وذهبت إلى حد التحالف مع إيران، لكن هذا التقارب الذي شمل مصالح تجارية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات يبدو على المحك، في ظل الأزمة بين واشنطن وطهران، ما اضطر دويلة الحمدين إلى إجراء محاولات للوساطة بين الطرفين.

 

وكشفت الصحفية والباحثة الأمنية أديل نازريان في مقال لها عبر صحيفة "الجيمينر" أن قطر وإيران، الأولى سنُية والأخرى شيعية، تقعان على جانبي بحر العرب، وبسبب وضعهما الجيولوجي، يشترك الاثنان في أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم.

 

كما تشترك الدولتان في تحالف وثيق منذ سنوات، لكن علاقتهما أصبحت أكثر قربًا منذ مقاطعة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية، مع الدوحة بسبب دعمها للإرهاب والجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين.

 

 لكن في الوقت نفسه، بدأت إدارة ترامب في التخلّي عن الاتفاق النووي الإيراني المعيب الذي تفاوض عليه أوباما، ليقرر الرئيس الأمريكي تطبيق حملة "الضغط الأقصى" للعقوبات الاقتصادية لإجبار إيران على التوقف عن ارتكاب أعمال عنف في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط.

 

 من جهتهم، سعى القطريون، المتضررون اقتصاديًا ورغم ذلك مستمرون في دعمهم لجماعة الإخوان المسلمين، إلى التقرب من الولايات المتحدة بأن يصبحوا القناة بين إدارة ترامب مع إيران، كما فعلوا مع إدارة أوباما في أفغانستان.

 

 ونقلت "الجيمنير" عن صحيفة القبس الكويتية قولها إن "قطر في وضع يسمح لها بالوساطة وتنفيذ هذه المهمة، لما لها من علاقة كبيرة مع الولايات المتحدة من جهة ومن ناحية أخرى، مع إيران، بفضل موقعها الجغرافي".

 

 

 

وكان الملحق الإعلامي لدولة قطر، جاسم بن منصور آل ثاني، كشف نية دويلته في الآونة الأخيرةن عندما أعلن: "عرضنا العمل كوسيط مستقل ونزيه إذا قررت إيران والولايات المتحدة الحضور إلى طاولة المفاوضات".

 

وفي الآونة الأخيرة، أجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني مكالمة هاتفية مع أمير الدولة الخليجية، تميم بن حمد آل ثاني، بينما قام جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، برحلة قصيرة عبر الخليج إلى الدوحة للقاء مسؤولين قطريين.

 

يشير التقرير إلى أن تفويض قطر بحل مشاكل أمريكا الأكثر إلحاحًا في الشرق الأوسط يبدو أكذوبة، إذ أن التزام قطر الأيديولوجي بالإسلام السياسي العنيف يجعلها وسيط غير جدير بالثقة.

 

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية بالتحديد، رفضت قطر تغيير سلوكها الخبيث فيما يتعلق بالعمل على زعزعة استقرار أنظمة حلفاء أمريكا القدامى في المنطقة، في حين أن دعم قطر للإرهاب، من خلال حماس، وقرارها الواعي بالترويج لجماعة الإخوان، يجب أن يكون كافيًا بحد ذاته لمنعها من التوسط بين إيران والولايات المتحدة، كما أن هناك مجموعة من الأسباب الأخرى لعدم قيام الدولة الخليجية الغنية بهذا الدور.

 

ويقول ماثيو برودسكي، زميل بارز في مجموعة الدراسات الأمنية إن قطر تلعب على الجانبين، ففكرة وجود أي شخص بين الولايات المتحدة وإيران هي مشكلة، لأن القرار حقًا يتعلق بما تقرره طهران لنفسها.

 

وأضاف: "يمكن لإيران إما العودة إلى الاتفاق النووي؛ للتفاوض على اتفاق جديد وأكثر توسعية وهو هدف إدارة ترامب، أو لمواصلة اللعبة التي يلعبونها حاليًا، والتي ستنتهي بشكل سيء بالنسبة لهم".

 

 

 

وفي الأشهر القليلة الماضية، احتلت قطر عناوين الصحف الدولية حول دورها في التخطيط لهجوم إرهابي في الصومال وتنفيذه، فضلا عن تمويلها المزعوم للإرهابيين الإسلاميين للقتال إلى جانب القوات الموالية للنظام في ليبيا، حيث سبق وهدد الجيش الوطني الليبي بمعاقبة قطر لدورها الإرهابي في ليبيا والمنطقة ككل.

 

ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق هو القلق الأمني المتمثل في السماح للدوحة باستضافة كأس العالم 2022، خاصة مع كونها موطنًا لواعظ كراهية إسلامية متطرف ومؤثر مثل يوسف القرضاوي، الذي يتم الترويج له في جميع أنحاء العالم باستخدام الجزيرة القطرية.

 

ففي خطبة ألقاها عام 2009 على قناة الجزيرة، دعا القرضاوي إلى محرقة إسلامية ضد اليهود قائلا: "عبر التاريخ، فرض الله على [اليهود] الأشخاص الذين يعاقبونهم بسبب فسادهم. العقوبة الأخيرة نفذها هتلر".

 

 وفي مايو الماضي، شدد السفير القطري ورئيس اللجنة الوطنية لإعادة إعمار قطاع غزة، السفير محمد العمادي، على علاقة الدوحة "الخاصة بالجهاد الإسلامي الفلسطيني وحماس".

 

 يبين تقرير "الجيمينير" أن قطر أنفقت مليارات الدولارات في الولايات المتحدة الأمريكية، وكلها جزء من "حرب النفوذ" الضخمة على الرأي العام والنخبة الأمريكية.

 

ورغم دعوات خبراء أمنيين بارزين وأعضاء في الكونغرس لتعزيز الشفافية بشأن التمويل الأجنبي واتجاه شبكة أخبار الجزيرة الحكومية في قطر - بما في ذلك التطبيق الأفضل لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA)، لكن ما زالت آلة الحرب السياسية في قطر تواصل محاربة أعدائها في واشنطن.

 

 ومع ذلك، فالتوسط في الصراع بين الولايات المتحدة وإيران ربما لا يزال مسعى جدير بالاهتمام، لكن الكويت وعمان، وهما دولتان محايدتان، أفضل للتضطلع بهذا الدور الحاسم والمحوري.

 

أما إذا تم السماح لقطر بالوساطة بصفتها الرسمية بين أمريكا وإيران، فمن المؤكد أنها ستقضي لصالح إيران، لكن على العكس فالدول الأخرى ليست مسؤولة عن نشر الإسلاموية في جميع أنحاء المنطقة والعالم.