طارق الشناوي يكتب: من "المطيباتي" إلى "المطبلاتي"!

الفجر الفني

منيرة المهدية
منيرة المهدية


هل أنت من هواة الغناء القديم؟ أعلم أن الأمر نسبى، ومن الممكن أن يصبح تعبيرا قديما يعنى عندك عبدالحليم وشادية ونجاة مثلا، ليس هذا ما أقصده، ولكن الموغل فى القدم، مثل منيرة المهدية وصالح عبدالحى ومحمود صُبح ومحمد عبدالوهاب وغيرهم، طبعا أتحدث عن عبدالوهاب (القديم) وذلك قبل الأربعينيات، حيث إنه فى النصف قرن الأخير من حياته، ولد موسيقيا عبدالوهاب (الجديد).

تابع مثلا منيرة المهدية وهى تغنى (أسمر ملك روحى/ يا حبيبى تعالى بالعجل) والكلمة الأخيرة حتى ينضبط المعنى تعنى السرعة.

ستسمع صوتا يقول بكل صدق (الله الله ياست منيرة) وأحيانا حاف (الله يا منيرة) ولو استعدت أغنية قديمة لمحمد عبدالوهاب (الله يا محمد) توقيت المطيباتى فى توجيه الثناء إلى المطرب، ليس عشوائيا، فهو منضبط تماما مع إحساسك، أى أنك فى نفس اللحظة تهتف معه (الله يا منيرة، الله يا محمد).

المطيباتى يتقاضى أجرا مقابل (صهللة) الليلة الغنائية، التى تم تسجيلها على أسطوانة، فتنتقل حالة الانتشاء لجمهور المستمعين، ظهرت تنويعة أخرى فى حفلات الأعراس الشعبية، وهو (النوباطشى) والمنوط به شعللة الليلة بحضوره الطاغى، وقدرته على تقديم نمر الحفل، وحث المعازيم على دفع النقطة.

نعيش فى العديد من قنواتنا التليفزيونية زمن المطبلاتى، الذى يصفق لكل ما يصدر عن الدولة، حائلا دون الانصات لأى صوت آخر، سوف تستمع كثيرا إلى من يردد أنه يحرص على أن يقدم الرأى والرأى الآخر،، بينما الرأى هو بالضبط الرأى الآخر، (أحمد هو الحاج أحمد) مقدمو تلك البرامج يعتقدون أن سر السماح لهم بالتواجد فى صدارة المشهد، هو تحقيقهم لدرجة الولاء المطلق، انتفت أى مساحة من المشاغبة، كل شىء صار معلبا، الضيوف هم من حصلوا مسبقا على ضوء أخضر، القضايا مهما بلغت سخونتها مستبعدة، إلا فقط فى إطار (الباترون) المتفق عليه سلفا، يتم عمدا ومع سبق الإصرار تجاهل العديد من القضايا الساخنة والملحة والتى هى حديث الشارع، هناك توجه يعتقد خطأ أن عدم إثارة قضية ما، سوف يفقدها مع الزمن أهميتها، وستموت مع الأيام، فى الماضى كان ذلك ممكنا، لأن كل شىء فى نهاية الأمر كان يمر عبر مصفاة ضاقت تماما ثقوبها فلا تسمح بشىء، انتفى كل ذلك مع الألفية الثالثة، قانون الفضائيات أسقط نهائيا القدرة على السيطرة التى كانت ممكنة فى عهد التليفزيون الأرضى، كل شىء تغير، ورغم ذلك بدأ يتسلل للشاشات المطبلاتى والمطبلاتية، هم يزايدون على ما يعتقدون أنه توجه الدولة الرسمى، المذيعة ريهام سعيد وهى حاليا فى البؤرة كنموذج صارخ، لو استرجعت ما أعلنته ضد البدناء، ستجدها وقد حرصت على أن تضع اسم الرئيس فى دعوته للحفاظ على الأجساد من الترهل، هى أرادت أن تتطرف فى تأكيد الولاء فانتقلت برعونة وغشومية للجانب الآخر تماما، عما قصده الرئيس.

هى حاليا تراهن على أن الزمن كفيل بإنهاء الأزمة، وستهدأ موجة الغضب وتعود بعدها (ريما لطبلتها القديمة).

المطيباتى فى الماضى كان يدرك اللحظة التى يقول فيها (الله يا منيرة، الله يا محمد) بينما المطبلاتى هذه الأيام، يرفع دائما من صوت الطبلة، حتى عندما يصبح الصمت هو العنوان!