القوات السورية تتوغل في شمال خان شيخون وتقطع الطريق على القوات التركية

عربي ودولي

بوابة الفجر


حققت قوات النظام السوري أمس الإثنين، مزيداً من التقدم في شمال مدينة خان شيخون في إدلب، وسيطرت على جزء من طريق دولي سريع، ما من شأنه أن يمنع رتل التعزيزات التركي الذي دخل المنطقة من بلوغ وجهته.

وكانت أنقرة أعلنت عن تعرض رتل عسكري أرسلته الأحد، إلى جنوب إدلب إلى غارة جوية بعد دخول قوات النظام الأطراف الشمالية الغربية لخان شيخون.

ويمر في خان شيخون، كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، وفي بلدات مجاورة جزء من طريق استراتيجي سريع يربط مدينة حلب بدمشق، ويقول محللون إن النظام يريد استكمال سيطرته عليه.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان مساء الأحد بتقدم قوات النظام شمال خان شيخون، لتقطع بذلك الطريق الدولي الذي يربط ريف إدلب الجنوبي بريف حماة الشمالي، أين توجد أكبر نقاط المراقبة التركية في بلدة مورك.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "طريق الرتل التركي إلى مورك باتت مقطوعة"، وشوهد الرتل المؤلف من قرابة 50 آلية من مصفحات، وناقلات جند، وعربات لوجستية إضافةً إلى 5 دبابات على الأقل، متوقفاً على الطريق الدولي في قرية معر حطاط شمال خان شيخون.

وأفاد عبد الرحمن بقصف عنيف بالطائرات الحربية والراجمات ورشاشات المروحيات لمناطق قريبة، وأدانت وزارة الدفاع التركية "بشدة" تعرض رتلها لغارة جوية أثناء توجهه إلى ريف إدلب الجنوبي، في طريقه إلى مورك.
وأوردت أنه "رغم التحذيرات المتكررة التي وجهناها إلى سلطات روسيا الاتحادية، تستمر العمليات العسكرية لقوات النظام في منطقة إدلب في انتهاك للمذكرات والاتفاقات القائمة مع روسيا".

وحسب المرصد، استهدفت طائرة روسية صباحاً شاحنة صغيرة تابعة للفصائل المعارضة كانت تستطلع الطريق أمام الرتل التركي عند الأطراف الشمالية لمعرة النعمان، ما تسبب بمقتل 3 مقاتلين مدعومين من أنقرة.

وكان المرصد أفاد في وقت سابق بمقتل مقاتل واحد، ولدى وصول الرتل إلى وسط معرة النعمان، شمال خان شيخون، أغارت طائرات سورية وأخرى روسية على أطراف المدينة في محاولة لمنع الرتل من التقدم.

وقال المرصد إن "رتل القوات التركية لا يزال متوقفاً على أطراف أوتوستراد دمشق-حلب الدولي داخل قرية معر حطاط بريف إدلب الجنوبي دون التحرك نتيجة القصف الصاروخي المكثف الذي يطال محيط منطقة وجود الرتل، بالإضافة لقصف جوي روسي وسوري لمحيط المنطقة أيضاً".

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عند لقائه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في فرنسا، أنه من الملح التقيد بوقف إطلاق النار في إدلب، وقال في هذا الاطار: "أعرب عن القلق البالغ من الوضع في إدلب، فسكانها يعيشون تحت القصف، والأطفال يُقتلون، من الملح للغاية التقيد بوقف إطلاق النار الذي  اتفق عليه في سوتشي".

ولم يتأخر رد الرئيس الروسي الذي قال أمام ماكرون: "ندعم جهود الجيش السوري لوضع حد لهذه التهديدات الإرهابية"، مضيفاً "لم نقل أبداً أن الإرهابيين في إدلب، سيشعرون بالراحة".

وأثار وصول هذه التعزيزات غضب دمشق، ونددت وزارة الخارجية السورية على لسان مصدر رسمي، بدخول "آليات تركية محملة بالذخائر في طريقها إلى خان شيخون لنجدة الإرهابيين المهزومين من جبهة النصرة".

وجاء دخول التعزيزات غداة تمكن قوات النظام وبإسناد جوي روسي من دخول الأطراف الشمالية الغربية لخان شيخون، التي من شأن استكمال السيطرة عليها، أن يؤدي إلى حصار ريف حماة الشمالي المجاور.

ورغم أنها مشمولة باتفاق روسي تركي لخفض التصعيد وإنشاء منطقة منزوعة السلاح، تتعرض مناطق في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة منذ نهاية أبريل الماضي، لقصف شبه يومي من قوات النظام وحليفتها روسيا، وبدأت قوات النظام في 8 أغسطس الجاري التقدم ميدانياً في ريف إدلب الجنوبي.

وتسيطر هيئة تحرير الشام جبهة النصرة سابقاً، على غالبية محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات المجاورة لها، كما تنتشر فيها فصائل أخرى معارضة وإسلامية أقل نفوذاً.

وتحاول قوات النظام التقدم في خان شيخون، أين تخوض معارك عنيفة ضد الفصائل عند أطرافها الشمالية الغربية من جهة والشرقية من جهة ثانية.

وإلى جانب استعادة الجزء الأخير من الطريق الدولي الذي يمر عبر إدلب، تحاول قوات النظام وفق المرصد فرض حصار مطبق على ريف حماة الشمالي عبر تقدمها إلى خان شيخون من جهة الشرق.

واتهم المتحدث باسم فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" التي تنضوي الفصائل المعارضة في المنطقة في إطارها، روسيا حليفة دمشق، ناجي مصطفى، باتباع سياسة الأرض المحروقة للسيطرة على خان شيخون وريف حماة الشمالي باستخدام ترسانتها من الطائرات الحربية والمدفعية والقذائف.

وأشار إلى معارك عنيفة تدور عند تلة تل ترعي الاستراتيجية شرق خان شيخون، التي تحاول قوات النظام السيطرة عليها تحت "الكثافة النارية الروسية"، وخلال سنوات النزاع، اتبعت قوات النظام بدعم روسي استراتيجية القضم التدريجي لمعاقل الفصائل المعارضة تمهيداً للسيطرة عليها.

ويقضي اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه روسيا وتركيا في سبتمبر2018، بإقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل، وبسحب الفصائل المعارضة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة وانسحاب المجموعات المتطرفة من المنطقة، لكن، وإن كان أدى إلى تراجع في وتيرة العنف لبعض الوقت، فإن الاتفاق لم يُنفذ.

ويرجح الباحث في مركز عمران للدراسات ومقره إسطنبول نوار أوليفر، أن تكون التطورات الميدانية الأخيرة في خان شيخون، مرتبطة بخلاف بين عرابي الاتفاق، ويرى أن إرسال تركيا تعزيزات عسكرية ينطلق من رفضها لتهديد أمن عسكرييها أو أن يصبح مصيرهم تحت رحمة النظام وروسيا، ما يوحي بوجود قرار تركي بحماية خان شيخون.

وتنشر تركيا العديد من نقاط المراقبة في إدلب ومحيطها، تنفيذاً لاتفاقات بينها وبين روسيا آخرها سوتشي، وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبّب منذ اندلاعه في 2011 في مقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية، وأدى الى نزوح، وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.