أمينة خيري تكتب: قرارات العيد

الفجر الفني

أمينة خيري
أمينة خيري


مع نسائم أول اليوم العيد لا يسعنا سوى بث التهانى ونشر الأمانى. وكعادة كل عيد حيث إطلاق العنان للأمنيات، أقول إن غاية المنى والأمل أن يأتينا العيد المقبل وقد أيقنّا أن مصر لن تنهض وحياتنا لن تتحسن ومستقبل أبنائنا لن يزدهر إلا إذا واجهنا أنفسنا مواجهة صريحة لا مجال للتمويه أو التدليس فيها.

 

نتمنى أن نكون أكثر جرأة وشجاعة، وننظر فى مرآتنا ونرى ما آلت إليه أحوالنا. أصبحنا أكثر قدرة على النقد والتحليل والمطالبة بالحقوق والسخرية من الآخرين، لكن هل أسفرت هذه المحصلة النهائية لهذه القدرات المكتسبة عن نتائج ملموسة لديها القدرة على تحسين حياتنا؟، أم حدث العكس؟.

 

وعكس ما يعتقد البعض من أن هذه الكلمات تعنى إيقاف النقد والاعتراض، فإن علينا أن نُكلِّل هذه القدرات الناقدة النافذة بقدرات أخرى تفعيلية تترجم النقد والسخرية إلى فعل يصب فى مصلحة الغالبية.

 

الغالبية تجد نفسها فى هذه الأيام المفترجة فى أمَسّ الحاجة لالتقاط الأنفاس واسترجاع الطاقات المستنفدة فى هرى لا طائل منه طيلة ساعات الليل والنهار. يحرقون مدينتنا لينزحوا إلى مدينتهم، جنيفر لوبيز ترتدى ملابس غير لائقة، الإقامة فى فندق فى العلمين بمليون جنيه، سيبيعون الجنسية المصرية، سيتنازلون عن سيناء للفلسطينيين، محمد صلاح تبرع بملايين الجنيهات لمعهد الأورام، محمد صلاح لم يتبرع، فستان رانيا يوسف كان ببطانة واترفعت، لم يكن ببطانة أصلًا، شيرين رضا قالت إن الأضحية التى تأكل القمامة مثلها مثل الخنزير، لا لم تقل، والقوائم تتجدد بينما نتكلم.

 

كلامنا- من النوعية المذكورة- لا ينتهى. يستهلك حياتنا وجهدنا وطاقتنا. يفرق بيننا ولا يجمعنا. يشتت تركيزنا. يمعن فى دق الفتنة بيننا. ويعمل على إضافة مكون التفاهة والسطحية على حساب العمق والمعنى.

 

ومع أمنيات المعنى، أتمنى أن نعيد التفكير فى دور الدين فى حياتنا، وهل الغرض منه الترهيب والتعقيد والإلهاء؟، أم أن الدين- أى دين- جاء لتنظيم الحياة وتيسيرها ووضع إطار أخلاقى وسلوكى للبشر يرفع من قيمة آدميتهم ويرجح كفة العقل على حساب الخرافة؟.

 

خرافة أن هناك ولو ذرة خير من وراء الإبقاء على تجار الدين بأنواعهم وأشكالهم فى صدارة المشهد مفيدة أو مطلوبة منتشرة بين البعض هذه الأيام. وحين تتزامن هذه الأيام المباركة وخبر عودة شخص مثل ياسر برهامى إلى المنبر يتوجب علينا تذكر ما قاله عن «بطوط» وحرمانية وجوده فى البيت، ومنع تبادل القبلات بين الأصدقاء من الرجال، وجواز بيع السلع بأضعاف أسعارها فى الأماكن البعيدة، وحرمانية استخدام بطاقات الائتمان وغيرها من الأحكام والفتاوى التى ستُقال على المنبر نهارًا جهارًا بدلًا من بثها وغيرها من السموم فى الخفاء.

 

نتمنى أن يكون عيدنا- شعبًا وحكومة ورئيسًا- فرصة للهدوء وإعادة التفكير واتخاذ قرارات سليمة من شأنها أن تجعل العيد المقبل ألطف وأحَنّ وأكثر قدرة على دفعنا إلى الأمام.

 

المقال نقلا عن "المصري اليوم"