رغم اعتراف ضابط «موساد» بمحاولة اغتياله مرتين.. تل أبيب: لم نقتل «ناصر».. حاولنا علاجه من السكر ورفض

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


رغم مرور نصف قرن تقريبا على وفاته، ما زال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يمثل صداعا كبيرا فى رأس إسرائيل وصناع القرار فيها، حتى وإن اختلفت الأجيال.

وإلى الآن، تسعى تل أبيب بكل الطرق، لتحسين صورتها القبيحة، التى ارتبطت فى أذهان العرب عموما والمصريين بشكل خاص، خاصة بعدما فضح الزعيم المصرى فى أكثر من مناسبة جرائمهم وزيف ادعاءاهم بالبحث عن السلام فى منطقة الشرق الأوسط.

لذا، اعتمدت إسرائيل بعد ثورات الربيع العربى، على نشر أكاذيب تاريخية، بهدف تلميع صورتها، والتأكيد على أن كل ما قيل عنها فى السابق من الأنظمة العربية، خاصة نظام عبد الناصر، لا أساس له من الصحة.

وفى سبيل ذلك، نشر موقع «نيوز وان» العبرى، مؤخرا، تقريراً عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وشدد بشكل مباشر، على تفنيد الرواية التى أعلن عنها الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل، إذ اتهم فيها صراحة المخابرات الإسرائيلية بالوقوف وراء موت «ناصر»، بعدما اهتدى جهاز المخابرات الإسرائيلى «موساد» لفكرة أن ضمان بقاء إسرائيل مرتبط بقتل الرئيس المصرى.

وحرص الموقع الإسرائيلى على نفى ذلك بشدة، مؤكدا أن وفاة عبد الناصر كانت طبيعية، ونتيجة لإصابته بمرض السكر فى سن مبكرة، وكيف كان يخضع لإشراف بعض الأطباء الروس، إلا أنهم، ورغم ما امتلكوه من تكنولوجيا طبية آنذاك، عجزوا عن إيجاد علاج لهذا المرض، الذى كان سببا رئيسيا فى وفاة الزعيم الراحل.

وزعم التقرير أيضا، أنه لو تم علاج عبد الناصر على أيدى أطباء إسرائيليين، لكان شفى تماماً من المرض، مستشهدا بتأكيد أحد الأطباء المتخصصين فى المركز الطبى «هداسا عين كيرم» بالقدس على ذلك، استناداً على بعض الشائعات التى انتشرت بعد وفاة عبد الناصر، مثل أن «الموساد» عرض عليه تلقى العلاج تحت إشراف أطباء إسرائيليين، لكنه رفض .

محاولات تل أبيب لإظهار أن العلاقة بعبد الناصر، كانت عادية، وصلت إلى حد عرض تقديم العلاج له، ما يعنى أن خلافه معها لم يكن سوى اختلاف فى وجهات النظر، وتم تضخيم كراهيته لإسرائيل من قبل وسائل الإعلام.

ليس ذلك فحسب، بل زعم تقرير آخر، تم نشره فى أواخر عام 2011، أن الترزى الخاص بالزعيم الراحل كان يهوديا، بحسب ما أكده نجله الذى يُدعى «يوسف جاؤون» لأحد الصحفيين الإسرائيليين، مدعيا أن والده كان يفصل كل البدل التى ارتداها «ناصر»، ورغم ذلك، لم يفكر الرئيس المصرى يوماً فى طرد والده من العمل، لكونه يهودياً.

مغالطة تاريخية أخرى، ذكرها مؤلف إسرائيلى يُدعى «إيجال كيبينس»، فى كتاب «1973»، عن الفرص التى أهدرتها إسرائيل للسلام مع مصر فى عهد الرئيس عبدالناصر، زاعما أن «ناصر» أرسل رسالة ودية لرئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك، موشيه شاريت، بعد حرب 1956، طالبه خلالها بحل النزاع بين مصر وإسرائيل بالطرق السلمية، إلا أن تل أبيب اشترطت السماح للسفن الإسرائيلية بعبور قناة السويس، وعدم إعدام أى فرد من أفراد عملية «لافون»، كشرط لإتمام ذلك .

كل ما سبق من الروايات الإسرائيلية الكاذبة، عن علاقة عبد الناصر الطيبة بإسرائيل، تنفيها رواية «مايك هرارى»، رجل الموساد الذى سبق أن شغل منصب قائد شعبة العمليات الخاصة «قيصيريا»، والمؤسس لوحدة الاغتيالات «كيدون»، داخل جهاز المخابرات الإسرائيلى «موساد»، بعدما أكد شروع إسرائيل فى محاولة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر مرتين، عامى 1960 و1970 .

وكتبت صحيفة معاريف العبرية، قبل 3 سنوات، على لسان «هرارى»، أن عملاء الموساد فى الخارج كانوا قريبين للغاية عام 1960 من اغتيال شخصية كبرى ذات مكانة مرموقة فى العالم العربى، ووقتها كانت تمثل هذه الشخصية تهديداً حقيقياً على أمن الدولة العبرية، وقدر مسئولو «الموساد» الحاليين، أنه لو كانت عملية الاغتيال قد كُتب لها النجاح، لكانت قد أحدثت تغييراً للأفضل بالنسبة لإسرائيل .

واستعاد ضابط «الموساد» السابق ذكرياته عن تلك الفترة، قائلا: تبنى هذه العملية بشكل شخصى رئيس جهاز الموساد آنذاك إيسار هرئيل، الذى استدعانى إلى مكتبه، وأكد لى نصاً أن هذه العملية شديدة الخصوصية وخطيرة للغاية، ونرغب فى تنفيذها داخل دولة مستهدفة من جانبنا، تمثل تهديداً حقيقياً على أمن الدولة العبرية.

وتابع: علمت أن الهدف هو اغتيال زعيم، تمثل بلاده تهديدا متواصلا للغاية على أمن ووجود إسرائيل، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يثار فيها اسم الشخصية المراد اغتيالها، بل إن الموساد حاول اغتياله أكثر من مرة من قبل.

ما يدعم حقيقة أن الشخصية التى حاول جهاز المخابرات الإسرائيلى «موساد» اغتيالها أكثر من مرة هو الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، اعتراف مايك هرارى نفسه، عندما أكد أنه فى أعقاب تنفيذ عملية التدريب الأخيرة للاغتيال، ماتت الشخصية التى أراد «الموساد» قتلها، موتة طبيعية وعلى فراشها، وهو ما تحقق بالفعل، إذ توفى الرئيس عبد الناصر يوم 28 سبتمبر عام 1970.