مقتل حمزة بن لادن و«سرطان الظواهرى» وانهيار أيقونة «شيخ محمد» تضع مستقبلها على كف عفريت

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


فى غمضة عين اختفى الملهم الأول الجديد للقاعدة، وتصاعد الغموض بشأن الحالة الصحية لرأس التنظيم، بينما أُهيل التراب على سيرة أحد أهم رجال وتلامذة أسامة بن لادن، وهو أيضًا أحد نجوم 11 سبتمبر الكبار، وذلك على خلفية رغبته فى إنقاذ رقبته من الإعدام ولو بالتعاون مع واشنطن ووضع يده فى يدها، وهى التى كانت يومًا ما الشيطان الأعظم فى قناعته الراسخة.

المخابرات الباكستانية اعتبرت بن لادن الصغير جاسوسًا إيرانيًا.. و«المصرى» و«سيف العدل» و«المكى» أبرز المرشحين لزعامة القاعدة

القاعدة فى ورطة شديدة وفريدة فى آن واحد.. ومستقبل القيادة المركزية للتنظيم أصبح على كف عفريت، فلو صحت الأنباء المتواترة عن مقتل حمزة بن لادن، رسول الإلهام والإنقاذ لجيل جديد من القاعديين الشباب أو من العائدين من المفرمة الداعشية، فإن كل طموحات استعادة سطوة الكيان المركزى لرجال أسامة، بعد سنوات من الضعف والانزواء لصالح أبو بكر البغدادى وخلافته وأنصاره، ربما قد أصبحت مجرد أحلام تبخرت، أو ذهبت أدراج الرياح.

ورغم كل آيات الضعف التى بدا عليها خليفة بن لادن الأب على عرش القاعدة، أيمن الظواهرى، طيلة السنوات الثمانى الأخيرة، إلا أن وجوده أنفع من عدمه فى كل الأحوال، وبالتالى فإن احتمالية إصابته بمرض قلبى خطير أو بسرطان الكبد، بما يوحى بأن وفاة وشيكة محتملة تنتظره، حسب ما تردد على لسان مسئولين وتقارير دولية خلال الساعات القليلة الماضية، ستؤثر بلا شك على كل خطط عودة القاعدة كزعيم أكبر لحركة الجهاد الدينى المسلح فى العالم.

فالتنظيم كان يتعكز مداريًا ضعفه على عصا هشة، مفادها أن بقاء مفاتيح التنظيم فى يد أهم وأقرب رفيق لبن لادن الكبير ضمان لا يمكن الاستهانة بها لبقائه على قيد الحياة.

أما خالد شيخ محمد، فقصته وتوقيتها لن يعودا على التنظيم إلا بمزيد من التشكيك فى جدوى صلابته، فالعقل المدبر لهجمات سبتمبر 2011، ومن كان يضرب به المثل فى التضحية والجلد والثبات على القضية والمبدأ، اختار فجأة وبلا مقدمات طريق النجاة عبر التفاهم مع عدوه القديم، واشنطن، على حساب دولة عربية وإسلامية، هى السعودية.. فتبرعه بالرغبة فى الشهادة ضد الرياض وإثبات تورطها فى تمويل ضرب برجى التجارة العالميين بنيويورك عام 2001، بما يساعد أهل الضحايا على نيل ملايين الملايين من الدولارات كتعويضات، مقابل فراره من حبل المشنقة، عكست ذلك الضعف الكبير الذى أصبحت عليه الرموز الملهمة.

وعلى ذلك، وحرفيًا، أصبح مستقبل القاعدة فى مهب الريح، فبن لادن الصغير كان الحل السحرى للظواهرى ورجاله لاستعادة الألق وآيات الجذب بالتوازى مع انهيار خلافة داعش وولاياته من سوريا والعراق إلى ليبيا.. كان يناديه الحبيب ابن الحبيب، والأهم بـ«الأسد ابن الأسد»..حمزة نفسه وخاصة بعد مقتل شقيقه سعد الذى لقى حتفه فى هجوم بطائرة بدون طيار عام 2009، كان يتعامل على أنه الوريث الشرعى لتنظيم القاعدة وباعثه الجديد وأيقونته التى جاءت من بعيد لإنقاذه واستعادة سطوته.

على مدار السنوات الثلاث الماضية، ظهر نجل بن لادن بالرسائل المتضمنة سيلا من التصريحات عن مختلف القضايا: من الحرب فى سوريا إلى زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية. ومن ثم أثار ظهوره المتكرر تكهنات بأن الشبكة الإرهابية أرادت أن تصنع لنفسها وجهًا جديدًا لمشروعها الإرهابى يعكس المستقبل.

لكنه اختفى مجدداً منذ مارس 2018، ولم يخرج فى أى تسجيل مصور أو صوتى جديد، قبل أن تتردد أنباء أمريكية تشير إلى مقتله المرجح خلال السنتين الماضيتين، وعلى الأرجح حينما كان يبحث عن ملآذ آمن على الحدود الأفغانية الباكستانية، ومن ثم تضيع نبوءة عميل الاستخبارات الأمريكية السابق، اللبنانى على صوفان، الذى توقع ذاته مرة أن بن لادن الصغير «قد يعيش طويلا بما يكفى ليفعل ما فعله والده؟».

كان من المفترض أن يحافظ حمزة بن لادن على العلامة التجارية لتنظيم القاعدة.. مع وفاته تنتهى أسطورة عشيرة أسامة بن لادن الإرهابية بشكل شبه تام.

لقد كان البعض يتعامل مع حمزة على مضض من الأساس، وأحيانًا فقط لأنه نجل بن لادن، وبالتالى تحصل على احترام العديد من رفاقه السابقين فى أفغانستان، ومع ذلك كان يواجه مشاكل عدة تتعلق بمصداقيته، وعلى عكس الأب لم يثق حراس الأمن الباكستانيون فى بن لادن الشاب، فقد عاش فى إيران الشيعية لبعض الوقت، ما جعله محل ريبة، كما أن والدته خيرية صابر تنقلت مرارا وتكرارا بين إيران وباكستان، وعليه كان يشتبه عملاء المخابرات الباكستانية أن عملاء إيرانيين ربما يتتبعون خطواتهم.

الباكستانيون كانوا يتشككون فى أن حمزة هو مجرد عميل إيرانى نفخت طهران فيه وحولته لزعيم ملهم لتحقيق مصالحها الخاصة.

لقد ظل حمزة بالنسبة لتنظيم القاعدة وجه علاقات عامة (دعائى)، وقال عن نفسه إنه جهادى متعطش، وكان متورطًا فى مناظرات عسكرية وأيديولوجية لا أول ولا آخر لها، ويبدو أن هذا جلب له التعاطف فى مجتمع القاعدة، وهو ما سيتبدد على الأرجح لو كان قد قتل حقًا..

أما الظواهرى فلو صحت أنباء مرضه، فقد أصبح تقريبًا خارج حسابات التأثير والقوة فى التنظيم، هو من الأساس يفتقد للكاريزما والإلهام، وها هو الآن يفتقد إلى العافية المطلوبة للتخفى والقيادة من قلب الكهوف ووسط دروب الجبال.

وكانت قناة cnn الأمريكية قد نقلت عن مسئول دولى كبير مشارك فى الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، أن يكون الظواهرى، صاحب الـ 68 عامًا، مصابًا بمرض خطير «ما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن خطط التعاقب القيادى على المدى الطويل للقاعدة».

كما تمت الإشارة إلى صحة الظواهرى المتدهورة والسيئة فى تقرير مراقبة للأمم المتحدة، «تم توزيعه هذا الصيف على مجلس الأمن، نقلا عن معلومات دولة عضو»، وفق القناة الأمريكية أيضًا.

والآن من يقود القاعدة حال اختفاء الظواهرى وحمزة بن لادن، وانتكاسات الأيقونات على طريقة خالد شيخ محمد.. والسؤال الأهم هل لدى أحد القدرة على انتشال التنظيم من ركام السقطات المتتالية فى المستقبل القريب؟.

هناك اسمان تذهب إليهما بورصة الترشيحات فى هذا الشأن، هما: والد زوجة حمزة بن لادن، أبو محمد المصرى «الزيات»، وسيف العدل، أو محمد صلاح الدين زيدان، «المسئول العسكرى الصلد للقاعدة.

غير أن اسمًا ثالثًا غامضًا ومجهولًا بالكلية ظهر فجأة على السطح حسب بعض الدوائر الأمنية الغربية، وقد أصبح مرشحًا لقيادة التنظيم أيضًا، وهو قائد العمليات الميدانية، السعودى إبراهيم المكى.