المهندس على زهران.. صوت من "مارينا" يكتب لـ"الفجر": قبل خراب "مارينا"

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


أظهرت الدولة المصرية بحسم وإصرار عزمها على تحقيق مزيد من التنمية لمنطقة الساحل الشمالى وزيادة نسبة الإشغال فيها لتصبح طيلة العام بدلاً من موسم الصيف فقط.

واقتحمت الدولة الواقع فعلاً بكل قوة وهو ما يؤيده سكان مارينا ويتمنونه وبعضهم ومنهم كاتب هذه السطور قدم منذ سنوات طويلة دراسات واجتهادات فكرية فى هذا الإطار، كما قام بعض هؤلاء السكان بتحركات ومبادرات فى هذا الاتجاه.

المحزن أن بعض أصحاب النفوذ استغلوا توجه الدولة وانحرفوا به بشكل مذهل بعيداً عن هدفه باستخدام قدرتهم على تستيف الأوراق والمستندات والتلفيق على حساب الحقائق أو أى قواعد علمية أو منطقية أو واقعية؛ وكل ذلك على حساب المصلحة العامة ومستقبل الوطن والمواطنين.

بعض أصحاب النفوذ وجدوا مساحة كبيرة من الأرض الفضاء فى مارينا مخصصة لأنشطة استثمارية وخدمية وبدلاً من الدفع نحو تحويل هذه المساحة لمجتمع تجارى يفيد سكان مارينا يحاولون الترويج لإنشاء مدرسة تعليم أساسى تضم المراحل التعليمية الثلاث، ويزعمون أن وجود المدرسة سيحول مارينا تلقائياً إلى مجتمع عمرانى متكامل يعمل طيلة العام، وليس فى شهور الصيف فقط.

ورغم أن هذه الفكرة هزلية مضحكة ومخربة، ولا تستند إلى أى دراسات علمية أو اجتماعية إلا أن سطوة أصحاب النفوذ من أعداء مارينا توافقت مع البيروقراطية التى تحكم وزارة الإسكان والتى تبنت هذا التوجه الغريب حيث أصدر جهاز القرى السياحية، قراره رقم 9 بانقضاء اتحاد الشاغلين فى مارينا، وبرر الجهاز قراره بأن المجتمع العمرانى المتكامل، لايصح معه وجود اتحاد للشاغلين؛ رغم أن هذا المجتمع العمرانى لم يصبح واقعاً بعد، وهو دليل على التحالف القوى بين أصحاب النفوذ والبيروقراطية الحكومية التى تحاول تفريغ أهداف الدولة من مضمونها.

البعض قد يظن للحظات أن فكرة إنشاء مدرسة فى مارينا لتحويلها إلى مجتمع عمرانى دائم وليس موسميا، أمر جيد، لولا أن هذه الفكرة غير واقعية ولا يمكن أن تتحقق فى الواقع، لأنه ليس من المعقول أن ينقل ملاك مارينا أبناءهم وأحفادهم إلى الإقامة الدائمة فى مارينا لإلحقاهم بالمدرسة، تاركين أعمالهم ومصالحهم فى مناطقهم الأصلية التى يعيشون فيها منذ عشرات السنين، كما أنه ليس من المنطقى أن يبيع ملاك مارينا ممتلكاتهم ويستقيلوا من وظائفهم ويصفون أعمالهم.

هل إنشاء مدرسة فى مارينا يصلح ليكون دافعاً قوياً لتقوم شريحة من السكان بالانتقال الدائم إلى جوارها، وإذا لم يفعلوا هل ستستبدلهم الدولة بآخرين وتستولى على منازلهم لتحقيق هذا الهدف، وهل ستصرف لهم عشرات المليارات كتعويضات، أم ستقوم الدولة بتهجيرهم قسرياً.

وتفجر هذه الخطوة عشرات الأسئلة وكلها تحتاج لإجابة منطقية وهو أمر صعب جداً وربما مستحيل لأن السؤال فى نفسه يفتقد لأبسط قواعد المنطق، خصوصاً أن هناك سؤالا منطقيا يقفز إلى الذهن تلقائياً وهو هل سيتم نفس الأمر فى بقية قرى الساحل الشمالى أم أن مارينا وسكانهم وحدهم هم المستهدفون أم أن مدرسة مارينا الافتراضية ستستقبل بقية أولاد وأحفاد سكان الساحل الشمالى جميعهم، أم سيتم تكرار التجربة فى كل قرية.

لا يملك جهاز تنمية القرى السياحية فرض هذا السيناريو الخيالى على سكان مارينا أو الساحل الشمالى ولكنه يستطيع مثل أى جهاز بيروقراطى عقيم عاجز عن التفكير بتخريب مارينا ثم بقية الساحل الشمالى كله، خصوصاً أن الهدف من إنشاء قرى الساحل الشمالى كمنتجع سياحى تحقق بالفعل ويتم التوسع فيه بما يحول مصر إلى بلد سياحى بامتياز قادر على جذب سائحين من جميع دول العالم وهو ما دفع الدولة لإنشاء مطار العلمين.

والغريب أن يسير جهاز تنمية القرى السياحية ضد توجه الدولة وسياساتها ويحاول الالتفاف على الهدف من إنشاء قرى الساحل الشمالى وفى القلب منه قرية مارينا، خصوصاً أن سلوك الجهاز يخالف العقود المبرمة مع الملاك، بدلاً من استغلال البنية الأساسية ومستوى التعمير فى المنطقة لتحقيق قفزات فى نفس الاتجاه خصوصاً أن الساحل الشمالى يملك مقومات فريدة ويحتاج لدراسات خلاقة للاستفادة منه لتحويله إلى مجتمع ترفيهى عالمى خصوصاً أنه من أجمل المناطق على مستوى البحر المتوسط.

لا أعرف ما الذى سيحدث فى القريب العاجل ولكننى متخوف من بيروقراطية وزارة الإسكان وجهاز القرى السياحية التابع لها الذى استطاع خداع مسئولين كبار فى الدولة بزعم تطوير الساحل الشمالى بينما يقومون بتخريبه.