الأقليات العرقية في إيران.. تاريخ من الاضطهاد والتهميش

عربي ودولي

الأقليات العرقية
الأقليات العرقية


فيما يضج العالم بالتطورات الأخيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، من استفزازات إيرانية في الخليج العربي وخليج عمان، يلفت الخبير في الشؤون الإيرانية ماجد رفيظه، إلى أن هناك لامبالاة فيما يخص معاناة الشعب الإيراني تحت ظل نظام الملالي.

 

تشمل الأقليات الإثنية في إيران، العرب، ويعيش حوالي 3 ملايين منهم بالقرب من الحدود العراقية في جنوب غرب إيران، وما يقرب من 7 ملايين كردي، يعيشون في الشمال الغربي من كردستان، إلى جانب الأذربيجانيين، وهم أكبر أقلية عرقية في إيران ويبلغ عددهم حوالي 18 مليون نسمة، ويقيمون في العديد من المحافظات بما في ذلك طهران وحمدان وأذربيجان الشرقية، وبلوشيس، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1.5 مليون نسمة، ويقيمون معظمهم في جنوب شرق سيستان وبلوشستان بالقرب من الحدود مع باكستان.

 

تمييز عنصري

ويلفت رفيظه في تقرير وفق موقع "عرب نيوز"، أنه في حين أن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الحالية صعبة بالنسبة للسكان الإيرانيين على نطاق أوسع، فإن الأقليات العرقية في البلاد تعاني الأمرين، فوفقاً لتقرير صدر العام الماضي، فإن ثلث السجناء الإيرانيين هم من أقليات عرقية، التي تم تهميشها وحرمانها من أبسط الحقوق والضروريات الأساسية للحياة المعتدلة مثل التعليم والرعاية الصحية.

ويشير التقرير إلى أن هذا الحرمان يأتي بالرغم من تواجد تلك الأقليات العرقية في مقاطعات مليئة بالموارد الطبيعية. ومن الأمثلة على ذلك الأهواز، عاصمة خوزستان، التي تعد واحدة من أغنى محافظات إيران عندما يتعلق الأمر بالنفط والغاز الطبيعي، ويُقال إن خوزستان تنتج ما بين 85 إلى 90% من نفط إيران وهي الركيزة الأساسية لاقتصاد البلاد وإيرادات الحكومة.

 

فقر وبطالة

ويتابع المحلل في الشأن الإيراني والدكتور في جامعة هارفارد، "رغم أن خوزستان غنية بالموارد الطبيعية، إلا أن معظم سكانها العرب يعيشون في فقر ويعانون من سوء التغذية، حيث أن معدل البطالة بين العرب أعلى بكثير من معدل البطالة الوطني".

 

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال المقاطعة الغنية، تعاني من نقص المياه ومشاكل الكهرباء وقضايا الصرف الصحي. ويعاني العرب أيضاً من مستويات عالية من تلوث المياه والهواء، حيث تحيط المنشآت النفطية بالأهواز وتخنقها، وتطلق المواد السامة والملوثات.

 

اضطهاد

وبينما يتعرض العديد من الإيرانيين للاضطهاد بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية، مثل حرية التعبير، يبدو أن اضطهاد الأقليات العرقية أكبر نسبياً، وفقاً للتقرير.

 

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "لا تُظهر السلطات الإيرانية أي قدر من التسامح مع المعارضة السياسية في أي مكان في البلاد، لكنها معادية بشكل خاص للمعارضة في مناطق الأقليات".

 

مزاعم إيرانية

وتزعم السلطات الإيرانية زوراً أنها "تحمي الأمن القومي للأمة"، إلا أن الحقيقة، بحسب رفيظه، أن هدف النظام هو إسكات الصحافيين ووسائل الإعلام والنشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان بين الأقليات العرقية، الذين يجرؤون على انتقاد سياسات نظام الملالي.

 

ويتعرض عدد متزايد من العرب للاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل في السجون تحت ظروف مشبوهة، فعلى سبيل المثال، تم العثور على معتقل يبلغ من العمر 28 عاماً من الأقلية العربية الأهوازية، ميتاً في مركز احتجاز في الأهواز الشهر الماضي.

 

تعذيب منهجي

ورداً على ذلك، دعت منظمة العفو الدولية إلى إجراء تحقيق محايد، قائلة إنه "بالنظر إلى الاستخدام المنهجي للتعذيب في مرافق الاحتجاز الإيرانية، فإن وفاة شاب، من مجموعة من الأقليات العرقية المضطهدة على نطاق واسع ودون أي ظروف صحية معروفة، يثير بواعث قلق خطيرة من تعرضه للتعذيب أو غيره من سوء المعاملة وأن هذا قد يكون سبب وفاته أو ساهم في وفاته".

 

ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، يُحتجز مئات الأشخاص من الأقلية العرقية العربية بمعزل عن العالم الخارجي دون الاتصال بأسرهم أو محامييهم.

 

عمليات إعدام

وفي الوقت نفسه، أُعدم ما لا يقل عن 69 كردياً، من بينهم قُصر ونساء، في السجون الإيرانية عام 2018، معظمهم بتهم تستند إلى "أنشطة سياسية أو دينية".

 

ويقول رفيظه "يتجاهل النظام الإيراني بشكل روتيني دعوات المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لوقف عمليات إعدام الأكراد. على سبيل المثال، عندما حكم النظام القضائي الإيراني على ثلاثة أكراد شبان بالإعدام العام الماضي، حث المقرران الخاصان للأمم المتحدة أغنيس كالامارد وجافيد رحمان على وقف التنفيذ فوراً، وإلغاء الأحكام الصادرة بحقهم امتثالًا لالتزاماتها الدولية، لكن النظام الإيراني مضى قدماً وأعدمهم دون أدنى مبالاة".

 

مواطنون من الدرجة الثانية

 

وتواجه الأقلية البلوشية أيضاً نفس الموقف المؤلم، حيث تتم معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، يتعرضون للقمع والاستبعاد من الاحتياجات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، وفقاً لتقرير "عرب نيوز".

 

وعلى الرغم من وعود الرئيس حسن روحاني، يختم رفيظه مقاله بالقول: "فإن الأقليات الإثنية هي من بين أكثر الجماعات إخضاعاً وانصياعاً للقمع في إيران، ويتعين على الأمم المتحدة الضغط على طهران ومحاسبة النظام عن القمع المستمر والمكثف لهذه المجموعات الضعيفة".