مي سمير تكتب: مراكز أبحاث أمريكية: قطر أحد أعدائنا

مقالات الرأي



"جلوبال ريسرش" و"المجلس الأطلسى": الدوحة تتعاون استخباراتيًا وأمنيًا مع تركيا وإيران

انتقد عدد من مراكز الأبحاث السياسية فى الولايات المتحدة الأمريكية زيارة أمير قطر، تميم حمد آل ثان، إلى واشنطن رغم أنها أسفرت عن توقيع حزمة من الاتفاقيات.

وكانت أبرز هذه الصفقات شراء الخطوط الجوية القطرية 5 طائرات شحن من طراز «بوينج 777»، من شركة «بوينج» واتفاق بين الخطوط القطرية وشركة «جلف ستريم» للطيران، واتفاقية أخرى بين الشركة وشركة جنرال إلكتريك، وكذلك اتفاق شركتىّ الطاقة «قطر للبترول» و«شيفرون فيليبس» للكيماويات، وإعلان اتفاق فى مجال الدفاع الجوى لتزويد قطر بأنظمة متعددة إضافية للدفاع الجوى من طراز «باترويت» و«ناسامز».

وكان أبرز هذه الانتقادات لهذا التعاون الأمريكى القطرى من مركز جلوبال ريسرش، الذى اعتبر الدوحة «شريك غير موثوق فيه» فى ظل علاقاتها المتشبعة بإيران التى تهدد المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط.

ونشر المركز تحليلاً بعنوان «أزمة داخل هيكل القيادة الأمريكية» نشر ألقى فيه الضوء على العلاقات العسكرية بين واشنطن وقطر وصف فيه الأخيرة بأنها دولة لا يمكن الاعتماد عليها فى حالة شن حرب ضد إيران، لأنها «دولة تنام مع العدو»، حسب التحليل، فى ظل العلاقات القطرية الإيرانية، فإن مقر القيادة المركزية الأمريكية فى الشرق الأوسط الذى يقع فى قاعدة العديد العسكرية القريبة من الدوحة، يقع بحكم الأمر الواقع «فى أرض العدو».

ويتناول التحليل تفاصيل العلاقات القطرية الإيرانية والتى اتضحت معالمها مع تصاعد الغضب العربى من سياسات الدوحة التى تعمل على تهديد أمن واستقرار دول المنطقة، ومنذ قرار المقاطعة العربية للدوحة على خلفية دعمها للتنظيمات الإرهابية فى مايو 2017، أصبحت قطر حليفا قويا لكل من إيران وتركيا التى تعد أيضاً حليفة لطهران، ورغم عدم وجود اتفاق تعاون عسكرى رسمى مع إيران، إلا أن قطر تشارك إيران فى ملكية أكبر حقول الغاز البحرى فى العالم.

وتعد قاعدة «العديد» قرب الدوحة أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط، وبدورها، أنشأت تركيا منشأة عسكرية خاصة بها فى قطر، وحسب جلوبال ريسرش، لم تعد تركيا حليفاً للولايات المتحدة، حيث تقاتل قواتها بالوكالة فى سوريا الميليشيات التى تدعمها واشنطن كما أن تركيا حالياً متحالفة مع روسيا وإيران، وهى الخطوة التى تأكدت بحصول تركيا على نظام الدفاع الجوى الصاروخى الروسى «إس 400» والذى يتطلب تعاونا عسكريا مع موسكو، رغم الرفض الأمريكى للصفقة.

يشير تحليل «جلوبال ريسرش» إلى أنه من الناحية الاستراتيجية فإن هذا الأمر غير معقول، ولكن هذا ليس سوى قمة جبل الجليد، إذ إنه رغم الخطابة الكامنة وراء العلاقة العسكرية «الأمريكية- القطرية» الرسمية، يؤكد المجلس الأطلسى، وهو مركز أبحاث له علاقات وثيقة مع كل من البنتاجون وحلف الناتو، أن قطر حالياً حليف قوى لكل من إيران وتركيا.

وحسب المجلس الأطلسى، ببساطة، لكى تحافظ قطر على استقلالها، لن يكون لدى الدوحة أى خيار سوى الحفاظ على شراكتها القوية مع تركيا، التى كانت حليفا مهما من منظور الدعم العسكرى والأمن الغذائى، وكذلك إيران.

وهناك احتمالات جيدة بشأن استمرار تعزيز العلاقات الإيرانية القطرية حتى إذا لم تتفق طهران والدوحة على بعض القضايا.

فى 15 يونيو 2019، أكد الرئيس حسن روحانى، أن تحسين العلاقات مع قطر يمثل أولوية قصوى لواضعى السياسات الإيرانيين، كما أخبر روحانى الأمير القطرى أن «استقرار وأمن الدولتين الإقليمى متشابكين» وأكد الأمير تميم بدوره أن الدوحة تسعى إلى شراكة أقوى مع طهران.

ما يوحى به هذا البيان الأخير الصادر عن المجلس الأطلسى هو فى الوقت الذى تستضيف فيه قطر مقر قيادة القيادة المركزية الأمريكية، تتعاون إيران وقطر بشكل غير رسمى فى الاستخبارات والتعاون العسكرى. وكشفت المقاطعة العربية عن كواليس العلاقات الواسعة التى تجمع بين الدوحة وطهران، ومنذ مايو 2017 حدث تحول فى طرق التجارة القطرية مع إبرام اتفاقيات ثنائية مع إيران وتركيا وباكستان. مثل تركيا والصين وباكستان، لعبت إيران دورا رئيسيا فى مساعدة قطر حيث تستخدم الأخيرة المجال الجوى الإيرانى وطرق الشحن للالتفاف على قرار المقاطعة العربية.

وبين عامى 2016 و2017، زادت الصادرات الإيرانية إلى قطر بنسبة 181 % وتضاعفت التجارة الإيرانية القطرية فى السلع غير النفطية منذ مارس 2016، وينتشر فى قطر رجال الأعمال الإيرانيين وأفراد الأمن والخبراء فى صناعة النفط والغاز مع وجود روابط محتملة مع المخابرات الإيرانية، ناهيك عن وجود خبراء روس وصينيين.

ويشير مركز جلوبال ريسرش إلى أن هذه العلاقات يمكن وصفها بمحور إيران وتركيا وقطر، حيث دخلت تركيا فى تعاون عسكرى مع روسيا الحليف الرئيسى لإيران، وفى نفس السياق، أصبحت باكستان شريكاً رئيسياً لقطر فى الوقت الذى تخلت فيه باكستان عن تحالفها مع واشنطن وانضمت إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية.

ورغم هذه الحقائق، قرر البنتاجون الحفاظ على القيادة الأمامية للقيادة المركزية الأمريكية فى قطر، والتى تصادف أنها أقرب حليف وشريك لإيران. وينتهى التقرير بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة قامت بإنشاء مقر «رسمى» فى أرض العدو، بينما تقوم بشكل «غير رسمى» بإعادة نشر جزء من الطائرات الحربية والأفراد العسكريين ووظائف القيادة فى مواقع أخرى بالشرق الأوسط.

المثير للدهشة أنه لا توجد تقارير صحفية، أو أسئلة فى الكونجرس حول سر التمسك الأمريكى بالعلاقات القطرية التى تعد حليفة قوية لإيران التى تهدد المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط وتهدد أمن واستقرار حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة.