بعد الأردن ومصر.. مشروع ليلى مهدد في لبنان.. وحامد سنو: "عاملينلي فيها أنهم عم يحموا أخلاق البلد"

الفجر الفني

بوابة الفجر



قبل عامين وفي آواخر سبتمبر من عام ٢٠١٧، قررت وزارة الداخلية المصرية منع فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية من إقامة حفلات مستقبلية في مصر، على خلفية رفع علم الرينبو (شعار مجتمعات الميم) في حفل الفرقة في كايرو فستيفال، دعمًا للمغني الرئيسي للفرقة حامد سنو، الذي أعلن عن مثليته سابقًا.

فرقة "مشروع ليلى" مكونة من خمس شباب لبنانين (حامد سنو، هايج بابازيان، فراس أبو فخر، كارل جرجس، إبراهيم بدر) وهم خريجو هندسة بالجامعة الأمريكية ببيروت جمعهم حب الموسيقى، بدأ نشاط الفرقة منذ عام ٢٠٠٨، لكن انطلاقتها على الساحة الغنائية كانت في عام ٢٠٠٩، مع طرح ألبومها الأول الذي سُمي على اسم الفرقة نفسها، وضم ٩ أغنيات أنجحها: "شم الياسمين"، و"رقصة ليلى"، و"فساتين"، وتبعه بعامين ألبوم قصير ضم ٥ أغنيات، وسُمي "الحل الرومانسي"، ثم طرحت الفرقة ألبوم "رقصوك" عام ٢٠١٣، وكان آخر ألبوم هو "ابن الليل" ٢٠١٥. عُرفت الفرقة بأغنياتها الجريئة، واستلهمت كلمات أغنياتها وأجوائها من التراث والميثولوجيا، وشجعت على الثورات، وتناولت قضايا المرأة والمثلية الجنسية والمقاومة والحريات.

قبل الواقعة المذكورة أعلاه، بأكثر من عام، ألغت السلطات الأردنية حفلًا للفرقة لأنها تستفز مشاعر العامة، ورغم المنع في دولتين عربيتين إلا أن نشاط الفرقة ظل مستمرًا خصوصًا مع إحياءها حفلات بالخارج.

مؤخرًا، أتت الضربة القاضية للفرقة من موطنها الأصلي لبنان، فمع استعداد الفريق لإحياء حفل في التاسع من أغسطس المقبل، على هامش مهرجانات بيبلوس الدولية، احتفالًا بمرور عشر سنوات على تأسيسها، انطلقت حملات هجوم متنوعة ضد الفرقة وأعضائها، تطالب بإلغاء الحفل، وتلقى أعضاء الفريق تهديدات بالقتل.

بدأت القصة، مع دعوة كل من أبرشية جبيل المارونية، والمركز الكاثوليكي للإعلام بلبنان، بإلغاء حفل الفرقة المزمع إقامته الشهر المقبل، اعتراضًا على أغنية "الجن" التي تتضمن إساءات للمسيح والدين المسيحي، إلى جانب الاستشهاد بمقالة أعاد مطرب الفرقة حامد سنو نشرها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" اُستبدل فيها وجه العذراء بالمطربة العالمية مادونا، وأكد رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم أنه انكب على دراسة ملف الفرقة لعدة أيام، واكتشف أنها تهين المقدسات وتسيئ للمجتمع وتشكل خطر عليه، مشيرًا إلى تواصله مع قيادات المهرجان لمنع إقامة الحفل، ومؤكدًا أنه لا يستبعد اللجوء للقضاء في حال لزم الأمر.

بدورها، دافعت الفرقة عن نفسها في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أكدوا فيه على أن ما حدث هو "حملة مفبركة أقل ما يقال فيها أنها تضرب حرية التعبير وتلامس محظور التكفير من دون أنن تمت إلى الحقيقة بصِلة".

الأغنية محل الجدل، صدرت ضمن ألبوم "ابن الليل" الذي طُرح في عام ٢٠١٥، وضم ١٣ أغنية متنوعة، بينها "الجن" التي أثارت الأزمة، واستغرب أعضاء الفريق من الإدعاءات المثارة حولها، موضحين في بيانهم أنها: "لا تسيئ إلى أحد بشيء ولا تنتقص من أي من القيم والأديان التي يُؤْمِن بها كل إنسان قويم، وسبق ان أدتها الفرقة في مهرجانات سابقة عالمية وفي لبنان مثل بعلبك وبيبلوس وعمشيت واهدن وغيرها".

واعتبر الفريق أن الأزمة ترجع إلى تحريف كلمات الأغنية، وتأويلها بشكل خاطئ بعيد عن مضمونه الحقيقي، مختتمين بيانهم بالتأكيد على أن هدفهم هو "الارتقاء بالفن وتسليط الضوء على القضايا الإنسانية، ورفع اسم لبنان في العالم لا أكثر ولا أقل، من دون الدخول في مهاترات ومزايدات بعيدة كل البعد عن رسالتنا الأساسية. مع التأكيد على احترامنا للأديان ورموزها كافة".

الجدل المحيط بالفرقة منذ ظهورها في عام ٢٠٠٩، يرجع بصورة كبيرة إلى مطربها الرئيسي حامد سنو، الذي كسر تابوه المثلية الجنسية، ولم يتحرج في الكشف علانيةً عن ميوله الجنسية، رغم أن جمهور الفرقة من مجتمعات عربية شرقية محافظة مصاب أغلب أبنائها برهاب المثلية، وقد يُشكل مثل هذا الإعلان حاجز كبير بين الجمهور والفرقة، يدفعهم لمقتها، وعدم الالتفات لما تقدمه، لكن تميز أغنيات الفرقة ساعدها في أن تبني قاعدة جماهيرية كبيرة في مختلف بلدان الوطن العربي، خصوصًا بين فئات الشباب الذي عاصر ثورات أطاحت بأنظمة سياسية طال حكمها لعقود، شباب ينتمون للقرن الحادي والعشرين، يؤمنون بالحريات، ويراعون الاختلافات بين البشر، إلا أن الحكومات والسلطات الدينية وقفت للفريق بالمرصاد، بداية من الأردن مرورًا بمصر ووصولًا للبنان.

أعرب حامد سنو هو الآخر عن امتعاضه من الهجوم على الفرقة وعلى شخصه، وكشف في منشور له عبر صفحته بموقع "فيسبوك" عن نيته في إلغاء الصفحة، نظرًا للتطرف الهائل والبلبلة الذي تعرض لها، حيث كتب: "بقى مش عم بفهم لوين وصلنا؟ حرية تعبير ما في، (ماشي، هاجرت متلي متل نص البلد يلي مش حامل كمية القمع والتطرف) بس حتى حرية القراءة؟ طب ما تسكرو الإنترنت كلها فرد مرة مش أسهل؟ واضح إنو محاولات المنع مش من ورا مقالات بقى وحياتكن حاج تتخبو ورا صوابعكم. بعدين يللي عاملينلي فيها أنهم عم يحموا أخلاق البلد، أقل شي بالأخلاق الواحد ما يكذب، لذلك بلا نفاق وكذب وحاج تنشروا أكاذيب انني انا يللي صنعت هذه الأشياء بمحاولاتكم التافهة بإيثار فتن اخلاقية ورعب جماعي".

بعد انطلاق حملات الهجوم الواسعة على الفريق وأعضائه، انقسم الجمهور بين مؤيدين لما يحدث، يَرَوْن أن الفرقة تشجع على المثلية والفسوق وتهاجم الأديان السماوية وتسيئ لرموزها، ومعارضين يعتبرون الحادثة مخالفة لمبدأ حرية التعبير عن الرأي، كما سخر البعض من أن الكنسية كانت ستحمي الفرقة ولن تهاجمها في حال كان أعضائها مغتصبي أطفال.