ألغام الحوثي ترسم أشكالها على أجساد الأطفال في اليمن

عربي ودولي

ألغام الحوثي
ألغام الحوثي


لقد تحول اليمن إلى غابة، حيث بلغت الجريمة مداها وصار القتل والتشريد والتجويع والاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض يمارس فيها دون تأنيب ضمير أو إنسانية، لأن هذه الميليشيات قد تخلت عن آدميتها وتحولت إلى وحوش تلحق الأذى بالبشر والحجر.

 

ومن يشكك في هذه الحقيقة التي صارت واضحة للعيان عليه النظر مليا في الصورة المؤلمة لطفل ذي سبع سنوات وهو يتأمل والده وعمه يلفظان نفسيهما الأخيرين، في حين ينازع أخوه الأصغر من أجل البقاء على قيد الحياة بعد انفجار لغم. طفل لم يكن يعلم أن هؤلاء الانقلابيين لم يتركوا شبرا إلا ونثروا فيه سلاحهم الغادر.

 

فالألغام الحوثية تسببت في تمزيق اليمن وتعطيل دواليبه وهدر دماء أبنائه، فالنفس البشرية لديهم ليس لها قيمة. هم معروفون بالتضحية بالجميع في سبيل بقائهم وتحقيق غايتهم حتى عندما يتم إجبارهم على الإنسحاب من أي موقع يبدؤون في تلغيم كل شيء غير آبهين بمن يقع ضحية ألغامهم الذي عادة ما يكون من المدنيين.

 

ولعل حقل الألغام الذي اكتشف قرب مطاحن البحر الأحمر في الأحياء الشرقية لمدينة الحديدة خير مثال على دناءة الحوثيين، حيث فككت الفرق الهندسية التابعة للمقاومة المشتركة أكبر حقل ألغام منتظم بلغت مساحته أكثر من 2 كيلومتر مربع، يمتد من الأطراف الشمالية الغربية لحي المسنا وصولا إلى الخط الإسفلتي أمام مطاحن البحر الأحمر.

 

ويضم هذا الحقل أكثر من 2000 لغم تنوعت بين ألغام فردية وأخرى مضادة للدروع، ويعد من أنواع الحقول المنتظمة، إذ تمت زراعته في خطوط مستقيمة وعلى صفين، بحيث تضمن الميليشيات تغطية الثغرات في كامل المساحة المستهدفة.

 

وأكد خبير هندسة المقاومة المشتركة أنه تم تفكيك ونزع 132 لغم، غير أن تطهير الحقل بشكل كامل يحتاج للكثير من الوقت والجهد.

 

في الواقع، لقد دمرت الألغام هذا البلد وأدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم ودفعت به إلى شفا جرف، فهي لم تقتل فقط، بل منعت اليمنيين من حصاد المحاصيل وسحب المياه النظيفة التي هم في أمس الحاجة إليها، علاوة على منعها لجماعات الإغاثة من توفير الغذاء والرعاية الصحية للمدنيين الذين يعانون الجوع والمرض بشكل متزايد.

 

وتختزل قصة سميرة عبدالله ذات التسع سنوات مآسي آلاف الضحايا ممن سلبت حياتهم منهم عنوة وممن فقدوا أجزاء من أجسادهم جراء تعرضهم لانفجار لغم.

 

بدأت مأساة سميرة عندما كانت تقطع أحد مزارع مديرية الدريهمي ممتطية جملا الذي وما إن وطأت رجله اللغم حتى انفجر وهو ما أدى إلى نفوق الجمل وإصابة الطفلة بجروح بليغة أسفرت عن بتر أصابع قدمها اليمنى. سميرة ماهي إلا نموذج لآلاف الضحايا من أبناء اليمن أغلبهم من النساء والأطفال.

 

فالمتمردون يمارسون سياسة حصد الأرواح وتدمير الأرض بحرفية الأمر الذي جعل فرق مشروع مسام تصر على التصدي لهمجية الحوثيين ولإرهابهم من خلال نزع بذور الموت من الأراضي اليمنية، حيث أعلن مدير عام مشروع مسام السيد أسامة القصيبي أن فرق المشروع نزعت خلال الأسبوع الماضي 559 لغم مضاد للدبابات و3 ألغام مضادة للأفراد و714 ذخيرة غير منفجرة و42 عبوة ناسفة لتكون حصيلة ما تم نزعه أثناء الأسبوع الثالث من شهر يوليو 1318 لغما وذخيرة غير منفجرة ليصل بالتالي مجموع ما وقع إزالته منذ بداية الشهر 3014، مبينا أن الفرق الهندسية تمكنت من نزع 77129 تنوعت بين ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة. لكن مازال أمام هذه الفرق طريق طويل حتى تتمكن من تطهير الأراضي اليمنية من الوباء الذي حل بها.

 

تنتهي الحرب، وتبقى ويلاتها مخفية تحت الرمال والحجارة وفي المنازل.. هذا ما حصل في عديد الدول وما سيحصل في اليمن إذ تحفل هذه الرقعة الجغرافية بالكثير من الألغام التي خلفتها الميليشيات الحوثية مما جعلها كابوسا يؤرق اليمنيين خوفا من أن تفاجئهم إحداها أثناء رحلة بحثهم عن قوتهم.