أستاذ ترميم معماري: قصر الجوهرة في القلعة مهدد بالسقوط.. والآثار ترد

أخبار مصر

بوابة الفجر


يظن البعض، أن قلعة الناصر صلاح الدين الأيوبي قد لا تضم من معالم أثرية سوى جامع الناصر محمد بن قلاوون ومسجد محمد علي باشا، إلا أن القلعة تعتبر مجمع أثري ضخم، حيث أن ملوك وسلاطين وحكام كل عصر أراد كل منهم ترك بصمة فيها حيث كانت هي مقر الحكم، ومن أقوى البصمات فيها حوش الباشا والذي يضم أحد أهم القصور في القلعة، وهو المهدد بالسقوط في حال عدم صيانته وترميمه.

وقال الأستاذ الدكتور سيد حميدة أستاذ الترميم المعماري بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن قصر الجوهرة هو كنز من الكنوز المعمارية خاصة في تقنيات البناء التي استخدمت فيه، وللأسف لا يعلم عنه الكثيرون شيئًا بما في ذلك المتخصصين، وكشف أن القصر تم بناؤه على عدة مبان قديمة منها قصر الناصر محمد وقصر الغوري وإيوان قايتباي،  كما أن قصر الناصر صلاح الدين كان في نفس المكان.

وأكمل أن القصر بجواره سراي العدل ومقعد قايتباي، والثلاث مباني كتلة بناء واحدة، وقد تم التوصل لهذه النتيجة بعد دراسات  وأبحاث مستفيضة للمكان، وكذلك بعد عمل أول رفع معماري حديث للقصر ببرنامج "منظور ثلاثي الأبعاد للقصر ككل بالـ 9 مباني الخاصة به، وكان يطلق عليهم معًا الحوش السلطاني وهو الاسم الحقيقي للمنطقة.

وأضاف حميدة أن القصر مهدد بالانهيار في أي لحظة وأكد أنه غير آمن ومعرض للانهيار، ويعاني من العديد من المشاكل الإنشائية، ويحتاج إلى تدخل سريع، ولو حدث زلزال مشابهه لزلزال 1992 سيسقط" حسب قوله، لأن الأساسات سطحية والقصر مبني على أنقاض قصور ومنازل سابقة، وهو ما يزيد خطورة الموجات الزلزالية عليه.

وكشف عن نتائج علمية بناءا علي تحليل رقمى قام بإجرائه ببرنامج ساب، وقال أن هذا التحليل يؤكد تعرض القصر للانهيار الكامل فى حال حدوث زلزال متوسط ومشابه لزلزال 1992، وهذا بسبب التقارب الشديد بين التردد للزلزال والتردد للتربة والمنشأ نفسه، كما أنا هذا التحليل يؤكد ان جميع التصدعات التى حدثت للقصر وتظهر معالمها واضحة كانت نتيجة زلزال 1992،واعطانا التحليل للاجهادات والتحليل السيزمى نفس الاماكن التى حدث فيها ازاحة وانهيارات،واستخدمنا برنامج حديث جدا هو Robot Melineum،كما أن الخواص الميكانيكة للمواد الانشائية تعتبر من سيئة الى متوسطة بسبب تعرض بعض القاعات للحريق في سنوات سابقة،ولو حدث زلزال"قسما بالله هنلاقى القصر ده على الارض"طبقا لقوله،خاصة ان الصلبات الموجودة حاليا قديمة وفقدت وظيفتها بشكل كبير،ولم تعد لها القدرة على السند او مقاومة الحركة للحوائط.

وحذر حميدة قائلًا لابد من التدخل السريع لترميم القصر وإنقاذه من الإنهيار،  فهو أول قصر يمثل التراث المعماري الحديث في مصر، والأسقف بالكامل خشب والحوائط حاملة من الحجر الجيري والطوب المحروق، والمفاجأة المثيرة أن أول استخدام للأسمنت فى مصر كان فى هذا القصر، وليس مبنى مجلس الشورى كما تقول المراجع، لأن التحاليل أوضحت استخدام الأسمنت البورتلاندى في أعمال البياض والتكسيات الخارجية لبعض حوائط القصر.

ويتكون القصر من عده كتل رئيسية متجاورة وعدة مبان منها سراي العدل وديوان الخاصة وغرف مخصصة لموظفي القصر، وهو من طابقين يبدأ بمدخل رئيسى تتقدمه ظلة محمولة على أعمدة رخامية، يؤدي إلى ممر يؤدي بدوره إلى دواوين القصر وبهو الاستقبال.

كما يضم الكشك وهى قاعة الاستقبالات الخاصة بمحمد علي، ولها إيوان ملحق وقاعتان بالإضافة إلى قاعة العرش وهي أكبر قاعات السراي، ومن بهو الاستقبال نصل إلى الجناح البحرى عن طريق سلالم، وهو يحتوي على قسمين وحديقة الأسود، وسميت بذلك لوجود تماثيل من الألباستر لأسود، كما يحتوي الجناح على بحمام الألباستر، أما الطابق الثاني فيعلو جناح الاستقبال ويؤدي إلى سراي الضيافة.

وعن المباني السابقة لقصر الجوهرة فى نفس الموقع خلال العصور السابقة، قال إن الباحث محمد حمدي فى رسالته عن الساحة الجنوبية للقلعة، ذكرأنه كان يشغل محل قصر الجوهرة الحالي خلال العصر الفاطمي مسجد يسمى مسجد البرديني، وكان هذا المسجد يقع داخل درر الحريم السلطانية بالجهة الجنوبية أي مكان قصر الجوهرة، وقد استدل على هذا المسجد، وذلك كونه موقع على خريطة الحملة الفرنسية لعام 1798م باسم مسجد أو زاوية البرديني.

وخلال العصر الأيوبى، الرحالة دي فوجاني ذكر أن قصرًا كان يشغل المكان الذى بنى عليه محمد على مسجده، ونسب هذا القصر لصلاح الدين الأيوبي، وأطلق عليه أسم أريحة أو أريكة  يوسف، وقد أسهب دى فوجاني فى وصف ذلك القصر أو تلك الاستراحة، كما وصف مدى تميزها حيث كانت مغطاة بالمنحوتات والموزازيك وكان ذو أعمدة ضخمة.

وقصر الجوهرة يقع في الطرف الجنوبي الغربي من الساحة الجنوبية لقلعة الناصر صلاح الدين الأيوبي، وهي الساحة التي أطلق عليها خلال العصر المملوكي الحوش السلطاني وخلال العصر العثماني حوش الباشا، وشيد القصر عام 1229 هـ - 1814 م، وخصص لاستقبالات محمد علي باشا، حيث استقبل فيه  كبار الزوار الأجانب، وقد زار محمد على كثير من الأعلام المشهورين،منهم الأديب الفرنسي (شاتوبريان) والكونت (دي فوربان) الذي وصف في كتابه مدينة القاهرة، كما وصف حفلة استقبال (1817 - 1818م) في القصر، وعندما زار مصر السلطان عبد العزيز خان فى (4 شوال سنة 1279هـ - 1862م) احتفل به الخديو إسماعيل باشا احتفالًا لا نظير له، وأقام بهذا القصر 7 أيام.

ومن ناحيته قال ناجي حنفي مدير عام آثار القلعة، إن قصر الجوهرة في القلعة مغلق حاليًا أمام الزيارات، مشيرًا إلى أن حالته المعمارية والإنشائية ليست صعبة لهذه الدرجة ولا بهذه الخطورة، والوزارة حاليًا تُجري دراسات على القصر لطرحه كمشروع ترميم، وهو ما سيتم البدء فيه عن قريبًا، حيث تم إدراجه ضمن خطة وزارة الأثار لعمليات الإنقاذ والترميم الشاملة للأُثار والمنشأت التي تحتاج إلى ذلك.  

وكشف مدير عام القلعة، أن القصر ليس مغلقًا أو متروكًا هكذا كما يبدو للبعض، حيث أنه حاليًا يجري به العمل في أعمال الترميم الدقيق لبعض المحتويات والمتعلقات الموجودة داخله،  والدراسات التي تجري للقصر تضم المنطقة التي يقع بها، حيث أنه يجاور المقعد السلطاني وسراي العدل.

وأضاف أن الوزارة تسعى لإعادة توظيفه بما يلائم طبيعته ولا يضر بها، ولكن هذا لن يحدث إلا بعد انتهاء أعمال ترميمه كاملة، وهذه سياسة الوزارة لإحياء المنشأت والمواقع الأثرية، للحفاظ عليها وعدم تعرضها لأي إهمال.