إيران والإخوان.. علاقات متجذرة وسعي حثيث لتمزيق القاهرة

عربي ودولي

بوابة الفجر


يرتبط الإخوان المسلمون مع إيران بعلاقات متينة قوية، حيث تتشابه الأفكار الأيدلوجية إلى حد كبير، فكما أن الإخوان يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة، فإن نظام إيران هو الآخر يؤمن بالتقية، تلك المعتقدات التي جرّت معها الكثير من الويلات على الأوطان، لا سيما القاهرة التي لم تكن بمنأى عن التخريب الإيراني الإخواني وأذرعهما الإرهابية.

بدايات العلاقات

ويؤكد مرشد الإخوان الأسبق عمر التلمساني، أن العلاقة بين الإخوان والملالي بدأت في العقد الأربعين، بلقاء محمد تقي القمي بحسن البنا لمرات متعددة، ودارت مناقشات واسعة بينهما حول فكرة التقريب بين المذاهب.

حسن البنا وقائد الحركة الإسلامية في إيران

لم يكتف حسن البنا بقاء أو اثنين، لكنه عمّق العلاقات كثيرا، حيث التقى بأبي القاسم الكاشاني قائد الحركة الإسلامية في إيران خلال موسم الحج، وكان هذا اللقاء خطوة على طريق تقوية العلاقات بين إيران والإخوان، واتفق الطرفان حينها على عقد مؤتمر دولي للوحدة الإسلامية، إلا أن مقتل حسن البنا حال دون إتمام ذلك.

تأييد ثورة الخميني

يعتبر جماعة الإخوان أول من أيد ثورة الخميني في إيران، حيث كانت أولى الجماعات التي ذهبت إلى إيران بعد سقوط الشاه مباشرةً؛ لتهنئة المرشد الإيراني الخميني.

كما أشادت الجماعة بالثورة الخمينية في العديد من الكتابات ومنها، "الخميني الحل الإسلامي والبديل" الذي أوضح أن ثورة الخميني ليست ثورة فرقة إسلامية ضد الفرق الأخرى، بل هي مركز القيم والمعتقدات المشتركة والتي توحد عليها كل المسلمين.

مناصرة التشيع وإيران علناً

وكان للكثير من القيادات الإخوانية، العديد من رسائل الدعم والمناصرة، وكان من بينهم مرشد الإخوان الراحل مهدي عاكف، الذي كان يناصر فكرة نشر التشيع، وفق حديثه لصحيفة "النهار" الكويتية، الذي تساءل مستنكراً "ما المانع من نشر المذهب الشيعي؟".
كان يوسف ندا ضمن المشجعين أيضا لإيران، المسؤول عن العلاقات الدولية في التنظيم الدولي الجماعة، الذي كتب مقالات عديدة تتحدث بشكل إيجابي حول التشيع وإيران.

مؤامرة حزب الله الإيراني في مصر 2009

وتعود هذه المؤامرة إلى خلية أنشأت في بورسعيد لمراقبة نشاط السفن في قناة السويس، حيث اشترت الخلية زورق كما فتحت محل لبيع الأسماك من أجل القيام بذلك، فيما ذكرت التقارير أنهم كانوا يخططون لثلاث هجمات إرهابية كبرى في طابا، وهي منطقة شعبية لدى السياح الإسرائيليين باستخدام أحزمة متفجرة وسيارات مفخخة.

وألقي القبض حينها على نحو 49 شخصاً للقيام بعمليات عدائية ضد مصر بتكليف من حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبنانى، واعترافه بتكليفه لأحد قيادي الحزب بالقيام بمهام تخريبية فى الأراضى المصرية.

وفي 28 أبريل 2010 أدين 26 رجلا بتخطيط الهجمات وأصدرت أحكاما بالسجن لمدة ستة أشهر إلى السجن مدى الحياة، كمل تم إدانة أربعة رجال غيابيا، ولكن مع أحداث ثورة 25 يناير،2011 هرب زعيم الخلية و21 مشتبها آخرين من حزب الله اللبناني من سجن وادي النطرون شمال القاهرة بمساعدة المخابرات السورية.

نصر الله يدعو للفوضى في مصر

وخلال هذه الفترة من عام 2009، شن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبنانى هجوما عنيفا على مصر، ودعا للانقلاب والعصيان المدنى

كما حذر الحكومة المصرية من مواجهة غضب الشارع المصرى فى حال استمرار إغلاق معبر رفح حينها، ودعا نصر الله صراحة إلى خروج الشعب المصري إلى الشوارع، فيما شددت دعوته على القيام بانقلاب عسكرى.

إدانة انتهاك سيادة مصر

ورداً على نصر الله أصدرت لجنة الشئون العربية والخارجية بالشورى، بياناً أدانت فيه محاولات الأمين العام لحزب الله اللبناني، المحرضة على انقلاب الأوضاع والإطاحة بالأمن، فيما أشاد البيان بجهود الأجهزة الأمنية المصرية الساهرة على حماية أمن الوطن والمواطن فى الكشف عن تنظيم حزب الله قبل تنفيذه لمخططاته الإرهابية فى الأراضى المصرية.

وأكد البيان أن مبررات حسن نصر الله، لإنشاء تنظيم للحزب داخل الأراضى المصرية غير صحيحة ولا تنطلى على أحد، موضحا أنه كان يمكن للحزب أن يقوم بعمل عسكرى خلال العدوان الإسرائيلى على غزة طوال شهر كامل لتخفيف الضغط على الفلسطينيين، إلا أن ما حدث عكس ذلك تماماً، فقد نفى حسن نصر الله أى مسئولية لحزب الله عن إطلاق الصواريخ التى أطلقت من الجنوب اللبنانى، بما يعنى أن الحزب لا يعنيه سوى الحفاظ على مقدراته وتنفيذ الإستراتيجية الإيرانية ولو كان على حساب الشعب الفلسطينى.

مرسي وإيران

في عهد محمد مرسي كانت العلاقات مع إيران محط اهتمام بالغ من نظام الإخوان المسلمين، حيث خرجت العلاقات بين إيران والإخوان للعلن وبشكل واضح، وتوالت الزيارات بين الجانبين، وكان أبرزها زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمصر، وزيارته للأزهر وإشارته بعلامة النصر من هناك.

وفي 24 يناير من العام 2016 كشف المستشار عزت خميس، رئيس لجنة إدارة أموال الإخوان، خلال مؤتمر صحفي أن إيران وبموافقة الإخوان حاولت التقارب مع مصر، حيث عثر على مستندات بمقر جماعة الإخوان تفيد بإنشاء جهاز أمني إخواني غير معلن هويته الحقيقية تابع لرئاسة الجمهورية وبمساعدة إيرانية.

تأسيس حرس ثوري بمصر

كان من ضمن مخططات الإخوان في استهداف الأمن القومي المصري، هو إنشاء كيانات أمنية موازية، أكد تلك المعلومات اللواء تامر الشهاوي، المسؤول السابق بالمخابرات الحربية المصرية، الذي أشار إلى أن عناصر من الحرس الثوري الإيراني زارت مصر خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي لتدريب عناصر من الإخوان، على إنشاء أجهزة أمنية موازية بديلة، على غرار الحرس الثوري، بعد فشل مرسي في السيطرة على الأجهزة الأمنية المصرية وإخضاعها لصالح الجماعة.

لعبة السياح الإيرانيون

كان اللعب حاضرا أيضا عبر ملف السياحة المصرية، حيث سمح مرسي حينها بدخول 200 ألف سائح إيراني إلى مصر، بزعم تنشيط السياحة وتوفير موارد للدولة، ورفضت المخابرات الحربية ذلك وحذرته لعلمها بخطورة التقارب المصري الإيراني، ولمعرفتها بالنوايا غير الطيبة لإيران تجاه مصر.

وبالفعل حضر الوفد السياحي إلى مصر، وكان من بينه أعضاء في الحرس الثوري الإيراني، جاؤوا لدراسة الأوضاع على الأرض قبل تنفيذ مخططاتهم ومخطط الإخوان، ولكن الأجهزة الأمنية المصرية تدخلت وحسمت الموقف، ورفضت تماماً السياحة الإيرانية لمصر، ومنعت دخول عناصر الحرس الثوري مرة أخرى.

لقاءات بين الإخوان وعناصر إيرانية

في عام 2014 كشفت مصادر دبلوماسية أن القاهرة وجهت تحذيراً شديد اللهجة الى طهران، بسبب رصد اتصالات مكثفة بين دبلوماسييين إيرانيين وبين عناصر من جماعة الاخوان فى مصر.

وأوضحت المصادر حينها فى تصريحات لصحيفة «العرب اللندنية» أن استدعاء الخارجية المصرية لرئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية السفير مجتبى أماني أمس الأول الثلاثاء، كان سببه قيام ثلاثة عناصر إيرانيين يحملون جوازات سفر دبلوماسية بالاتصال بعناصر من تنظيم الإخوان المسلمين، وعقد لقاءات سرية معهم، وهو ما أثار حفيظة المسؤولين الأمنيين المصريين.

وذكرت الصحيفة أن مصر سبق وأرسلت تحذيرات شديدة اللهجة الى البعثة الدبلوماسية الإيرانية بسبب لقاءات تمت مع أعضاء فى جماعة الاخوان إلا أن اللقاءات بين الجانبين لم تتوقف.

الجيش المصري الحر

كما اشارت الصحيفة إلى رصد الأمن المصرى مواقع تدريب لعناصر ما يسمى بـ«الجيش المصري الحر»، يتمّ تدريبه داخل معسكرات تابعة لجماعات متطرفة داخل الأراضي الليبية، فيما بينت أن هناك تقارير صادرة عن المخابرات العامة المصرية ورصدها تحركات إيرانية مكثفة في مصر، لدعم جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها مصر «تنظيماً إرهابياً».

وأوضحت التقارير وقتذاك إلى اعتقال المخابرات المصرية لعناصر فلسطينية ولبنانية وسودانية، كان من بينها الفلسطيني نضال فتحي حسن جودة، والسوداني خاطر عبدالله مختار النور.

وكشف القبض على المتهمين عن تلقي هذه العناصر تدريبات في معسكرات حزب الله بلبنان، للقيام بأعمال عدائية لصالح تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، إلا أن تلك العناصر تمكنت من الهروب من سجن المرج بالقاهرة، إبان أحداث ثورة يناير 2011.

مبارك يفضح إيران

بعد الثورة وخلال العام الماضي، 2018 أكد الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، أن الأجهزة الأمنية في مصر رصدت لقاءات لقيادات الإخوان في تركيا ولبنان وسوريا للتخطيط لفوضى في مصر بمساعدة من بعض الدول.

وقال خلال شهادته في قضية اقتحام السجون المتهم فيها الرئيس الراحل، محمد مرسي، وقيادات الإخوان إنه كانت هناك مؤامرة على مصر، مذكرا بواقعة قيام رئيس إيران بإلقاء خطبة الجمعة يوم 4 فبراير 2011 باللغة العربية، وفسر ذلك بأنه كان تشجيعاً للفوضى بمصر وتأجيج العنف.

تحرش جديد

ولا تزال إيران تعمل على التحرش بمصر، فخلال الأيام الماضية ادعى وزير النفط الإيراني أنه تم توقيف سفينة إيرانية في قناة السويس، إلا أن الجانب المصري نفى ذلك تماما على لسان مصدر مسؤول رفيع المستوى بهيئة قناة السويس، الذي أكد أن تلك الأنباء عارية تماما من الصحة، نافيا احتجاز سفن إيرانية في المجرى الملاحي لقناة السويس.

وكشف أن مصر لم تمنع أي سفينة من المرور والعبور، طالما لا تنطبق عليها تلك المعايير التي وضعتها الهيئة واتفاقية القسطنطينية.