طارق الشناوي يكتب: لغز الأخوين (داردين)!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


عنوان مهرجان (المنارات) هو الأخوان البلجيكيان (داردين)، حرص المنظمون على عرض آخر أفلامهما (الشاب أحمد) الحاصل على جائزة الإخراج فى مهرجان (كان) قبل بضعة أسابيع.

إنهما جان ولوك، الأول يكبر الثانى بنحو ثلاث سنوات، فى نهاية العقد السابع من عمرهما، لديهما رؤية واحدة للسينما، الواقع يفرض الحكاية، والأبطال غالبا يقفون أمام الكاميرا لأول مرة، المنهج هو الاقتصاد فى كل شىء، الديكور والإضاءة والتقطيع بين لقطة وأخرى، ولهذا يستخدمان الكاميرا المحمولة، الشريط السينمائى لا يستعيد الحياة بل يعيشها.

أتابع الأخوين منذ أن حصلا على السعفة الذهبية عام 99 فى (كان) عن فيلم (روزيتا)، والبطلة حصلت أيضا على جائزة أفضل ممثلة، وكانت المرة الأولى التى تقف فيها أمام الكاميرا.. السعفة الثانية جاءت مع فيلم (الطفل) فى بداية الألفية الثالثة، وكان لهما بعدها فيلم (يومان وليلة) قبل 5 سنوات، وخرجا خاويى الوفاض، وجاء (الشاب أحمد) ليعزف على الوتر الذى يعيشه العالم، مقتربا من تحليل مشاعر الخوف التى تسكن الناس، عندما يخضع مراهق من المهاجرين لغسيل مخ ويلتحق بداعش، كل المحاولات لانتشاله تبوء بالفشل، واحدة فقط تؤتى ثمارها، هى تلك اللحظة التى يواجه فيها الموت وتنقذه المعلمة التى كان يريد قتلها.

عُرض الفيلم فى سينما (البلاج) ليستمتع الجمهور مع الرمال والبحر، وهى متعة خاصة، أتمنى أن تسعى مهرجانات البحر المصرية لتحقيقها.

ويبقى سؤال ولا أملك له إجابة قاطعة، تلك الثنائية فى الإبداع، ولماذا وجدنا أكثر من شقيقين يقدمان أفلامهما معا؟.. بداية السينما فى العالم كانت مع الأخوين لو ميير (لويس وأوجست)، ولدينا فى إيطاليا الأخوان (تافيانى)، وفى أمريكا الأخوان (كوهين)، ومن المؤكد هناك أشقاء آخرون، فى مصر مثلا ستجد الأشقاء الثلاثة (محمد وخالد وشيرين) دياب، يشتركون معا فى السيناريو، بينما الإخراج يتولاه أحدهم، مثل (اشتباك)، وقبله (678) محمد، أو (طلق صناعى) خالد.

تجربة يتيمة فيلم مشترك (الغريب) وهما ليسا شقيقين بين كمال الشيخ وفطين عبدالوهاب، سألت المخرج الكبير كمال الشيخ، فأجابنى: أنا وفطين صديقان، ولهذا قررنا توثيق تلك الصداقة على الشاشة.. كيف تم التنفيذ؟ أجابنى: نأتى معا للاستوديو، هذا مثلا يوم تصوير فطين، أترك له القيادة وهو الذى وضع (الديكوباج) تقطيع اللقطات، ويشرف على التنفيذ، أنا فقط متابع ولو أردت إضافة شىء من الممكن أن أقوله همسا لفطين، ونتبادل المواقع فى اليوم التالى، وأضاف: فى كل الأحوال لم يكن هو الفيلم الأفضل لى أو له فنيا، ولكننا فقط أكدنا مشاعرنا للجميع على الشاشة.

لدينا أيضا (سنة أولى حب)، ستجد أسماء المخرجين صلاح أبوسيف ونيازى مصطفى وعاطف سالم وحلمى رفلة، أشرف على المونتاج النهائى المخرج كمال الشيخ، كان الغرض دعائيا، أى أن أسماء المخرجين الخمسة الكبار من الممكن أن تجذب الجمهور، وهو ما لم يتحقق، والاتفاق أن كل مخرج يختار عددا من الديكورات ويتولى تنفيذها وتصب فى النهاية عند كمال الشيخ، ليحقق هارمونية التتابع.

ويبقى لُغز الإبداع الثنائى بين الشقيقين وكيف يتم، وهو ما كان يمكن أن تعثر على إجابته فى اللقاء الذى أقامه مهرجان (المنارات) للأخوين داردين، ولكن مع الأسف كان اللقاء بالفرنسية، ولم تتم الترجمة للعربية أو الإنجليزية، وتلك حكاية أخرى!!.