سامي جعفر يكتب: المعارضة الظالمة لنفسها ومستقبلها المظلم

مقالات الرأي

سامي جعفر
سامي جعفر


طريق المعارضة فى مصر لن يكون مفروشاً بالورد، فى الـ10 سنوات المقبلة على الأقل، وجزء كبير من مسؤولية هذا الموقف الصعب يعود للسلوك السياسى لقادة المعارضة، بسبب طبيعة تحالفاتهم فى الماضى والحاضر، والطريقة التى يتعاملون بها مع الواقع، والمصالح التى يعملون فى إطارها.

ويعود هذا التوقع المظلم إلى أن التنظيم الأقوى فى المعارضة وأقصد هنا جماعة الإخوان، يستهدف إسقاط النظام بإرهاقه اقتصادياً وسياسياً باستخدام العمليات الإرهابية والدعاية السوداء، وتغيير هوية مصر من جمهورية شبه مدنية إلى ديكتاتورية إخوانية، وهو ما سبق ورفضه جموع المواطنين.

ما يزيد من سوداوية واقع المعارضة أن معظم الفصائل المدنية العلمانية الرافضة للنظام كانت فى الماضى ولا تزال فى الحاضر، أداة فى يد الدول المنافسة لمصر فى المنطقة مثل إيران وتركيا وقطر حالياً، كما كانت فى الماضى أداة فى أيدى دول عربية تستخدمها فى إثارة ضجيج محدود حول سياسات الدولة فى الشئون الإقليمية على وجه التحديد، وانخطرت مجموعات أخرى فى تأسيس مراكز حقوقية تعمل بتمويل دولى، تم توظيفها لإحراج مصر فى الملف الحقوقى.

ولضعف هذه الفصائل لجأت فى النهاية إلى التحالف مع جماعة الإخوان، بتصور سطحى للغاية مخالف لحقيقة حجم كل منهما، إذ تصورت المجموعات المدنية العلمانية أنها يمكن أن تحتل موقع "المخ" فى التحالف بينما تكتفى الجماعة بالقيام بدور "العضلات"، ولكن على أرض الواقع كانت الجماعة هى الأذكى، والأقوى، فجذبت المعارضة إلى صفوفها ثم اخترقتها وتلاعبت بها خصوصاً أن هذه المجموعات ضعيفة للغاية من الناحية التنظيمية والمالية مقارنة بالجماعة.      

وكانت "الإخوان" تستفيد بمجموعات المعارضة المختلفة جذرياً معها من الناحية الفكرية لهدف مرحلى سواء فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك أو بعده، وفى إطار حربها ضد الدولة، إذ كانت الجماعة فى عهد مبارك تحصل على شرعيتها السياسية من المعارضة ثم استخدمتها بعد ثورة 25 يناير للضغط فى اتجاه مصالحها وبعد 30 يونيو 2013 كانت الجماعة تستخدم هذه المجموعات لتدعى أنها جزء من معارضة موحدة ضد دولة 3 يوليو، وأنها - أى الجماعة- جزء من حراك وطنى، خصوصاً أن هذا التصور يفيدها فى إطار سعيها لعدم تصنيفها كتنظيم إرهابى فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

ويعود لجوء بعض المجموعات المدنية العلمانية إلى أحضان "الإخوان" إلى عدة أشياء أولها أن هذه المجموعات معزولة عن المواطنين وفقيرة فى الموارد المالية، وغير قادرة على إنتاج خطاب سياسى جاذب مع يدفعها إلى التعامل بعصبية وتطرف فى مواقفها، كما أنها لم تستطع التعبير عن الطبقة التى تدعى الدفاع عنها والتى تكون فى فترة الطبقة المتوسطة أو الفقراء بشكل عام فى وقت أخر.

وفى جميع الأحوال وجد الطرفان الذين أشرنا إليهما فى السابق ما يجمعهما، وبينما يمثل الأمر استفادة للجماعة الإرهابية، سيكون الطرف الثانى هو الخاسر فى جميع الأحوال لأنه غير قادر على وضع استراتيجية عاقلة طويلة النفس ليصبح رقم فى معادلة السياسة داخلياً.