"الأموال العامة" تحيل مسئولي "الأوقاف" إلى المحاكمة

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


بعد تورطهم فى تسهيل استيلاء رجل أعمال على أرض بـ337 مليون جنيه

حصلت «الفجر» على نص تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا، فى القضية المتورط بها رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية السابق، ومسئولين اثنين آخرين من كبار بالهيئة، اتهموا بتربيح رجل أعمال مبلغ 336 مليونًا و66 ألفاً و400 جنيه، متمثلة فى منحه قطعة أرض كبيرة تبلغ مساحتها 20 فداناً من خلال التلاعب والتزوير فى أوراق الأرض التابعة لهيئة الأوقاف، وتمكينه من الاستيلاء عليها دون وجه حق من خلال مخطط التلاعب والتزوير.

حملت القضية الرقم 2969 لسنة 2019 جنايات التجمع الخامس، وقيدت تحت رقم 46 لسنة 2019 جنايات أموال عامة عليا، وتولى التحقيق فيها المستشار عبدالله محمد رئيس النيابة بنيابة الأموال العامة العليا، تحت إشراف المستشار محمد البرلسى المحامى العام لنياية الأموال العامة العليا.

وتضم القضية 4 متهمين، وهم: «م.غ»، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية وقت الواقعة، و«أ.أ»، وكيل وزارة بهيئة الأوقاف وقت الواقعة، و«ج.ح»، مدير عام منطقة أوقاف الجيزة بهيئة الأوقاف، «ز.ع»، رجل أعمال ورئيس مجلس إدارة شركة للمشروعات السياحية.

وأوضح عمرو أحمد طارق، عضو هيئة الرقابة الإدارية، فى تحقيقات نيابة الأموال العامة، أنه وردت إليه معلومات أكدتها تحرياته السرية، تفيد تواطؤ بعض مسئولى هيئة الأوقاف المصرية مع المتهم الرابع فى إجراء البيع له بطريق الممارسة لقطعة أرض تمتلكها الهيئة بموجب حجة شرعية رقم 33 صادرة من محكمة الإسكندرية مساحتها 20 فداناً، ضمن وقف محمد حسن الأنصارى الشهير بسيدى كرير بمحافظة الإسكندرية، والتى تقع تحديدا بالكيلو 33 من طريق الإسكندرية مطروح تقاطع محور التعمير مع طريق برج العرب.

وشاب إجراءات البيع لقطعة الأرض مخالفة تكشف عن ذلك التواطؤ، وهى تزوير مذكرة إدارة الاستبدال المؤرخة 13 يوليو 2009 المتضمنة نتيجة الممارسة التى أجرتها هيئة الأوقاف مع المتهم الرابع، بجلستها المعقودة فى 9 يونيو 2009، أثبت بها محرروها على خلاف الحقيقة أن السعر الأساسى للممارسة المقدر من قبل لجنة الاستبدال، هو مبلغ 125 جنيهاً، على خلاف حقيقة كونه 175 جنيهاً للمتر المربع، بهدف إتمام صفقة البيع مع المذكور وتمكينه من شرائها بسعر 130 جنيهاً للمتر المربع، تربيحا له بدون وجه حق، كونه غير مستحق لشراء قطعة الأرض من الأساس، وطريقه شرائه لها بها مخالفة قانونية وتزوير فى أوراق رسمية.

عقب ذلك استمعت النيابة إلى أقوال، سيد سعد محروس، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الحالى، الذى أكد أن الإجراءات التى تمت بشأن الأرض محل التحقيق تتمثل فى قيام المتهم الأول رئيس مجلس الإدارة السابق بتحرير المذكرة المؤرخة 8 أكتوبر 2008، لعرضها على مجلس إدارة هيئة الأوقاف بشأن 6 طلبات مقدمة من واضعى اليد على قطع أراضى ضمن وقف محمد حسن الأنصارى.

وذكر فى هذه المذكرة أن هناك مصلحة ملحة للهيئة فى إجراء الاستبدال مع مقدمى الطلبات بالممارسة، وبناء عليه أصدر مجلس إدارة الهيئة قراره رقم 225 بتاريخ 12 أكتوبر 2008، بالموافقة على الاستبدال بالممارسة مع مقدمى الطلبات وفقا لسعر المثل، وبعد العرض على لجنة الاستبدال.

وأوضح أن ذلك القرار اشترط العرض على لجنة الاستبدال لتحديد السعر الأساسى للأرض ثم إجراء الممارسة دون الرجوع إليه، وتم اعتماد قرار مجلس الإدارة من وزير الأوقاف.

وأكد أن السعر الأساسى الذى تم تقديره من لجنة الاستبدال للأرض محل التحقيق هو 175 جنيهاً للمتر المربع، وصفقة الأرض كانت لها من الحجم والأهمية ما يجعل المتهم الأول يتابع إجراءاتها ويعلم جيدا بالسعر الأساسى المقدر، خاصة أنها كانت بمساحة كبيرة وموقع مميز وهى الوحيدة التى سعى واضع اليد على استكمال إجراءات الاستبدال بشأنها من بين الستة طلبات التى عرضت على مجلس الإدارة، وذلك السعر الأساسى للأرض لم يتم تعديله.

وعقدت للأرض محل القضية جلستان للممارسة، الأولى بتاريخ 14 إبريل 2009 وفيها تم التمارس مع المتهم الرابع، ووصل إلى سعر 125 جنيهاً للمتر المربع، ورأت لجنة الممارسة أنه لم يصل إلى السعر الأساسى المقدر من لجنة الاستبدال، مؤكدا عدم صحة ما قررته المتهمة الثانية من أن السعر الأساسى للممارسة كان 125 جنيهاً، وأن سبب إلغاء تلك الجلسة هو عدم وصول المتمارس إلى سعر أعلى من السعر الأساسى، حتى يحصل أعضاء لجنة الممارسة على مكافأة، وأن ما تدعيه المتهمة «كلام غير سليم»، ولم يكن متبعا بهيئة الأوقاف.

أما الجلسة الثانية فكانت بتاريخ 9 يونيو 2009، وفيها تم الوصول مع المتمارس إلى سعر 130 جنيهاً للمتر المربع، ورأت لجنة الممارسة احتساب قيمة الصفقة ثم رفع الأمر للسلطة المختصة، وهذا يعنى أن المتمارس وصل للسعر الأساسى أو ما يزيد، وإن كان لم يدون بالمحضر تلك العبارة.

وأوضح الشاهد أن مذكرة إدارة الاستبدال بتاريخ 13 يوليو 2009 المتضمنة نتيجة جلسة الممارسة المؤرخة 9 يونيو 2009 قام بتحريرها مراجع منطقة أوقاف الإسكندرية بالهيئة، ودون فيها بيانات الصفقة، وقام بحساب قيمتها وتحديد اسم الوقف والسعر الأساسى والسعر الراسى به الممارسة، وتم توقيع المذكرة من رئيس قسم الاستبدال ومدير إدارة الاستبدال ومدير عام الملكية العقارية، ووكيل الوزارة للملكية العقارية، ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف وقتها، لتتم بذلك صفقة البيع.

وأضاف الشاهد أن المذكرة آنفة البيان قد أثبت بها على خلاف الحقيقة أن السعر الأساسى لصفقة الأرض 125 جنيهاً للمتر المربع بدلا من 175 جنيهاً، وأنها قد جاءت خالية من توقيع رئيس لجنة الممارسة، وأنه لا يوجد تحت يد موظفى إدارة الاستبدال بالهيئة أى مستند يشير الى تحديد السعر الأساسى المقدر من لجنة الاستبدال ولا يتوافر لديهم العلم به، وإنما يتوافر العلم بحقيقة السعر الأساسى لدى كل من المتهمين الأول لاعتماده السعر الأساسى المقدر من لجنة الاستبدال بمحضر جلستها المؤرخ فى 22 فبراير 2009، والثالث بوصفه عضوا بلجنة الاستبدال والمشرف على جلستى الممارسة للأرض المؤرختين 12 إبريل و9 يونيو من عام 2009، والثانية بوصفها رئيسة لجنة الاستبدال بهيئة الأوقاف.

وأوضح الشاهد أن ما يظهر أيضا التلاعب فى الأوراق، أنه عقب انتهاء إجراءات الممارسة وقبل اعتمادها من المتهم الأول، تقدم المتهم الرابع بطلب إلى الهيئة يلتمس فيه تقسيط مقدم صفقة التعاقد، وقد رفض مجلس الإدارة طلب التقسيط فى اجتماعه رقم 234 المؤرخ فى 12 يوليو 2009.

وأكد المجلس أن التعاقد مع رجل الأعمال المتهم لم يكن يخص السعر الأساسى للممارسة والذى لم يعرض على مجلس الإدارة بمذكرة بمذكرة رئيس مجلس الإدارة أو إجراءات الصفقة والتى سبق تحديدها وحسمها بقرار المجلس السابق المؤرخ 12 أكتوبر 2008.

وكلفت النيابة العامة، عقب ذلك، هيئة الأوقاف المصرية بتشكيل لجنة لتحديد السعر الحالى لقطعة الأرض محل القضية، وبناء على ذلك أصدر رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الحالى القرار رقم 3032 لسنة 2018 بتشكيل لجنة من أعضاء لجنة الاستبدال ولجنة المعاينات العليا المختصين بمنطقة الإسكندرية، ومن بينهم مدير عام بالهيئة المصرية العامة للمساحة ووكيل الوزارة بالهيئة العامة للخدمات الحكومية، وانتقلت إلى الأرض موضوع القضية وتمت معاينتها.

وكشف محضر المعاينة استقرار أعضاء اللجنة على أن سعر المتر المربع للأرض يقدر بمبلغ 4 آلاف جنيه، بما تكون معه إجمالى قيمة الأرض بمبلغ 336 مليوناً و66 ألفاً و400 جنيه، وهو المبلغ المطلوب القضاء برده أو رد الأرض عينا عملا بنص المادة 118 من قانون العقوبات.

وذلك تأسيسا على أن المتهم الرابع، لم يكن له الحق ابتداء فى الحصول على منفعة شراء الأرض بجلسة الممارسة المؤرخة 9 يونيو 2009 لعدم وصوله إلى السعر الأساسى المقدر من لجنة الاستبدال، بما كان يستتبع معه إلغاء الممارسة وعرض الأرض للبيع بالمزاد العلنى عملا بنص المادة 27 من لائحة الاستبدال الصادرة بقرار وزير الأوقاف رقم 11 لسنة 2003.

وعقب انتهاء التحقيقات، وجهت نيابة الأموال العامة، إلى المتهمين من الأول وحتى الثالث، تهم أنهم بصفتهم موظفين عموميين، حصلوا لغيرهم بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفتهم، كما حصلوا للمتهم الرابع بدون حق على منفعة شرائه الأرض محل القضية.

وذلك، بأن وقعا، الثانية والثالث، واعتمد الأول مذكرة إدارة الاستبدال المؤرخ 13 يوليو 2009 المتضمنة نتيجة جلسة الممارسة المؤرخة 9 يونيو 2009، التى أجرتها هيئة الأوقاف المصرية لبيع قطعة الأرض مع رجل الأعمال، تفيد على خلاف الحقيقة وصوله لسعر يزيد على السعر الأساسى المقدر من لجنة الاستبدال بالهيئة، وجاء توقيع الثانية والثالث بما يفيد صحة بيانات المذكرة وموافقتهم على حصول البيع، واعتمدها الأول بما يفيد إيقاع البيع، مع علمهم بذلك قاصدين تظفير رجل الأعمال المتهم بمنفعة شراء الأرض بغير حق.

كما اتهمتهم النيابة بارتكابهم وآخرين حسنى النية، تزويرا فى محرر رسمى هو مذكرة إدارة الاستبدال المؤرخة 13 يوليو 2009، المتضمنة نتيجة جلسة الممارسة المؤرخة 9 يونيو 2009 المشار إليها بوصف الاتهام السابق حال تحريرها المختصين بوظيفتهم، وكان ذلك بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة.

كما اتهمت النيابة العامة رجل الأعمال المتهم، بالاشتراك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول حتى الثالث فى ارتكاب الجرائم المذكورة، بأن اتفق معهم على ارتكابها، وساعدهم بأن وافق على شراء الأرض بأقل من السعر المقدر من قبل لجنة الاستبدال بهيئة الأوقاف، مع علمه بذلك، فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.