رامي المتولي يكتب: خلطة مصرية وهندية تنقذ Aladdin من عنصرية هوليوود

مقالات الرأي



أيقونة جديدة من أيقونات «ديزنى» تتحول من الكارتون إلى الصورة الحية، Aladdin  1992 تغير شكله بعد 27 عاما بفيلم جديد يحمل نفس العنوان والذى يعيد رواية نفس الخطوط الرئيسية فى الفيلم الأول الذى حقق نجاحا مدويا للحد الذى جعل استغلال شخصياته علاء الدين والأميرة ياسمين والجنى الأزرق فى العديد من المجالات المتنوعة لتحقيق أرباح ومكاسب أكثر، الشخصيات مثلًا تحولت لعرائس بأشكال وأحجام مختلفة، وأيضًا مجسمات كبيرة قابلة للارتداء سواء للظهور على خشبة المسرح فى العروض الاستعراضية التى تمنح حقوقها «ديزنى» أو مدن الألعاب الخاصة بها المنتشرة حول العالم.

كما تحولت الشخصيات مع عالمها لتكون ألعاب فيديو، وشاركت الشخصيات فى الدعاية وصُنعت أفلاما قصيرة، أى أن استغلالها جرى على مدى بعيد مع تحول هذه الشخصيات لعلامات مميزة مع مرور السنوات بسبب النجاح الأول، الآن يأتى مظهر آخر من مظاهر الاستغلال هو إعادة الإنتاج ليتناسب الفيلم الجديد مع الأجيال الجديدة ومواكبة التطور الذى حدث فى تقنيات التصوير والخدع البصرية فى الفترة الأخيرة.

اختير وجه معروف عالميًا ونجم شهير آفرو- أمريكى هو ويل سميث ليقدم شخصية الجنى وهى الشخصية التى تعد الأشهر بخفة ظله ولونه الأزرق المميز وميله للغناء والفكاهة القادمين من الفيلم الأصلى عام 1992، لذلك يأتى سميث ليضيف ثقلا إلى الشخصية مع مينا مسعود (علا الدين) الوجه الصاعد الذى هاجر إلى كندا من مصر مع عائلته وهو بعمر ثلاث سنوات، وتقاسمت معه البطولة المغنية والممثلة ناعومى سكوت (الأميرة ياسمين) صاحبة الأصول الهندية والتى ولدت فى أوغندا ثم هاجرت مع عائلتها فى سن مبكرة إلى إنجلترا كما الحال مع مينا.

صاحب شخصية جعفر هو هولندى بالميلاد لكنه قادم من عائلة تونسية يدعى مروان كينزارى، وفى أدوار السلطان ووصيفة الأميرة الممثلان الايرانيا الأصل الامريكيا الجنسية نافيد ناجيبيهان ونسيم بيدراد، هذا الخليط بالطبع لم يضم ممثلين من أصحاب البشرة البيضاء وبالطبع السبب واضح وهو تفادى الاتهام الذى أصبح مسلطًا على الأفلام الهوليودية مؤخرًا كونها عنصرية تجاه الأعراق الأخرى ليبدو الفيلم وكأنه أحد مقار الأمم المتحدة لكن بدون أى من أصحاب البشرة البيضاء، وخلافًا للكارتون الذى اتسمت أجواؤه بالشكل العربى بحكم كون الشخصية قادمة من كتاب حكايات «ألف ليلة وليلة»، لكن الفيلم الأحدث أضاف مسحة آسيوية شرقية تحديدًا هندية لكل تفاصيله، ليصبح الشكل العام للفيلم هجين بين ما هو عربى وهندى مع اختلاف الثقافتين بشكل واضح، وكون أن قارة آسيا تجمعهم لا يعنى أن أصولهم الثقافية واحدة.

الفيلم على المستوى البصرى مبهر وخفيف واستعراضاته جيدة على الرغم من طابعها المشتت بين ما هو عربى وما هو هندى، لكن فى النهاية المدينة التى يعيش فيها الأبطال هى خيالية طابعها خليط من حضارات وثقافات متعددة وتعبر عن نظرة وتخيل صناع السينما فى هوليوود للشرق بشكل عام، لكنه خرج من إطار كونه فيلما للأطفال والأسرة ليعبر عن قضايا سياسية وصراعات حالية، فكما أصبح من الواجب وجود جرعة متوازنة من الممثلين أصحاب البشرة الملونة فى أى فيلم أصبح من اللازم التعبير عن قضايا حرية المرأة بنفس شكل ومصطلحات الحركات النسوية المتطرفة التى أصبح فكرها يحتل بقاعا كثيرة من العالم وطريقة المنادين بمبادئها المتعجرفة والميالة للعنف وحملات التشويه الإلكترونى أصبحت لغة عالمية عند النساء، لذلك يتقى الصناع شرهم بأن تظهر فى أحد المشاهد امرأة أو أكثر بمظهر قوى مسيطر يحرك الرجال فقط لدغدغة مشاعر هذه الفئة التى بالفعل أكثر عنفًا ولؤمًا من أصحاب البشرة الملونة المطالبين بكوتة داخل الأفلام.

ربما يكون الفيلم جيدًا يتلقى النجاح والإشادة العالميين لكنه فعليًا أقل بكثير من فيلم 1992 على إمكانياته المحدودة، والمدخلات الكثيرة المواكبة للتغيرات السياسية والاجتماعية التى يشهدها العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين أثرت سلبيًا على الفيلم ككل لكونه لم يخل منها من جانب وحولته لبوق ومساحة لجماعات الضغط للتعبير عن أفكارها بعيدًا عن الاستمتاع بقصة لطيفة تحمل بعض الأبعاد التعليمية للأطفال لم تكن تظهر بشكل مباشر فى مطلع تسعينيات القرن الماضى، وتصبح وسيلة للإرهاب الفكرى سواء القادم من النسويات أو الابتزاز الفج القادم من أصحاب البشرة الملونة ليضيع الفيلم والفن تماما بينهم.