طارق الشناوي يكتب: بزرميط!!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


عندما يمتزج المقدس والمدنس معًا تُصبح هذه هى النتيجة، نفقد البوصلة، ونصادر الميزان، ونحطم الترمومتر، يصبح أى شىء من الممكن أن يساوى كل شىء، أو لا يساوى شيئًا.


تعمدوا أن يطلوا مرة بزاوية أخلاقية وأخرى نفعية، حتى وصلنا لتلك الحالة من الترنح، أتحدث عن اللاعب وردة وموقف اتحاد الكرة (الزجزاجى) الذى ينتقل 180 درجة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بحثًا عما يتصور أنها المصلحة.

كثيرة هى الكلمات الدخيلة على لهجتنا المحلية، ومع الزمن تملك خصوصية وتأخذ معنى لا يمكن الاستغناء عنه، مثل كلمة (بزرميط)، وتكتشف أن أساس الكلمة فرنسى بمعنى فوضى.

ما حدث فى قرارات اتحاد الكرة هو التعريف الحصرى الجامع المانع للبزرميط.

قرار منع وردة اتخذوه من أجل الحفاظ على الأخلاق ولرفعة شأن الوطن، وأنه لا يجوز التسامح مع من ارتكب الفاحشة، فهو لا يمثل نفسه، ثم بعد 24 ساعة تراجعوا جميعًا واستندوا أيضًا للوطن، اللاعب يؤدى مهمة قتالية، ولا يوجد له بديل، وعلينا من أجل الفوز بالكأس أن نُسقط أى كلام آخر.

تجاهلوا أنه لا توجد فى الدُنيا جريمة بلا عقاب، حتى السابقة الأولى يعاقب عليها القانون باعتبارها سابقة أولى، وربما يُسقطها فقط من الملف الجنائى.

فجأة، صرنا نردد آية فى الإنجيل (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر)، وتوجهت شحنة الغضب للسخرية من ملامح الفتاة المانيكان المصرية التى تقيم فى دولة الإمارات العربية، وتحولت إلى مذنبة باعتبارها هى التى بدأت بالتحرش، وأنها تُشبه محمد رمضان، وهى التى بدأت الخطوة الأولى، لأن لها صفحة على (السوشيال ميديا).

الفتاة التى تضع صورتها على موقع التواصل الاجتماعى مثل الرجل حق طبيعى، عقد صداقات أيضًا مسألة لا ينبغى أن تُثير حفيظة ولا غضب أحد، ولكن التجاوز مُجرّم قانونًا وهناك جهاز شرطة للميديا فى كل دول العالم، يعاقب من يرتكب مثل هذه الحماقات تصل أحيانًا للسجن إذا انطوت على جريمة سب وقذف.

لا أوافق على أن نزج باسم والد وردة، لاعب كرة السلة، أول من ارتدى ما أطلق عليه وقتها (الشورت الشرعى)، كما أنه عند إعلان فوز مصر ببطولة كرة السلة رفع المصحف بدلًا من الكأس، المفروض وردة لا يعاير بوالده المتزمت دينيًا، كما أن الوالد لا يعاقب بسلوك ابنه الذى تجاوز مرحلة المراهقة، ولكننا لا ننشد الحقيقة، هناك حسابات أخرى، ليس لها علاقة بالتحرش.

الكل يضع معادلات مسكوتًا عنها، خارج النص، تخنق فى النهاية العدالة، هل ما فعله وردة تحرش واضح وصريح؟ إذن طبقوا عليه القانون، ولكن وقبل ذلك تأكدوا أن فعل التحرش لا يحتمل الشك، لأن الشك قانونًا ورقة لصالح المتهم.

هذا هو المطلوب أولًا وحتى عاشرًا وبعدها ينتهى الأمر، لأن مرجعيتنا ستصبح القانون.

واقعة وردة هى المرآة التى شاهدنا فيها أنفسنا، لنتأكد أن لدينا الكثير من الادعاءات المثالية التى نسارع بالجهر بها، أمام الناس، ولكننا فى النهاية نتخذ القرار الذى يحقق ما نعتقد أنه تكمن فيه مصالحنا، وهكذا ننتقل بلا خجل بين المقدس والمدنس، ونحن نرفع فى المرتين شعار حب الوطن، هل لديكم شك أنه (البزرميط)!!