في جلسة الأمن الدولي.. إجماع عالمي على لجم إيران

عربي ودولي

خامنئي
خامنئي


فيما دعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي المجتمع الدولي، إلى الوقوف أمام الابتزاز النووي الذي تمارسه إيران، بعد إعلانها عدم الالتزام ببنود الاتفاق، وزيادة تخصيب اليورانيوم، أجمعت الأغلبية في مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء، على ضرورة عدول طهران عن مواقفها العدائية، وخفض التوتر والعسكرة في النزاع مع واشنطن.

 

وخيّمت أجواء من القلق والتوجس، خلال جلسة لمندوبي مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، حول مصير الاتفاق النووي المبرم بين إيران ودول الـ5+1 في 2015، اليوم، حيث أعربت دولاً أوروبية عن مخاوفها من تداعيات تصعيد الأزمة بين واشنطن وطهران، خاصة بعد العمليات الاستفزازية التي قامت بها الأخيرة خلال الشهرين الماضيين في المنطقة، كان آخرها إسقاط طائرة دون طيار أمريكية قرب مضيق هرمز.

 

قلق أوروبي

وأعرب مندوب الاتحاد الأوروبي جواو فالي دي ألميدا، خلال الجلسة، عن أسفه لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، مؤكداً مواصلة دعم أوروبا للاتفاق، مشيراً إلى أن "الاتفاق النووي أوقف حصول إيران على السلاح النووي". كما قال إنه لا يوجد بديل سلمي يعتد به عن الاتفاق، فيما طالب كل الأطراف بخفض مستوى التوتر والعسكرة في النزاع مع إيران.

 

من جهتها، قالت منسقة مجلس الأمن الدولي روزماري دي كارلو في تقريرها بشأن الاتفاق النووي مع إيران: "نأسف للتدهور الحاصل مؤخراً مع إيران، وقلقون من تراجع إيران عن التزاماتها"، معتبرةً أن "خطة العمل مع إيران باتت تقع في منعطف خطير".

 

وأضافت أن قرار الولايات المتحدة بعدم تمديد إعفاءات تسمح لبعض الدول باستيراد النفط الإيراني ربما يعرقل تطبيق الاتفاق النووي مع إيران، مشيرة إلى أن إعلان إيران بأنها ستتخذ خطوات جديدة لتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لا يساعد في الحفاظ عليه.

إدانة واسعة

من جانبها، طالبت مندوبة بريطانيا في مجلس الأمن، كارين بيرس، إيران بالالتزام بالاتفاق النووي، مشيرة إلى أن إيران تواصل إطلاق الصواريخ الباليستية، مما يخالف قرارات مجلس الأمن، وعليها أن تصبح دولة طبيعية تندمج مع محيطها، مؤكدة مسؤولية إيران عن الهجوم على ناقلات النفط قبالة سواحل الفجيرة في دولة الإمارات، مطالبة طهران بالالتزام بالاتفاق النووي.

 

من جهته، قال مندوب ألمانيا في مجلس الأمن كريستوف هويسجغن، إن "نقل إيران للصواريخ إلى الحوثيين في اليمن يمثل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن"، معرباً عن قلقه من نقل إيران تكنولوجيا الطائرات دون طيار إلى الحوثيين في اليمن، فيما طالب إيران باحترام التزاماتها النووية بحسب الاتفاق، وبناء الثقة مع جيرانها في المنطقة.

أما مندوب فرنسا في مجلس الأمن فرنسوا ديلاتر، فأعرب هو الآخر عن قلقه من استمرار إيران في تصدير السلاح للميليشيات في المنطقة، مشدداً على ضرورة التزام طهران بالاتفاق النووي، وتحلي الجميع بالحوار والتهدئة.

 

موقف روسيا

 

كان لدى روسيا رأياً آخراً بهذا الشأن، حيث قال مندوب موسكو في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا، إن الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي يجب أن تتخلى عن مصالحها الخاصة لإبقاء الاتفاق، مؤكداً أن "إيران ملتزمة بالاتفاق النووي وزيادة العقوبات تدفع بالوضع إلى نقطة اللاعودة"، في إشارة إلى التصعيد الأمريكي.

 

وكانت تعهدت روسيا الإثنين الماضي، بالتصدي للعقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، فبحسب وكالات أنباء روسية، قال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، إن روسيا وشركاءها سيتخذون خطوات للتصدي لعقوبات جديدة قالت واشنطن إنها ستفرضها على إيران، مضيفاً أن فرض العقوبات سيصعد التوتر وأنه يتعين على واشنطن السعي إلى الحوار مع طهران بدلاً من ذلك.

 

تعنّت إيراني

وكعادتها حاولت إيران الدفاع عن نفسها، بإفناد التقارير التي أكدت تورطها في الهجمات الأخيرة في الخليج العربي وخليج عمان، حيث قال المندوب الإيراني مجيد تخت روانجي، إن بلاده لا يمكن أن تتحمل "بعد الآن كل أعباء الحفاظ على الاتفاق النووي. نحن ملتزمون بخطة العمل حول الاتفاق النووي وعلى الأطراف الأوروبية إظهار نية حسنة والمحافظة على خطة العمل.. منحنا الفرص تلو الأخرى ونطالب الدول الأوروبية بالتعويض عن العقوبات".

وتابع المندوب الإيراني: "الولايات المتحدة انسحبت من خطة العمل وأعادت فرض العقوبات. كما أنها تهدد الدول الأخرى إذا التزمت بالقرار 2231. واشنطن تمارس إرهاباً اقتصادياً ضدناً.. العقوبات الأمريكية عقاب جماعي على الشعب الإيران".

 

وأضاف "ما دامت العقوبات غير القانونية قائمة، لا يمكن للمرء أن يثق في عرض بإجراء حوار صادق وحقيقي، الثقة شرط أساسي لبدء حوار هادف، مشدداً على أن الصواريخ الإيرانية "لا تحمل شحنات نووية وبالتالي لا تخضع للرقابة وفق الاتفاق"، مؤكداً أن "الطائرة دون طيار الأمريكية التي تم إسقاطها مؤخراً دخلت مجالنا الجوي"، على حد قوله.

 

ضغط أمريكي

من جانبها، تسعى واشنطن للضغط على طهران بكل الطرق الممكنة، فإلى جانب العقوبات المستمرة على اقتصادها وقياداتها، تعمل الولايات المتحدة على إنشاء تحالف دولي لمواجهة الإرهاب الإيراني.

وقال ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، جوناثان كوهين، خلال الجلسة، إن إيران تواصل دعم الإرهاب من خلال ميليشياتها في المنطقة، وبلاده ستعمل على كبح أنشطتها، فيما جدد اتهامه لإيران بتهديد الملاحة الدولية برياً وبحرياً وجوياً.

 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال اليوم الأربعاء، إنه لن ينشر قوات برية جديدة إذا أصبح العمل العسكري ضد إيران ضرورياً، مضيفاً أن أي صراع لن يستغرق وقتاً طويلاً.

وعندما سئل إن كان شبح الحرب يلوح في الأفق، أجاب ترامب خلال مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس: "أتمنى ألا نخوض حرباً لكننا في وضع قوي جداً إذا حدث شيء".

وجاءت تصريحات بعد أيام فحسب من إلغاء ترامب ضربات جوية قبل دقائق من تنفيذها، فيما حذر الحلفاء من أن تزايد التوتر منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران العام الماضي، قد يؤدي عرضاً إلى اندلاع حرب.

 

موقف عربي موحد

وبالتوازي، تواصل الدول الخليجية والعربية تأكيد موقفها الثابت الرافض تجاه الأعمال التخريبية والإرهابية التي تقوم بها إيران بهدف زعزعة منطقة الشرق الاوسط، وبسط سيطرتها عليها ونشر أذرعها الإرهابية في كل مكان.

وفي بيان صحافي أعدته الكويت، الإثنين الماضي، وصدر بالإجماع بعد جلسة مغلقة لمجلس الأمن دامت أكثر من تسعين دقيقة، دان البيان الهجمات التي استهدفت السفن الأربع قبالة الإمارات في مايو (أيار) الماضي، والسفينتين قبالة عمان هذا الشهر، ووصفها بأنها تهديد لإمدادات النفط العالمية وكذلك السلام والأمن الدوليين.

 

وخلال القمتان الطارئتان العربية والخليجية، اللتان دعا إليهما خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في مدينة مكة في مايو (أيار) الماضي، بعثت الدول رسالة واضحة وصريحة لإيران مفادها أنها لن تتهاون في مسألة أمن واستقرار المنطقة، ولن تسمح لأحلام وطموحات الهيمنة الإيرانية أن تتوسع أكثر.

على شفا الحرب

وجاء هذا الموقف الدولي المشترك بعد ساعات فقط من فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عقوبات جديدة على إيران مستهدفة المرشد الأعلى علي خامنئي، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إلى جانب ثمانية من قادة الحرس الثوري الإيراني، في ضربة أخرى موجعة للنظام الملالي.

 

فيما لمحت إيران إلى أنها على بعد يوم واحد من تجاوز الحد الأقصى المسموح به في الاتفاق لمخزونها من اليورانيوم، وهو تحرك سيضع ضغطاً على الدول الأوروبية التي حاولت عدم الانحياز لطرف.

من جانبه، أشار المبعوث الأمريكي الخاص بإيران براين هوك، السبت، إلى أن بلاده تعمل على منع إيران من محاولة السيطرة على الشرق الأوسط، من خلال فرض المزيد من العقوبات، والتي ستحرمها من نحو 50 مليار دولار.