كيف نجت مصر من سداد 8 مليار دولار غرامات تحكيم دولى؟

الاقتصاد

بوابة الفجر


بعد سنوات من الصولات والجولات والتى تخللتها لقاءات وتوسطات من شركات أجنبية عالمية لإزالة الخلافات بين مصر واسرائيل وبعض الشركات الأجنبية العالمية التى تستحوذ على نسب بمعملى إدكو بدمياط ورشيد بالبحيرة بعد قيامها اللجوء للتحكيم الدولى ضد قرار الحكومة المصرية وقف استيراد الغاز الإسرائيلى، الأمر الذى ترتب عليه توقف مصنعى الإسالة بسبب وقف ضخ الغاز الإسرائيلى لمصر وكذلك أيضا توقف عمل مصنعى الإسالة اللذان يقومان بتسييل الغاز التى تساهم فى ملكيتهم بعض الشركات العالمية ولعل أبرزها "يونيون فينوسا" الإسبانية ونوبل إنرجى الأمريكية.

ووقعت فى وقت سابق كلا من شركتي (نوبل إنرجي) الأمريكية، و(يونيون فينوسا) الإسبانية خطاب النوايا الذي تم توقيعه لبدء استيراد الغاز من الحقول الإسرائيلية لمشروعها في دمياط لإسالة وتصدير الغاز لا يمكن أن يتم الأمر إلا بموافقة السلطات المصرية المختصة ، بما يحقق المصلحة القومية لمصر وحل جميع قضايا التحكيم التجارية المعلقة.

وساهمت التحركات الأخيرة من قبل مسئولى وقيادات الدولة من مختلف القطاعات فى إنهاء قضايا التحكيم الدولي المرفوعة من قبل شركة غاز شرق المتوسط والتي تقدر قيمتها بنحو 8 مليار دولار، بالإضافة إلى التنازل عن قيمة الغرامة والتي حصلت الشركة عليها خلال ديسمبر من عام 2015، وتقدر بنحو 288 مليون دولار، كما ستساهم الصفقة في استيراد الغاز من إسرائيل وإمداد محطات الإسالة المصرية بالغاز الطبيعي، لإعادة إسالته وتصديره مرة أخري للخارج.

وأعلنت منذ أيام، كل من الهيئة المصرية العامة للبترول، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، التوصل إلى اتفاق ودي لحل النزاع القائم مع هيئة "كهرباء إسرائيل"، حيث جرى الاتفاق على تخفيض مبلغ الحكم الصادر لصالح هيئة كهرباء إسرائيل إلى مبلغ تسوية قدره 500 مليون دولار أمريكي.

وقالت وزارة البترول فى بيان رسمى لها ، إنه "في ضوء الحكم الصادر بتاريخ 4/12/2015 من غرفة التجارة الدولية (ICC) ضد الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) بأحقية هيئه كهرباء إسرائيل في الحصول على تعويضات تقدر بحوالي1.7 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى مبلغ الفوائد، وحرصاً على توفير المناخ الجاذب للاستثمار، جرى التوصل إلى هذا الاتفاق".

وأوضحت أنه بتاريخ 16 يونيو 2019، جرى توقيع اتفاق التسوية من قبل الأطراف، والتي تتضمن أهم النقاط التالية: "أنه بعد الوصول إلى تاريخ الإغلاق/ تاريخ تفعيل اتفاق التسوية من قبل الأطراف، سيتم تنازل هيئة كهرباء إسرائيل عن جميع الحقوق الناشئة أو المتعلقة بحكم التحكيم الصادر لصالحها".

وتابعت أن "قيمة التسوية مبلغ وقدره 500 مليون دولار أمريكي يتم سداده على مدار8 سنوات ونصف بواقع سداد مبلغ وقدره 60 مليون دولار كدفعة مقدمة في تاريخ تفعيل إتفاق التسوية، وسداد مبلغ وقدره 40 مليون دولار بعد ستة أشهر من تاريخ تفعيل إتفاق التسوية، وسداد المبلغ المتبقي بواقع 16 قسطًا نصف سنوي، بمبلغ وقدره 25 مليون دولار، وسيتم ضمان سداد المدفوعات عن طريق استصدار خطاب اعتماد مستندي من البنك الأهلي المصري وفقًا لإحكام القانون المصري.

وأشارت إلى أنه "في حالة عدم الالتزام بالسداد لمدة قسطين وعدم قدرة هيئة كهرباء إسرائيل الحصول على قيمة مبلغ التسوية المتبقي تحت تفاق التسوية من خلال طلب الإسراع بسداد المبلغ المتبقي من خلال الاعتماد المستندى البنكي الصادر لها، يحق لها إنهاء اتفاق التسوية شريطة قيام هيئة كهرباء إسرائيل برد كافة المبالغ التي تم الحصول عليها بموجب اتفاق التسوية".

وعقدت فى 4 يوليو2018 الماضى أولى جلسات التحكيم الدولي بين شركة غاز شرق المتوسط وشركة كهرباء إسرائيل، ضد الهيئة العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، حيث شهدت الجلسات بداية المرافعات القانونية من جانب الأطراف المختلفة، وتقديم المستندات الدالة على موقفهم القانوني.

 وأقامت كلا من غاز شرق المتوسط وشركة كهرباء إسرائيل دعوى ضد مصر بصفة تضامنية، على خلفية تضررهما من توقف إمدادات الغاز، فى الفترة من فبراير 2011، وحتى إلغاء التعاقد التجارى فى أبريل 2012

ومؤخرا اتفقت شركة نوبل إنرجي الأمريكية وشركة ديليك للحفر الإسرائيلية وشركة غاز الشرق المصرية، علي شراء نسبة 39% من شركة غاز شرق المتوسط والتي تمتلك خط أنابيب الغاز الواصل بين مصر وإسرائيل، حيث تقدر قيمة الصفقة بنحو 518 مليون دولار، حيث ستدفع شركة غاز الشرق المصرية نحو 148 مليون دولار لشراء حصة في شركة غاز شرق المتوسط.

وبحسب نائب الرئيس الأول لشركة نوبل إنرجي، كيث اليوت، فإن الصفقة ستدعم خطة مصر في تحقيق هدفها بأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، مما يوفر إمكانية الوصول إلى كل من الأسواق المحلية المتنامية والتصدير للخارج من خلال استخدام محطات الإسالة المصرية.

وأشار "إليوت" فى تصريحات له، إلى أن اتفاق شراء حصة في شركة غاز شرق المتوسط، سيساهم في تأمين القدرة على تنفيذ اتفاقية بيع الغاز الطبيعي لشركة دولفينوس القابضة.

من جهة أخري وصف يوسي أبو، الرئيس التنفيذي لشركة ديليك، الصفقة بـ"التاريخية" وتدعم تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في المنطقة وتضعها على قدم المساواة مع كبرى مراكز الطاقة في العالم.

ويمتد خط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط، بنحو 90 كم ويقع في البحر المتوسط، حيث يربط شبكة أنابيب إسرائيل من عسقلان إلى شبكة الأنابيب المصرية بالقرب من العريش.

وستمتلك نوبل إنيرجي نحو 10% من أسهم شركة غاز شرق المتوسط، بتكلفة تقدر بما يقرب من 200 مليون دولار، "ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من تفاصيل الصفقة خلال أوائل العام المقبل"، مشيرة إلي أنها ستبرم بالتعاون مع شركائها اتفاقية لتشغيل خط الأنابيب وتأمين وصوله إلى القدرة الكاملة لخط الأنابيب.

ومن المتوقع أن يبدأ فى الأيام القليلة المقبلة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر من خلال خط شركة غاز شرق المتوسط، حيث من المتوقع تصدير نحو 350 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا خاصة مع اقتراب بدء تشغيل حقل ليفثيان.

واشترت الشركات الثلاثة حصة 39% من شركة غاز شرق المتوسط، من خلال شركة "إي ميد"، وذلك من خلال إبرام 4 اتفاقيات منفصلة مع بائعي الشركة لشراء نسبة اجمالية تصل إلى 37% من الشركة، بالإضافة إلى اتفاق شراء نسبة أخري تقدر بـ2% من خلال شركة إم جي بي سي.

ووفقاً للصفقة سيتغير هيكل ملكية شركة غاز شرق المتوسط، ليتوزع ما بين 39% لصالح شركة إي ميد، بالإضافة إلي 17% لشركة إم جي بي سي المملوكة لعلي إيسفن، و25% لشركة بي تي تي التايلاندية، و9% لصالح شريك مصر.

وتتبع شركة "إي ميد" الجديدة شركة إسنفكس المملوكة بنسبة 50% لشركة غاز الشرق المصرية، و25% لشركة نوبل إنيرجي الأمريكية، و25% لشركة ديليك.

وكان المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء السابق، قال في تصريحات صحفية خلال فبراير من العام الماضى، إن مصر توصلت لاتفاق بشأن الغرامة المحكوم بها لصالح شركة كهرباء إسرائيل "وجار تنفيذه"، موضحا أن هناك أكثر من قضية تحكيم مع تل أبيب إحداها مع شركة كهرباء إسرائيل، وأخرى مع شركة غاز شرق المتوسط.

وأضاف "إسماعيل" فى تصريحات سابقة له، أن اتفاقية الغاز التى تمت مع إسرائيل من قبل إحدى الشركات الخاصة "جزء من الحل فيما يتعلق بقضية التحكيم.

ويعتبر قرار الحكومة المصرية بدء استيراد الغاز الطبيعي من الخارج يأتي في إطار خطة الحكومة لتحرير سوق الغاز المصري من خلال السماح للقطاع الخاص باستيراده وزيادة إمداداته لتوفير احتياجات القطاع الصناعي وزيادة معدلات النمو الاقتصادي.

ورفعت شركة غاز شرق المتوسط - الوسيطة في الاتفاق المبرم بين مصر وإسرائيل لتصدير الغاز إلى الأخيرة - قضية تحكيم دولي ضد مصر عام 2011، وطالبت الحكومة بتعويضات قيمتها 8 مليارات دولار، بعد قرار القاهرة وقف تصدير الغاز للشركة والتي كانت بدورها تبيعه إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية فى إبريل 2012.

وكانت غرفة التجارة الدولية "ICC بجنيف"، قد أصدرت حكما يقضى بإلزام الشركة القابضة للغازات الطبيعية ايجاس والهيئة العامة للبترول في ديسمبر من عام 2015، بدفع تعويض لشركة غاز شرق المتوسط بـ288 مليون دولار، و1.7 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل، بعد قرار القاهرة وقف تصدير الغاز لتل أبيب فى إبريل 2012.