"خايفين على أكل عيشنا وبنموت".. الفئران تغزو الأراضي الزراعية في المنوفية

محافظات

فئران - صورة أرشيفية
فئران - صورة أرشيفية


داخل أرضه بمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، كان "عبدالحميد.م"، 34 عاما، منحنيا بين سنابل القمح التي غطت مساحات أرضه وحولتها إلى اللون الأصفر، يمسكك بيديه "المنجل" لحصد أكبر كمية من المحصول قبل غروب الشمس، ومن حوله يلعب طفله مع بعض جيرانهم، كل شيء كان يسير على ما يرام حتى تحول فجأة صوت ضحكات الصغير إلى صراخ متواصل، هم "عبدالحميد" إليه مسرعاً، ليجده ملقى على الأرض، ممسكا بإحدى قدميه، قائلاً له بصوت مختلط بالبكاء: "فيه فار عضدني وجري".

وقال عبدالحميد: "وقتها لم يكن يعرف ماذا عليه أن يفعل حتى نصحه أحد أقاربه بالذهاب إلى الوحدة الصحية لمتابعة حالته، وهناك تلقى طفله الذي لم يكمل عامه السابع بعض الإسعافات الأولية بعد معرفة سبب إصابته ثم تم تحويله إلى مستشفى شبين الكوم التعليمي للحصول على المصل المناسب للعقر، وفي الوحدة طهروا ليه الجرح، وقالو لنا لازم ياخد مصل لأن عضة الفار ماتختلفش عن الكلب، وحولونا للمستشفى وهناك أخد أول جرعة من العلاج وخرجنا في خلال ساعة، وبعدها ماظهرش عليه أي أعراض الحمد لله".

وعادة تنتشر الفئران في الأراضي الزراعية خاصة وقت حصاد المحاصيل- بحسب أقاويل "عبدالحميد"، لكنها في السنوات الأخيرة ازداد أعددها بشكل مبالغ فيه نتيجة لتراكم القمامة التي تحيط بأرضهم وانتشار المخلفات الزراعية، فضلاً عن عدم تطهير الترع والمصارف: "حياتنا مهددة بسبب انتشار الفئران والثعابين والكلاب في البلد، بقينا نخاف على ولادنا أنهم يروحوا الغيط لأحسن ما يرجعوش، وبنتمنى المسئولين يهتموا بينا وبالأرض اللي حليتنا".

لم يكن مركز شبين الكوم وحده الذي يعاني سكانه من انتشار الفئران وعقرها لهم، حيث كشفت إحصائية حصلت عليها "الوطن" لمديرية الشئون الصحية بمحافظة المنوفية عن تصاعد الإصابات بـ"عضات" الفئران في كافة مراكز وقرى المحافظة في الفترة ما بين يناير من العام الحالي حتى نهاية مايو الماضي، إذ بلغ عدد المصابين على مدار الـ5 أشهر 977 حالة عقر من الفئران.

وجاء مركز أشمون وفقاً للإحصائية، الأعلى في عدد حالات العقر بـ349 حالة، نظراً لطبيعتها الريفية وإنتشار مقالب القمامة بها، يليه مركز شبين الكوم، حيث سجلت المستشفى التعليمي بها 111 حالة، ثم مركز منوف الذي تم علاج فيه 105 حالة خلال تلك الفترة.

وفي مركز الباجور سجل 87 حالة إصابة، وفي مدينة سرس الليان أصيب 84 حالة بالعقر، فيما سجلت المستشفى المركزي بمدينة السادات 66 حالة عقر، وإستقبلت مستشفى قويسنا المركزي 52 حالة، وفي بركة السبع أصيب 46 حالة، تلاه مركز الشهداء بـ45 حالة، بجانب 16 حالة من نفس المركز استقبلتها مستشفى زاوية الناعورة، أما المركز الأخير كان من نصيب مركز تلا الذي أصيب فيه 16 حالة.

وفي قرية مؤنسة التابعة لمركز أشمون، كانت هناك حكاية أخرى لسيدة أربعينة عقرها فأر أثناء عملها مما أدى إلى إصابتها بجرح في قدمها، دفعها إلى الذهاب للمستشفى المركزي للكشف عليه والحصول على العلاج المناسب له، ترويها "سعاد.م"، قائلة بلكنتها الريفية أنها اعتادت الذهاب يومياً مع زوجها إلى "الغيط" لمساعدته في فلاحة الأرض وخصوصاً في موسم الحصاد الذي ينتظرونه بـ"فارغ الصبر"، لكن يوم الحادثة كان مختلف كثيراً عن ما سبقه، حيث فوجئت أثناء تنظيفها لـ"الحظيرة" وصومعة القمح بفأر يقفز من داخل الصومعة ويعقرها في قدمها وهي حافية: "كنت بسمع في بلدنا عن الحكاية كتير دي بس ماكنتش أتخيل إني هيحصل فيا كده، لقيته مرة واحدة على رجلي ماعرفتش أعمل حاجة غير أني أصرخ".

وعلق الدكتور نصيف حفناوي، وكيل وزارة الصحة بالمنوفية، على سبب ارتفاع وتزايد أعداد المصابين في قرى ومراكز المحافظة، أن دوره يأتي بعد إصابة المواطنين بالعقر بتوفير الأمصال لهم بكافة مستشفيات المحافظة وتسجيل الحالات وأعدادها بكل مستشفى شهرياً لإبلاغ المحافظة ومديرية الزراعة وإدارة الطب الوقائي والبيئة لإتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأشار إلى وجود تنسيق كامل بين كافة المديريات للقضاء على ظاهرة انتشار الحشرات والقوارض التي زادت مؤخراً، إذ تستقبل أغلب المستشفيات حالات يومية مصابة بالعقر سواء من فئران أو ثعابين أو كلاب ضالة.

وأوضح وكيل الصحة، أن مكافحة الفئران مسؤولية مديرية الزراعة بالمحافظة، إذ يتم تسليمها شهريًا إحصائية بعدد المصابين وأماكنهم بحيث لتسهيل المهام عليهم في القضاء على أي بؤرة تنتشر فيها فئران أو ثعابين.

وقال الدكتور حمدي السيد، وكيل وزارة الزراعية في المنوفية، إنه لم يتم إبلاغ مديرية الزراعة بوجود أي حالات عقر فئران خلال الأشهر الماضية، معلقًا على أسباب انتشار الفئران رغم أنه الجهة المنوط بها لمكافحة الفئران، أنه فوجئ من على الإنترنت بأنه يوجد حالات عقرها فئران في المحافظة ولم يبلغه أحد، على الرغم من أن مديرية الصحة بما أنها تستقبل الحالات عليها إخطار "الزراعة" بأنه يوجد عقر فئران في منطقة معينة بحيث يتوجه إليها فرق متخصصة في ذلك للتعامل معها في الحال والقضاء عليها.


واستغاث عدد من أهالي القرى، بسرعة تدخل المسؤولين المختصين بالأمر، للقضاء على الفئران التي تسبب لهم العدد من المشاكل في عملهم، فضلًا عن "العضة الخطيرة" منهم التي قد تؤدي إلى الوفاة في حالة عدم اللحاق بأطفالهم الصغار أثناء تواجدهم معهم في الأراضي الزراعية.