فضيحة.. مخدرات وبلطجة داخل مؤسسة "الحرية" لرعاية الأطفال فى عين شمس

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


مشرفة تستعين بتاجر حشيش لتعذيب طفل بعد خطفه داخل سيارة ملاكى

الأطفال أقرب لمرضى نفسيين.. و"التضامن": لا داعي لفتح الموضوع


يمكن ببساطة وصف مؤسسة الحرية للرعاية فى عين شمس والمتخصصة فى رعاية الأطفال بأنها أقرب إلى السجن، خصوصاً بعد أن اكتشفت «الفجر» وقائع لا تختلف عن الموجود خلف أسوار أماكن احتجاز المجرمين، والخارجين على القانون، الفارق أن مؤسسة الرعاية تضم 79 طفلاً فى مقتبل أعمارهم، بالإضافة لوجود توجه من الدولة لرعاية هذه الفئة وخصصت 114 مليون جنيه لانتشالهم من الشوارع.

تشغل مؤسسة الحرية مساحة تصل لفدان محاطة بسور عال كما يوجد بوابة حديدية حراس عليها، لضبط عملية الدخول إلى المؤسسة والخروج منها، ويتكون مبنى المؤسسة من طابقين، الأرضى يضم مكتبًا ومطعمًا وغرفتين تحتوى كل منها على جهاز تليفزيون وحصيرة يجلس عليها الأطفال عند مشاهدة أحد الأفلام أو البرامج كنوع من الترفيه، أما الطابق الأعلى فيضم عنبرين لنوم الأطفال، الأول للأطفال من 4 لـ14 سنة، والثانى لمن تزيد أعماره عن الفئة الأولى، كما يوجد داخل أسوار المؤسسة مسجد وملعب لكرة القدم، وفصول للدراسة وتنظيم الندوات.

كانت الوسيلة الأسهل لدخول عالم مؤسسة الحرية، فى 7 يونيو الجارى، هو الزعم بأننا «متبرعون»، فور دخولنا المكان من السهل ملاحظة أن الأطفال الموجودون أشبه بمرضى نفسيين يتلعثمون ويبدو عليهم الانطواء والخوف الواضح من التعامل مع الغرباء، مع غياب الرقابة عليهم، بجانب مظاهر أخرى من الإهمال.

فى قلب المؤسسة شاهدنا صبيين يدعيان أشرف وسامح، ممسكين بكلب شرس يستخدماه لإرهاب زملائهما دون تدخل من أى مشرف، ما أجبر الأطفال على الاحتماء بأعلى سور المؤسسة ما أدى لسقط أحدهم ويدعى «رمضان» وإصابته بكسر فى ذراعه، ورغم ذلك لم يتحرك أحد مشرفى المؤسسة لإيقاف هذه المهزلة أو لعلاج الطفل المصاب إلا بعد يومين من الواقعة كما علمنا فيما بعد وعن طريق إحدى المتطوعات التى تولت نقله إلى مستشفى خاص حيث خضع هناك لعملية جراحية، أما الصبيان أصحاب الكلب فبررا تصرفهما بأنه «هزار».

أما العلاقة بين المشرفات والأطفال فيمكن فهمها من خلال واقعة جرت مع طفل يدعى «ج. ف»، 17 سنة، والذى شكا لمدير المؤسسة أن إحدى المشرفات وتدعى «إ. ح»، استولت على هاتفه ورفضت إعادته، ولم يكن أمام المدير سوى إجابة صادمة: «مش هقدر أعمل لها حاجة»، فنشر الطفل تفاصيل الواقعة على حسابه بـ«فيس بوك». وعندما علمت المشرفة بما نشره الطفل على «فيس بوك»، أرسلت للأخير «شمس» وهو نزيل سابق فى المؤسسة كان يعيش فيها قبل ١٠ سنوات حيث سحل الطفل من غرفة نومه بالاستعانة مع 4 أطفال من النزلاء، إلى ساحة المرمى، وضربوه فى أماكن حساسة، والتقطوا له فيديو أرسلوه إلى المشرفة التى طلبت من الأطفال إحضار زميلهم إلى منزلها.

وقال الطفل الضحية لـ«الفجر»، إن «شمس» أجبره على ركوب سيارة ملاكى من نوع شيفروليه أفيو فضى، ونقله إلى منزل المشرفة وهناك نشب خلاف بين السيدة وزملاء الطفل عندما علموا أنها تعتزم تأديب الطفل بمساعدة أقاربها للانتقام منه، إذ كانوا يفضلون أن تتم العملية بين بعضهم البعض باعتبارهم جميعاً لهم علاقة بالمؤسسة.

وتدخل مدير المؤسسة فى الأمر بعد إلحاح من إحدى المتطوعات التى علمت بالواقعة من أصدقاء جميل، حيث استطاع المدير إحضار الطفل من منزل المشرفة وإنقاذه من موت محتمل.

«حسام»، أحد نزلاء المؤسسة والمشتركين فى واقعة تعذيب «جميل» اعترف لنا: «أنا مضربتش جميل كل اللى عملناه عرفناه غلطه بس علشان مينفعش يشتم واحدة بنعتبرها أمنا، وشمس أخونا الكبير، وحتى لو الناس بتقول إنه بيشتغل فى المخدرات فهو أخْ لأطفال الدار كلهم».

تاريخ المؤسسة يتضمن وقائع أخرى غير عملية خطف وتأديب الطفل جميل، إذ إن هناك عدة وقائع مشابهة، منها قيام أحد المشرفين ويدعى «س.ع»، بفقء عين طفل يُدعى «زياد» فى ١٥ مايو الماضى بسبب مشادة نشبت بين الضحية والمشرف الذى لا تزال النيابة تصدر قرارات بتجديد حبسه تمهيداَ لإحالته إلى المحكمة بعد انتهاء التحقيقات.

من جانبه قال محمود عبدالسلام، مدير مؤسسة الحرية إنه اصطحب جميل إلى قسم عين شمس، وحررّ محضراً بالواقعة رقم ٩٨٢٧ إدارى فى ٢٨ مايو الماضى، والأمر حالياً خاضع للتحقيق وتحت تصرف وزيرة التضامن، أما واقعة فقء عين الطفل فتم تحرير محضر بها والقبض على المشرف ولايزال محبوساً على ذمة التحقيقات.

وقال حازم الملاح، المتحدث الإعلامى باسم برنامج «أطفال بلا مأوى»، التابع لوزارة التضامن إن واقعة الاعتداء على جميل لن تمرّ وسيتم تشكيل لجنة لحل مشكلات المؤسسة من الأصل، وليس بالاكتفاء بفصل مدير أو موظفة ومشكلة جميل أمام القضاء حالياً، مطالباً بضرورة توخى الحذر من إثارة البلبلة حول دور الرعاية.