البلطجية يسيطرون على 10 آلاف وحدة سكنية فى مدينة النهضة

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


بلاغ للنائب العام: كاملة المرافق.. تشطيب سوبر لوكس وتقدر قيمتها بـ10 مليارات جنيه

المعلم حمادة الأمين «كبير المنطقة» يبيع الشقة أكثر من مرة بقوة السلاح


يحتل البلطجية العديد من الوحدات السكنية بأسلوب «وضع اليد» فى مدينة النهضة، رغم محاولات الدولة المستمرة لاستردادها، منذ أكثر من ٧ سنوات، ولكن دون جدوى، حتى الآن.

البداية كانت مع اندلاع ثورة يناير، وما أعقبها من فوضى وانفلات أمنى، استغله البلطجية فى الاستيلاء على مجموعة شقق، كانت قد خصصت من قبل الدولة والمحافظة لإسكان الشباب بمنطقة النهضة، فى موقع متميز، بالقرب من طريق السلام - بلبيس، وهو طريق سريع يربط محافظة القاهرة بمحافظة الشرقية.

ليس ذلك فحسب، بل إنها تبعد بضعة أمتار عن استاد السلام، الذى بات ينافس استاد القاهرة الدولى منذ أعوام قليلة، وتواجه مبانى المحروسة ١ والمحروسة ٢، التى أسسها الرئيس السيسى بالآونة الأخيرة من أجل الإسكان الاجتماعى لسكان العشوائيات.

عندما تطأ قدمك منطقة النهضة وتسأل عن موقع الشقق المحتلة، لا تستغرق وقتا كبيرا، حتى يصدمك الواقع السيئ الذى حل على تلك المنطقة، التى كان من المفترض أن يسكنها طبقة مغايرة عن تلك التى تسكنها الآن، ناهيك عن المعلومات التى تتحصل عليها من قبل الباعة فى المحلات المحيطة بالمنطقة أو السكان أو حتى السماسرة، الذين يتنصلون من وظيفتهم ويحاولون نصيحة الزبون الباحث عن شقة يقطنها فى تلك المنطقة، بأن يبتعد سريعا ويخرج من ذلك الحيز العمرانى، الذى من الممكن أن يكون سببا فى سلب حياته.

«الفجر» ذهبت إلى منطقة النهضة، لنتعرف أكثر على ما يدور هناك فى أرض الواقع، وفور أن وصلنا بدأنا بسؤال أحد ملاك المحلات المحيطة، صاحب محل كاوتش على الطريق: أين تقع المحتلة ولماذا سميت بهذا الاسم؟، قال: هذه الشقق أسستها المحافظة منذ عام ٢٠١٠ وقامت بتشطيبها سوبر لوكس على أعلى مستوى.

وتابع: لكننا فوجئنا بعد ثورة يناير، بسماع دوى طلقات نارية، تأتى من هذه المنطقة، وفى اليوم التالى علمنا أن بعض البلطجية استغلوا الانفلات الأمنى، واحتلوا تلك المنطقة بالكامل، وتكالبوا عليها، ليسيطر كل بلطجى على أكبر عدد من الوحدات السكنية، التى تعدت الـ١٠ آلاف وحدة، وحاولت الشرطة السيطرة على الموقف وقتها، ولكن دون جدوى، وبعد أحكام السيطرة على تلك الوحدات من قبل البلطجية بدأت مرحلة جديدة من البلطجة والنصب.

واتفق أحد العمال فى محل «بلاى ستيشن»، بالقرب من المحتلة، مع ما قاله سابقة، عندما سألناه عن المنطقة والشقق المخصصة للبيع، وهل لها أوراق رسمية من عدمه، فأجاب: «اوعوا تروحوا هناك، لو دخلتوا المحتلة مش هتخرجوا منها تانى، ولو خرجتوا هياخدوا منكم كل حاجة، مش أى حد يسكن هناك، هى مخصصة فقط للبلطجية وتجار المخدرات، ويعلمون من هم أهالى المنطقة والمعاملون فيها أو زبائن المخدرات والدعارة، الذين أتوا من أجل قضاء احتياجاتهم منها، وما عدا ذلك فهو مفقود.

لم يمنعنا حديث هؤلاء عن استكمال خطتنا فى اختراق تلك المنطقة، ومعرفة كل ما هو صغير وكبير عنها، ولماذا أصبحت محصنة، ذهبنا إلى المنطقة التى وصفها لنا المارة، وهى «المحتلة ٢»، والتى تقع بين مجموعة مصانع لصناعة السيارات والبلاستيك وغيرها، وخلفها جبل، ووسيلة الانتقال الوحيدة بها الآن عربات نصف نقل مغطاة بقطع من القماش.

وجوه الناس تشير إلى أنهم بلطجية، قضوا أعمارهم بين جنبات السجون والبلطجة، وعلى الفور سألنا أحدهم: «نعم ، عايزين مين؟»، فأجبنا: «بندور على شقة، وسمعنا أن هنا الشقق ثمنها لا يتجاوز الـ٥٠٠٠ جنيه، فرد مسرعا «دا كان زمان الكلام دا، دلوقتى الشقة بـ١٠٠ الف جنيه، أول ما المنطقة اتسكنت كانت فعلا بتتباع بـ٥٠٠٠، لكن النهاردة بـ١٠٠ ألف جنيه.

سألناه: «وهل هذه الشقق مرخصة؟، قال: ولو مش مرخصة، محدش يقدر يدخل هنا ولا ياخدها، هنا فيه مجموعة من الكبار اللى بيحموا الشقق والسكان، ومنهم حمادة الأمير، تعالوا نذهب إليه وهو يشرحلكم اكتر.

على الفور، تذكرنا ما روى لنا قبل دخولنا تلك المنطقة، فأستأذنا منه بحجة أننا نريد شققا مرخصة، خوفا من استرداد الدولة لتلك الشقق، وذهبنا مسرعين محاولين الخروج من المنطقة، أو الوقوف فى منطقة أكثر أمنا مما كنا عليه.

وبالفعل، وقفنا فى المحتلة ٢، وسألنا أحد المارة، هل هناك منطقة أخرى تسمى المحتلة، فأجاب نعم، بجوار أحد البنوك بالقرب من قسم النهضة، وهى أفضل كثيرا من تلك المنطقة، فهذه المنطقة لا تصلح لكم، وكأن كتب على وجوهنا واقعا مغايرا لسكان تلك المنطقة، رغم أننا كنا حريصين على الظهور بمظهر يلائم تواجدنا فى هذا الحى.

تحدثنا إلى عم محمد، أحد السكان بالمنطقة، الذى أجابنا على السؤال، الذى أصابنا بالحيرة، لماذا نحن لا نشبه هؤلاء السكان، فقال: الستات هنا تعتدى على الرجال بالضرب، وهن من يصنعن الاستروكس ويقمن ببيعه والرجال يادوب بيساعدوهم.

وهناك معلمون كبار أمثال حمادة الأمير، الذى يشتهر بالبلطجة، وهو المسئول الأول فى ضياع حقوق المواطنين والدولة فى هذه المنطقة، إذ يقوم ذلك البلطجى ببيع الشقة لأحد المواطنين، ثم يأتى بعد ٤ أشهر، يعتدى عليه بالضرب والتهديد بالقتل ويقوم بطرده، ثم يعاود تسكينها من جديد، ويتكسب من وراء ذلك مبلغ تمليك الشقة أكثر من مرة، ويمتلك عددا هائلا من الوحدات التى سيطر عليها واحتلها بعد الثورة.

وقال «رامى»، أحد الشباب المسئول عن حراسة أحد مبانى المحروسة ٢ المقابلة للمحتلة، أن هؤلاء البلطجية لم يكتفوا باحتلالهم تلك الوحدات، وإنما يحاولون من حين لآخر مهاجمة مبانى المحروسة الجديدة للسيطرة عليها، ولكن الداخلية تحاول مقاومتهم، ومنذ عدة أشهر وقع أحد الظباط قتيلا فى إحدى هذه المعارك، وتساءل: متى ينتهى هذا الكابوس؟

أما عن حفلة الاستقبال، التى روى لنا عنها أحد معاونين الشرطة، رفض ذكر اسمه، فقال، تلك المنطقة والمناطق المجاورة اشتهرت بما يعرف بحفلة الاستقبال للسكان الجدد، وهى اختلاق مشكلة مع أى ساكن جديد من قبل البلطجية والسكان القدامى، لمعرفة إذا كان هذا الساكن قويا ويستطيع العراك معهم، أو أنه سيكون ملكا لهم هو وأمواله وبيته عن طريق البلطجة، فإذا اشتبك معهم الساكن وأتى بأهله وبالأسلحة، أصبح صديقا، ولذلك عندما يسكن أى ساكن جديد، لابد أن يأتى بأهله وبالسلاح، ليتعرف عليه أهالى الحى ولا يستطيعون القرب منه.

وعلى الجانب الآخر، الحكومى، ذكرت بعض المصادر، أن المحافظة حاولت منذ عام تقنين تلك الوحدات، وتملكها لقاطنيها مقابل التصالح ودفع الإيجار، مثل باقى وحدات الإسكان الاجتماعى، وتقابل المحافظ مع بعض الأشخاص المفوضين منهم، ولكنه اكتشف أنهم يتكسبون من وراء ذلك، بالاستيلاء على أموال بعض السكان، وإيهامهم بأن بيدهم هم وحدهم تمليكهم الشقق وتظبيط أوراقهم، ومن يرفض يتم طرده من الشقة وتمكين آخر.

وتم حصر الشقق من قبل وزارة التنمية المحلية، التى أثبتت أنها حوالى ١٠ آلاف وحدة سكنية فى منطقة المحتلة ١ ، والمحتلة ٢ ، والتى أوهم أعضاء تلك اللجنة السكان، أنهم موظفون بشركة الغاز، جاءوا من أجل حصر الشقق لعمل مقايسات غاز والتصالح معهم وإدخال عدادات، وذلك لسهولة تنقلهم ودخولهم هذا الوكر الخطر. وتفيد المصادر، بأن هذه الوحدات تتخطى قيمتها الـ١٠ مليارات جنيه، لأنها مجهزة ومشطبة على أعلى مستوى، وبها عدادات كهرباء وغاز، حتى أسلاك الإنترنت فهى من الفايبر الذى يدعم السرعات الجديدة .