سامي جعفر يكتب: جماعة "الخراف.. والخرافة"

مقالات الرأي



يتنفسون الأكاذيب.. ويشعلون الفتن والمؤامرات فى مسيرة الدم والخراب


يمكن وصف جماعة الإخوان، بأنها أطول التنظيمات الإرهابية عمراً، وأكثرها شراسة وحقارة إذ إنها تأسست منذ 91 عاماً، وبدأت مسيرتها فى العنف والإرهاب فى حياة مؤسسها حسن البنا، الذى أطلق تنظيماً سرياً مسلحاً هدفه الوحيد اغتيال خصوم الجماعة، وإرهاب منافسيها.

وأثبتت السنوات أن هذه الجماعة تنشر الخراب والدم فى كل مكان وصلت إليه، لأنها لا تعترف بوجود وطن أو حق لإنسان فى الحياة والتعبير عن الرأى، حتى لو كان من أبنائها، فإما تغتاله حياً بتشويه سمعته على أقل تقدير أو تسفك دمه، وتاريخ الجماعة هو أفضل دليل عندما دبرت اغتيال سيد فايز أحد قيادات تنظيمها السرى المسلح بإرسال قنبلة إلى منزله أودت بحياته وحياة بعض أفراد أسرته.

جرائم الإخوان فى حق مصر وحدها أكثر من أن تحويها سطور جريدة، بدءاً من إشعال النيران فى مصر كلها خلال أحداث ثورة 25 يناير، واغتيال الثوار لابتزاز الدولة، حتى تصل الجماعة إلى هدفها وأمنيتها بالسيطرة على الحكم لتحقيق حلمها الأزلى بالتحكم فى رقاب البشر.

وبمجرد أن وصلت إلى السلطة أظهرت وجهها البشع، فساد وديكتاتورية لا ترحم، وغباء فى إدارة شئون الدولة، وتفريطاً فى الأمن القومى للبلاد، وتحويل مصر من قوة فى المنطقة إلى تابع لإمارة صغيرة على الخليج العربى «قطر» أو لمجنون يحلم بإحياء الإمبراطورية العثمانية فى تركيا.

وتغلبت شهوة الحكم لدى قادة الجماعة على الحكمة المطلوبة عندما رفض الشعب المصرى استمرارهم فى الحكم، وبدلاً من التراجع خطوة إلى الخلف والرضا بأمر الشعب كشفوا عن معدنهم الردىء فهددوا المواطنين علناً بتفجير السيارات المفخخة فى الشوارع، واغتيال الشخصيات العامة وإشعال الموقف فى سيناء.

وصل الأمر بجرائم الإخوان إلى تعطيل المرور وتفجير أبراج الكهرباء لقطع التيار عن المنازل فى المحافظات، وسحب الدولار من السوق لخلق أزمة فى العملة الأجنبية حتى يرتفع سعرها أمام الجنيه فتزيد الأسعار ويكتوى الناس بالغلاء، بجانب استهداف السائحين لقطع أرزاق ملايين العاملين فى القطاع، بهدف الإضرار بالاقتصاد القومى ما يضعف مصر كدولة فى النهاية ويؤثر على مصالحنا لصالح الدول المنافسة والمعادية فى المنطقة.

كانت جماعة الإخوان تتمنى أن يعيش محمد مرسى، أطول فترة ممكنة لاستغلاله فى ألاعيبها السياسية للحصول على دعم مالى ولوجستى من الدول المعادية لمصر، مثل قطر وتركيا وغيرهما، تحصل عليه القيادات، ولإقناع أعضائها المخدوعين بالاستمرار فى عمليات العنف والإرهاب، وترويج خرافة عودة المعزول إلى منصبه السابق.

وعندما توفى مرسى بأزمة قلبية فى قاعة محكمة جنايات القاهرة الثلاثاء الماضى، بدأت الجماعة منذ لحظة إعلان الوفاة فى استغلال «جثة مرسى»، لتحويله إلى «شهيد»، وتحميل مسئولية وفاته للدولة، لتحقيق مكسب سياسى، وهو أمر ليس غريباً على الجماعة التى تكذب كل لحظة ولا تتورع عن نهش جثث أبنائها وخصومها على السواء.

لم يكن مرسى من القادة الكبار فى الجماعة، ولكن تم اختياره فى عدد من المناصب المهمة مثل المتحدث الرسمى باسم الكتلة البرلمانية للجماعة فى برلمان 2005، ثم رئيساً لحزب الحرية والعدالة، بهدف واضح تأكد فيما بعد وهو إبعاد هذه المناصب عن الكوادر القوية فى الجماعة وحتى لا تحدث انشقاقات داخلها بسبب التنافس على المواقع القيادية.

وكانت الجماعة ترسل مرسى لحضور الاجتماعات التى جمعت المجلس العسكرى ورؤساء الأحزاب لسبب واحد وهو قدرته على الكلام مدة طويلة دون الوصول إلى شىء وهو ما شكا منه بعض الحضور الذين لم يتمكنوا من فهم حديثه أما الاجتماعات المهمة التى تشارك فيها الجماعة فكان يحضرها أصحاب القرار وهم محمود عزت وخيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة والمسيطرين الحقيقيين على القرار فيها.

ولذا لم يكن مرسى هو المرشح الأول للجماعة فى انتخابات الرئاسة عام 2012، إذ إنه كان مجرد احتياطى لـ»الشاطر» ولم يتم اختيار أحد القيادات القوية فى الجماعة حتى لا تتضخم قوته فى حال الفوز فى المنافسة، وهو ما ظهر على أرض الواقع عندما تم تعيين عدد من كوادر الجماعة الأعلى من مرسى فى الهرم التنظيمى فى مناصب بالقصر الجمهورى، منهم أحمد عبدالعاطى، الذى أصبح سكرتيراً لرئيس الجمهورية، ومدحت الحداد، الذى تولى منصب مستشار الرئيس للشئون الخارجية، وكان مرسى يتلقى التعليمات من خلالهما.

وللتأكيد على أن مرسى مجرد من الصلاحيات فى مواجهة الجماعة، عقد مكتب الإرشاد اجتماعين له فى القصر، برئاسة الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة، حيث جلس على الكرسى الرئيسى فى الاجتماع فيما جلس مرسى حسب ترتيبه التنظيمى على مسافة من بديع.

محمد مرسى، هو ضحية الجماعة حياً وميتاً، فى الحالة الأولى استغلت ضعف شخصيته للتلاعب به وتوريطه وإصدار قرارات لا يعرف هدفها أو الغرض منها، وبعد دخوله السجن أصبح مجرد ورقة سياسية يفيد الجماعة فى الحصول على مزيد من الدعم المالى من الدول المعادية لمصر والتى تحاول ممارسة الضغوط على الدولة فى إطار الصراع الإقليمى المحتدم على حقول الغاز فى شرق البحر المتوسط والنفوذ السياسى فى المنطقة.

كما استفادت الجماعة من مرسى فى خداع أعضائها المنخرطين فى الخلايا الإرهابية ليظلوا مجرد أدوات فى صراع لا يعرف الأخلاق أو الرحمة بزعم أن عملياتهم ستعيد مرسى إلى مكانه ورغم سذاجة هذا التصور، إلا أنه ظل صالحاً عدة سنوات شهدت فيها مصر عمليات إرهابية محمومة، طالت مواطنين فى وسائل النقل العام، وشخصيات كبيرة فى الدولة.

وبمجرد إعلان وفاة مرسى بدأت الجماعة على الفور فى استثمار جثته، ولصالح الجماعة وضد مصر فى الوقت نفسه.

وسيلة الجماعة فى الخطة الجديدة هى نفس أدواتها القديمة بالترويج للشائعات حول ملابسات الوفاة رغم أن الرجل كان مريضاً بالضغط والسكر وخضع فى الماضى لجراحتين لإزالة ورم فى المخ، كما تعدى عمره الـ68 عاماً ووفاته أمر متوقع مثل أى رجل فى عمره، خصوصاً أن الآثار الجانبية لأمراضه يمكن أن تؤدى لتوقف قلبه فى أى لحظة مع المشاعر العنيفة التى تنتابه داخل زنزانته أو فى جلسات محاكماته بعد أن ثبت لديه أن الجماعة استغلته أسوأ استغلال، وبدأت الجماعة أيضاً فى تحويل مرسى إلى أيقونة خصوصًا مع دفنه فى مقبرة المرشدين التى تضم جثامين من تولوا قيادتها فى الماضى لتدشين «مرقد إخوانى» أو حائط مبكى للجماعة، والترويج بأن الرجل شهيد.

لا تحاول الجماعة وحدها استثمار جثة مرسى، ولكن قطر وتركيا وبعض السياسيين أخذوا نفس الاتجاه، ولم يكن غريباً أن ينعى الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، مرسى، وأن يصفه بالشهيد وأن يهاجم مصر، خصوصاً أن ثورة 30 يونيو أحبطت مشروع أردوغان السياسى فى التحول إلى إمبراطورية فى المنطقة، فيما اكتفى تميم بن حمد أمير قطر، بموقف أقل حدة بتقديم العزاء لأسرة مرسى والشعب المصرى.

أما بعض السياسيين العاطلين فى مصر فنعوا مرسى، ليس لأنهم شعروا بالحزن ولكن لتشجيع الجماعة وداعميها فى الخارج على فتح قنوات اتصال تمهيداً للتحالف مع الإخوان خصوصاً أن إصرار بعض فصائل الإخوان على وضع المطالبة بـ»عودة مرسى» شرط مسبق للقبول بالتنسيق مع أى قوى سياسية فى داخل مصر.