هشام عبد الله يكتب.. اللحوم الحمراء فى مصر من العجز إلى "الاكتفاء"

ركن القراء

هشام عبد الله
هشام عبد الله


 

 

بالرغم من أن كميات اللحوم المنتجة اليوم تبلغ خمسة أضعاف الكميات التي كانت تنتج في أوائل ستينيات القرن الماضي، أي أنها ارتفعت من 70 مليون طن إلى أكثر من 330 مليون طن في عام 2017 ، إلا أن سوق اللحوم فى مصر يعانى من تذبذبات حادة تؤدى دائما لعدم استقرار الأسعار وزيادتها بشكل مطرد يلقى على كاهل المواطن أعباء اضافية.

 

وهو ما استوقفنى لأجيب على التساؤلات  المحيرة  للمستهلك ويمكن حصرها فى .. لماذا تكون أسعار اللحوم فى مصر أعلى من أى دوله محيطه بنا بنسبة تتجاوز الـ30% ؟  ولماذا تحديدا تم العصف بمشروع "البتلو " الذى حقق الإستقرار فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى ووصلت كميات اللحوم المورده من مشروع البتلو الى شركات وزارة التموين لعشرات الألاف من الأطنان وحققت مصر وقتها الاكتفاء الذاتى ؟! ولماذا يعانى المربى الصغير فى مصر  من ارتفاع تكلفة الأعلاف مما يضطره  لتصفية أعماله والغاء نشاطه..رغم كونه  أساس توفير اللحوم للمواطنين ؟

 

و الاجابات على هذه التساؤلات لا يعرفها إلا المتخصصين كونها  تمثل جوهر مشكلة أسعار اللحوم فى مصر و من واقع تجربتى وخبرتى أجيب عليها لكى نوضح الصورة كامله أمام الجميع من مسؤولين ومهتمين لعلنا نصل إلى حل لهذه الكارثه التى تهدد الأمن الغذائى للمصريين

 

اجابتى على تساؤل "مشروع البتلو" فهو بالفعل حقق نجاح كبير لكن بقرار من وزير التموين وقتها لا نعلم سببه إلا أنه رفض استلام شركات المجمعات الاستهلاكية التابعه لوزارته لأى كميات من اللحوم .. ومن وقتها دمر مشروع البتلو بانسحاب الدولة من دعم ومساندة المربى الصغير ...أما بالنسبه لمعاناه مربيى الماشية من الاعلاف فهذا الأمر يرجع الى احتكار عدد محدود من الشركات لاستيراد الأعلاف وبيعها بأزيد من السعر العالمى من 30 الى 40% وهو ما سبب المعاناه خاصة واذا علمنا اننا نستورد حوالى 85%من كميات الاعلاف التى نحتاجها

 

اذا السبب الرئيسى لما يعانيه سوق اللحوم فى مصر هو زيادة الاستهلاك فى ظل سياسة تخلى الحكومه عن دعم المربيين من جهة ومن جهة اخرى احتكار استيراد الأعلاف بزيادة 30% - 40% عن السعر العالمى نتيجة سيطرة عدد محدود من الشركات على هذا السوق ويوجد سبب اضافى لكل ما سبق وهو عدم دعم الحكومه لاحياء مشروع البتلو مرة اخرى من حيث فرض العديد من الاشتراطات المجحفه فى حق المربيين.

 

ودفعتنى  مشكلة أسعار اللحوم فى مصر لإجراء دراسة وكانت اهم نتائجها التوجه إلى  مشروع عملاق يهدف للنهوض بالثروة الحيوانية وتحقيق الاكتفاء الذاتى من انتاج اللحوم خلال 4 سنوات ،مما سينعكس على أسعار اللحوم التى من المتوقع تراجعها حال تطبيق المشروع من 30% الى   40% .

 

ويأتى هذا المشروع فى ظل ما يعانيه السوق المصرى من نقص شديد فى إنتاج اللحوم الحمراء مما تسبب فى إرتفاع أسعارها  خلال السنوات الأخيره بصورة كبيره بخلاف ما  يعانيه قطاع الماشية الحيوانيه من نقصان كبير فى القطعان الخاصة بالتربيه ، وسط ما تشهده الأسواق من عزوف عن شراء الماشية الصغيرة لارتفاع أسعارها ،وقيام العديد من المربيين بذبح الاناث للتخلص من الخسائر مما ينذر بكارثة كبيرة خلال العامين القادمين فى أعداد قطعان الماشية فى مصر.

 

وتقوم فكرة المشروع على إنشاء محجر تابع لمصر وتحت إشراف أجهزة الدولة وذلك فى دولة" الصومال" لإستيراد قطعان الماشيه من العجول والجمال بهدف التربية و توفير اللحوم.

 

والفكرة ستساعد على توفير اللحوم وتوفير قطعان الماشية للتربية بل وتحقيق الإكتفاء الذاتى من إنتاج اللحوم خلال 4 سنوات ، من خلال جهود وشراكة بين الدولة والقطاع الخاص لعمل محاجر فى دولة الصومال وانشاء مزارع فى مصر للتربية والرعاية وبيع القطعان الخاصة بالتربية لصغار المربيين بأسعار معتدلة.. وكذلك يتم حينها الترتيب لانشاء منظومة لتوفير الأعلاف بأسعار معتدلة كل ذلك يساهم فى تخفيض تكلفة التربية مما سينعكس على أسعار الماشية ومن ثم اسعار اللحوم للمستهلكين .. وخلق قطعان كبيرة من الأمهات التى تنتج الخلفات للتربية.. وبالتالى نؤسس لصناعة ثروة حيوانية مستدامة فى مصر.

وعلى جانب أخر

ولو تم تطبيق الفكرة فإنها  ستخلق علاقات استراتيجية إقتصادية قوية مع أشقاؤنا الأفارقه خاصة لو علمنا أن  موارد هذه  الدول تعتمد بأكثر من 75% على الثروة الحيوانية .

 

وكذلك يتم احتجاز نسبة من أرباح هذا المشروع لدعم صغار المربيين بشكل مباشر .

الجدير بالذكر أن العديد من الدول كالسعوية قد سبقتنا فى ذلك وحققت مشاريعها نجاح منقطع النظير .

هذا جزا من الفكرة التى وضع دراستها صفوة من خبراء الثروة الحيوانية لإطلاق هذا المشروع القومى العملاق.. فهل نجد من الجهات المسئولة  الاستعداد لإعطاء اشارة الإنطلاق نحو تحقيق حلم الاكتفاء الذاتى فى انتاج اللحوم .