رصد دور إيران في جريمتَي "سفن الفجيرة" و"ضحيتَي الطوربيد"

السعودية

بوابة الفجر


مجددًا، تتجه أصابع الاتهام نحو إيران وميليشياتها في المنطقة، بعد الجريمة الإرهابية التي شهدها بحر عمان، اليوم الخميس، وعلى غرار ما حدث في منتصف مايو الماضي (تخريب أربع سفن شحن تجارية من عدة جنسيات، قبالة سواحل إمارة الفجيرة)، ألمحت مصادر سعودية مطلعة إلى مسؤولية طهران عن استهداف ناقلتي النفط «كوكوكا كاريدجس، وفرونت ألتير»، اليوم.
وأكدت المصادر أن كل الشواهد تدين إيران التي تحاول الخروج من ورطتها (الدبلوماسية السياسية الاقتصادية) بكل الطرق (المشروعة وغير المشروعة) بعد النتائج المأساوية التي ترتبت على قرار الإدارة الأمريكية تشديد العقوبات على النظام الإيراني، في ضوء تقارير أمنية تحدثت (في وقت سابق) عن شروع طهران في استهداف مصالح حيوية بمنطقة الخليج.
وبسبب الهجوم الذي تعرضت له الناقلتان، اليوم، قفز سعر خام برنت 4.5%، ووصل إلى 61.67 دولار للبرميل، لا سيما أن مضيق هرمز (عند مدخل الخليج العربي) يمر منه نحو 40% من النفط المنقول بحرًا في العالم؛ ما يعيد التذكير بتعرض أربع سفن (بينها ناقلتا نفط سعوديتان) لأعمال تخريب، في عملية قالت الولايات المتحدة إنها «هجوم إيراني نُفِّذ باستخدام ألغام بحرية».

وأعلنت الحكومة اليابانية، اليوم الخميس، أن ناقلتي نفط بحمولتين «مرتبطتين باليابان»؛ تعرضتا لهجوم بالقرب من مضيق هرمز. وأكد وزير التجارة الياباني هيروشيج سيكو (في تصريحات صحفية) «سلامة جميع أفراد الطاقمين، وإجلاءهم جميعًا»، مشيرًا إلى أن طوكيو «لا تزال تجمع معلومات حول الحادث» الذي وقع بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي إلى طهران.

بدورها، أوضحت شركة «برنهارد شولته» المشغلة للناقلة «كوكوكا كاريدجس»، أن الناقلة تعرضت لـ«حادث أمني» في خليج عمان، وأنه «تسبب في أضرار بالجانب الأيمن من الناقلة، وأنه أجبر طاقم السفينة على الفرار منها قبل أن تنقذهم سفينة قريبة سريعًا من قارب نجاة». ورغم أنها «لا تزال في المنطقة، فإنها لا تواجه خطر الغرق»، كما أن «حمولتها من الميثانول سليمة»، لافتةً إلى أن «فردًا واحدًا من الطاقم أصيب بجروح طفيفة».
استغاثة

وأرسلت الناقلة الثانية (فرونت ألتير) إشارة استغاثة إلى ميناء الفجيرة في الإمارات، بعدما شحنت حمولتها (بحسب وكالة بلومبرج) من أبوظبي. والناقلة المذكورة مملوكة لشركة «فرونت لاين» في النرويج، لكنها مسجلة في جزر «مارشال». وقال مسؤول كبير في شركة «سي بي سي» الحكومية التايوانية لتكرير النفط، إن الناقلة المذكورة تستأجرها الشركة لجلب وقود من الشرق الأوسط، لكنها تعرضت لهجوم.

وقال رئيس قسم البتروكيمياويات في الشركة «وو آي-فانج» (بحسب وكالة رويترز): «كانت الناقلة فرونت ألتير، تحمل 75 ألف طن من النفتا عندما أصابها طوربيد، فيما يبدو، عند الظهر تقريبًا.. تم إنقاذ جميع أفراد الطاقم». ووفقًا لبيانات الشحن على ريفينيتيف أيكون «شوهدت فرونت ألتير للمرة الأخيرة في خليج عمان قبالة ساحل إيران بعد تحميل حمولتها من الرويس في دولة الإمارات العربية المتحدة».

وأعلن الأسطول الخامس بالبحرية الأمريكية، أنه يقدم المساعدة للناقلتين المتضررتين في خليج عمان. وقال المتحدث باسم الأسطول جوشوا فراي: «السفن البحرية موجودة في المنطقة وتقدم المساعدة.. نحن على علم بهجوم على ناقلتين في خليج عمان.. القوات البحرية الأمريكية في  المنطقة تلقت رسالتي استغاثة منفصلتين في ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس».

اتهامات

وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، قد أكد (قبل نهاية الشهر الماضي) أن الهجمات على ناقلات النفط الأربعة قبالة ساحل الفجيرة بالإمارات، منتصف شهر مايو «نُفِّذ باستخدام ألغام بحرية إيرانية»، وأوضح (على هامش زيارته إلى الإمارات، آنذاك) إلى أنَّ «إيران تقف بشكل شبه مؤكد وراء الحادث، وأن واشنطن تحاول التحلي بالحكمة في الرد على ما حدث».

وأعلنت الإمارات، منتصف مايو الماضي، أن أربع سفن تجارية تعرضت لعمليات تخريب قرب إمارة الفجيرة التي تعد من أكبر مراكز تزويد السفن بالوقود في العالم، والتي تقع خارج مضيق هرمز مباشرةً، وأوضحت أن السفن الأربع هي: ناقلة النفط العملاقة «أمجاد»، والناقلة «المرزوقة» -وهما مملوكتان للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري- وناقلة النفط «إيه ميشيل» التي ترفع علم الإمارات، وناقلة المنتجات النفطية «إم تي أندريه فيكتوري» المسجلة في النرويج.

وبعد أن هددت إيران قبل الهجوم على الناقلات الأربع، في السابق، بمنع مرور أي صادرات من مضيق هرمز؛ كشفت تقارير استخبارية سابقة، عن أن «وحدة كوماندوز تابعة للبحرية الإيرانية خربت أربع سفن شحن تجارية من عدة جنسيات قبالة سواحل إمارة الفجيرة»، وسط إشارة إلى الأسباب التي دفعت طهران إلى الإقدام على تلك الخطوة التي تهدد حركة الملاحة والتجارة العالمية.

استمرارية

ونبه مراقبون إلى أن إيران -التي ستُواصِل تنفيذ هجمات مماثلة، وإن كانت أقل حدة على السفن التجارية خلال الفترة المقبلة- «أرادت من الهجوم على الناقلات الأربع توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة وحلفائها؛ أن طهران لا تحتاج إلى غلق المضيق لتعطيل حركة الملاحة بالمنطقة وتعطيل صادرات النفط إلى الأسواق الدولية، ومن ثم بادرت باستهداف السفن في هذا الموقع؛ لكونه خارج مسار تصدير النفط الخليجي؛ حتى لا تدخل في احتكاك مباشر مع الجيش الأمريكي».

وأشار مراقبون إلى أن «الإيرانيين أظهروا من خلال الهجوم على الناقلات الأربع، أن طرق الشحن البديلة معرضة أيضًا للهجمات الإيرانية، مثل خليج هرمز؛ حيث قامت دولة الإمارات ببناء خط أنابيب نفط حبشان- الفجيرة الجديد لتجاوز مضيق هرمز. ومن ثم، لجأت إيران إلى استهداف هذه المنطقة». وأكد المراقبون أن «أجهزة الاستخبارات الغربية والخليجية انتبهت إلى الهجوم الإيراني؛ حيث تشير التقديرات الآن إلى أن طهران نفذت التفجيرات بعناية لتسبب أضرارًا مع تجنب إغراق السفن أو التسبب في إصابات؛ لتفادي خطر إشعال حرب الخليج الرابعة».

شواهد

وقالت وكالة «رويترز» إنها اطلعت على تقرير نرويجي أكد أن «الحرس الثوري الإيراني هو الجهة الضالعة بتنفيذ الهجمات على ناقلات النفط الأربعة، قرب الفجيرة»، وذكرت الوكالة أن «التقرير الصادر عن شركات تأمين نرويجية ذكر أن الحرس الثوري الإيراني سهَّل تنفيذ هجمات الأحد على ناقلات النفط».

وخلص تقييم سري صدر هذا الأسبوع عن رابطة التأمين من مخاطر الحرب -التي يتعامل معها مالكو السفن النرويجية- إلى أن «الهجوم على الناقلات الأربع نفذته -على الأرجح- سفينة دُفعت بمركبات مُسيَّرة تحت الماء تحمل 30 إلى 35 كجم من المتفجرات الشديدة التأثير، مصممة لتنفجر عند الاصطدام»؛ وذلك «ردًّا من طهران على قرار واشنطن خفض الصادرات النفط الإيرانية إلى الصفر».

واستندت الرابطة (في تقييمها) في ترجيحها أن الحرس الثوري كان العقل المدبر للهجمات؛ إلى عدة عوامل؛ منها «الاحتمال الكبير بأن الحرس الثوري سبق أن أمد حلفاءه الحوثيين الذين يحاربون الحكومة المدعومة من السعودية في اليمن، بقوارب مسيرة محملة بالمتفجرات قادرة على إصابة أهدافها بدقة باستخدام نظام تحديد المواقع»، و«التشابه بين الشظايا التي عُثر عليها في الناقلة النرويجية، وشظايا من قوارب مسيرة استخدمها الحوثيون قبالة اليمن، رغم أن المركبات التي سبق أن استخدمها الحوثيون كانت قوارب سطح وليست مركبات مُسيَّرة تحت الماء كالتي يُرجَّح استخدامها في هجوم الفجيرة».

كما استند التقرير إلى أن «إيران والحرس الثوري تحديدًا، هدَّدا باستخدام القوة العسكرية، وأنه في مواجهة خصم أقوى من الناحية العسكرية، فإن من المرجح أن يلجأ إلى تدابير غير متماثلة يمكن إنكارها بسهولة». وعليه، فإن أصابع الاتهام تتجه مجددًا نحو إيران المأزومة على كل الأصعدة.