قدماء المصريين.. لم يعرفوا "رعب الامتحانات" ووصلوا لـ"الدراسات العليا"

أخبار مصر

بوابة الفجر


عرفت مصر القديمة التعليم مبكرًا، ولكنه ظل قاصرًا على الطبقة العليا من المجتمع فترة طويلة، كما لم يعرف المصري القديم نظم الامتحانات في الانتقال من مرحلة إلى أخرى، إلا أن الناتج الحضاري الذي خلفه لنا القدماء يحكي أن العناية بالتعليم كانت فائقة.

وقال الباحث الأثري أحمد عامر، إن قدماء المصريين لم يعرفوا نظام الامتحانات سواء النهائية، أو النقل من عام إلى عام تعليمي تال، بل كان الطالب ينتقل من مرحلة إلى مرحلة تعليمية أعلى بناء على ما تعلم وما اكتسبه من خبرات، أي أزنهم لم يكن لديهم رعب "الثانوية العامة"، كما كانت خطوات التعليم ومنهاجه عندهم تهدف إلي أغراض أساسية ثلاثة هي تعليم الكتابة، وتقويم السلوك، ثم التدريب المهني، ولم تكَن هذه الأغراض منفصلة عن بعضها البعض.

وأوضح عامر في تصريحات خاصة للفجر الإلكترونية، أن قدماء المصريين قسموا المراحل التعليمة إلي ثلاث مراحل، الأولي ينبغي أن يتعلم فيها الصبي مبادئ القراءة والكتابة، فإذا ما انتهي منها زودته المدرسة بلون من الثقافة وقسط من المعرفة، وكان يتم ذلك في طور الصبا وفي دار للتعليم يسمونها "قاعة الدرس" يتجهأ فيها الصبي مفردات اللغة ويتمرن علي رسمها ونسخها بالإضافة لتعلم بعض قواعدها.

ونجد أنه لم تكن أبواب المدرسة مفتوحة أمام كافة أبناء الشعب وإنما كان التعليم مقصورًا علي أبناء أمراء الأقاليم وكبار موظفي الدولة، وفي نهاية عصر الدولة القديمة تغير الحال في البلاد ولم يعد هناك قيود الحياة الطبقية أو ما يعوق النشء عن المدرسة إلي أن وصلنا للدولة الحديثة فلم يتغير الوضع بل أصبح المجال يتسع أمام المتعلمين في كسب العيش عن طريق تلك الوظيفة، وفي تلك المرحلة كانت مدة التعليم تتراوح ما بين إلي أربع إلي خمس سنوات.

وتابع عامر أن المرحلة المتوسطة من التعليم تعتبر امتداد للمرحلة الأولى وكان الغرض منها التوسع في التعليم عامة أو الوصول للون من التخصص ويبدو أن هذه المرحلة كانت تتيح للتلاميذ أن يجمعوا بين ما ينبغي لهم من ألوان الدراسة النظرية وما يبتغون من الدرسة العملية.

وكانت إدارات الحكومة ودواوينها المختلفة تتكفل بتنظيم الدراسة في هذه المرحلة، وكان التلاميذ في هذه المرحلة يجودون في الكتابة ويحسنون النسخ ويحظون بالمزيد من المعرفة ويستطيعون في نفس الوقت أن يُلموا ببعض أسرار الوظائف الحكومية ومقتضياتها، ولدينا وثائق من عصر الرعامسة ما يرسم لنا صورة تلك المرحلة.

وأشار عامر أن مايلي المرحلة المتوسطة هو المرحلة الثالثة من التعليم، وكانت هذه المرحلة عند القدماء هي مرحلة الاستزاداه من الدرس والتحصيل والتعمق والتوسع فيه، فهي تقابل في عصرنا الحالي مرحلة الدراسات العليا وكان مقرها عند القدماء المصريين يسمى "دار الحياة" وكانت من ملحقات دور العبادة.

وكان لدار الحياة عندهم مقام كبير فيها يلتقي الأئمة من كُتِّاب مصر وأكثرهم علمًا وأغناهم معرفة وأوسعهم ثقافة وفيها تُؤلف الكتب وتُدون الرسائل وتنسخ النصوص ويتم تصنيفها وترتيبها وتبويبها فنرى منها الديني والقانوني والطبي والسحري والفلكي، ونجد أن "دار الحياة" كانت تشبة إلي حد كبير ما يسمي ""GYMNASIUM في بلاد أوربا، ودارًا للتدوين والنسخ كالتي يسميها الغربيون "SERIPTORIUM".

واستطرد عامر أن المصريين القدماء عرفوا "دار الحياة" من عصر الدولة القديمة وقد حملت اسم "بر عنخ"، واشتهرت المعابد المصرية ونخص منها بالذكر "دار أون" في عين شمس، بالإضافة إلي مدرسة الطب في "سايس" صا الحجر تستقبلان الطلاب من الغرب، وكان من أشهر دور العبادة في مصر "أبيدوس".