"من إفطار 500 فرد لصناعة الكعك".. كيف كسر شباب فلسطين حالة الجمود بمخيم جباليا؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تدَبَّ الحياة من جديد داخل مخيّم جباليا بشمال غزة، ويعيش طُقوسه الرمضانية، بعدما حرمَ قاطنيه منها أكثر من عشرين عامًا؛ نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية واِشتِداد الحصار على القطاع، مُلتَفين حول أكبر مائدة إفطار، حُضّر لها عشرين شابًا من محافظات عدة، لكسر حالة الجمود بين المواطنين وتخفيف معاناة البسطاء، لتعمَّ الغِبطة أَرجاء المكان، الذي ضمّ خمسمائة فرد "حدث إستثنائي.. جسد معنى الترابط الاجتماعي.. وأثبت قدرتنا على التغيير.. واستجابتنا مستقبليا لأي نداء للنهوض بفلسطين"، يقولها مُنسق مبادرة "فطورك عليك والمكان علينا"، والذي حرص على دعوات جميع الفئات العمرية.






"نعرف بوجع بعض.. وأصبحنا لا نرى أجواء الجلسات والزيارات بين أغلب السكان بالمخيم.. بل أصبحت معدومة "، لذا جَالت في خاطر صاحب الـ(32 ربيعًا)، فكرة إطلاق المبادرة- الذي وصفاها بـ"العفوية"-، برفقة عدد من أصدقائه، لتواصل صلة الأرحام، بين الأهالي وتعويضهم عن قهر قوات الإحتلال، ليتحقق مبتغاه وتضَج المقهى المخصصة لمائدة الإفطار بالضحِك، لاسيما على وجوه بعض الشباب العاطلين عن العمل، وكبار السن، وعدد من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين جهز لهم مكان على الطاولة مناسب "تفاجئنا بالعدد".








فبعد أن حدد المتطوعون، تفاصيل الفعالية، وشرعوا بترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، لاحظ الشاب الفلسطيني محمد الشبراوي، أن هُناك تجاوب كبير بين أغلب شباب المخيم، منذ اليوم الأول وأن الفعالية ستكون حاشدة وتوقع حضور 300 شخص، ولكن مع افتتاح أبواب المقهى لإستقبال المشاركين، باغَته العدد، فائتضَّ إِلى فتح قاعة إضافية أخرى "الخير كان كتير.. والكل كان بيجود باللي عنده"، بالإضافة لتواصل بعض الفنانين والشخصيات من خارج المخيم-الذي يُعد أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، وأُنشئ عام 1948، ويضم حوالي 113,990 لاجئ يعيشون في المخيم الذي يغطي مساحة من الأرض تبلغ فقط 1.4 كيلومتر مربع-، مع الشباب المُبادرين ومُنظمي الفعالية، من أجل مشاركتهم هذه الأجواء، ولكن على طريقتهم.






من وقت لآخر يشرف "الشبراوي"، على الطعام، إذ شارك بإعداد طهي وجبته المفضلة "ورق الدوالي"، بالرغم أن مهمته المخولة إليه التنسيق مع أصحاب المطاعم والحوانيت الكبرى، لإهداء المواطنين بعض اللوجستيات والهدايا، وهو ما نجح فيه وتجاوب أكثر من خمسة عشر محل تجاري ومطعم معه، كما تكفل بالجلوس على إحدى طاولات الضيوف، وتناول الطعام والحديث معهم، مثل زملائه، كون أهداف المبادرة نشر المحبة والألفة بين الشباب "لا بد من خلق حياة جديدة.. وماراح نستسلم لمحاولات إفساد المحتل طقوسنا". 








تنوعت الأحاديث على المائدة، الأشبة بموائد الرحمن، بعيدًا عن السياسة، لأول مرة منذ زمن بعيد، فجميعها تحولت لسرد الذكريات خلال الشهر الكريم، قاطعها رفع آذان المغرب، واهتمام الجميع بتناول الطعام، وتبادل البعض الأصناف وأطباق الفلسطينية الشهيرة كـ"المقلوبة الفلسطينية بالدجاج، والملوخية "، الذي كان أغلبها من صُنع الأُمهات والزوجات "حلم تمنيت أعيشه من طفولتي.. الحمدلله  اتجمعنا على سْـكملة واحدة.. وعشنا لمة رمضان من جديد". وعندما حلّ الليل، استعد الجميع لاستماع المديح النبوي، وبعض الأغاني الفلكورية الفلسطينية، بمشاركة بعض الفنانين، الذين تطاوعنا لإسعاد الجميع بهذا اليوم.







لم يكن ذلك كل ما في الأمر، مثلما أكد الشاب الفلسطيني، بل تآهب مُنظمي"فطورك عليك والمكان علينا"، لمبادرة جديدة "صناعة كعك العيد"، تزامنًا مع عيد الفطر المبارك، بمشاركة من الجنسين "هنشتغل الكعك من الألف للياء.. ونقوم توزيع جُزء منه على بيوت المخيم بشكل عشوائي.. الشغل بمجهود شبابي مينا وفينا.. لازم نفرح الأطفال وجميع أهالي المخيم".