ننشر قائمة أدوية مخصصة للكبار تستخدم بالخطأ للأطفال و"أبوالريش" يرفض شراءها

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


تداول دواء يصيب الأطفال بالفشل الكبدى

بعضها مصنف عالميًا كمكمل غذائى


يحرص أطباء الأطفال عندما يصفون أدوية لعلاجهم من الأمراض خصوصاً أنهم أضعف بكثير من احتمال الأعراض الجانبية للأدوية كما أن أجسادهم الصغيرة لا يمكنها تحمل تناول دواء خاطئ أو ضار.

«الفجر» اكتشفت مصيبة أو كارثة على وجه الدقة وتتلخص فى لجوء أطباء كثيرين للتوصية بتناول الأطفال المصابين بمرض «ألصفراء» لدواء «السليمارين» الذى يستخدم فى علاج أمراض الكبد والذى يسبب مضاعفات كارثية.

ويستخدم السليمارين كعلاج مساعد لتليف الكبد، والتهاب الكبد الوبائى، وعلاج حصوات المرارة، وإزالة السمية من الجسم، وله 3 أشكال دوائية، أقراص تحت اسم تجارى «ليجالون»، وكبسولات واسمه التجارى «سيركولن»، دواء شرب اسمه التجارى «هيباتيكم».

ورغم أن النشرة الداخلية لـ«الهيباتيكم» أحد الأسماء التجارية للسليمارين تحذر من استخدامه لعلاج الأطفال، إلا أن كثيرا من الأطباء يصفونه للأطفال من عمر يوم واحد، لعلاج الصفراء التى يصاب بها عادة الأطفال وحديثو الولادة.

فى الموقع الرسمى لـ«FDA» منظمة الدواء والأغذية الأمريكية يصنف «السليمارين» كمكمل غذائى وليس دواء معالجًا، وحسب الدكتورة راوية خاطر، استشارى أمراض الكبد، فإن هذا الدواء يعتبر فى مصر علاجاً يحمى خلايا الكبد، ويتم صرفه فى عيادات التأمين الصحى، ولكنها بسبب وجود مضاعفات تصيب الحالات المرضية التى تتناوله أصبحت لا توصى به للمرضى.

وقالت الدكتورة مجد قطب رئيس قسم أمراض الكبد فى مستشفى الأطفال الجامعى، «أبوالريش» عن «الهيباتيكم» الذى يعتبر من أبرز أدوية الكبد للأطفال، إنه غير مرخص لعلاج الأطفال، موضحة أنها شاهدت عدداً كبيراً من الحالات لأطفال تسبب هذا الدواء فى طول فترة مرضهم وتأجيل شفائهم، ومنهم من أصيب بفشل كلوى بسبب ذلك العقار.

وتواصلت «الفجر» مع عدد من الحالات المرضية منهم إسراء أحمد، 13 سنة، تعانى من التهاب الكبد A، حيث تقول والدتها إن طفلتها تعالج بتناول «الهيباتيكم» فى مستشفى أبو الريش منذ كان عمرها 5 سنوات، ولكن دون جدوى، حيث أصيبت بفشل كبدى، وأكدت لها إحدى الطبيبات أن الإصابة تعود لكثرة تناول الطفلة لهذا الدواء لأنه يتسبب فى مضاعفات خطيرة «كنت بشترى العلاج من السوق السوداء وفكراه هيعالج بنتى بس تعبها أكتر وأخر حالتها».

لم يتغير الوضع لمحمد خطاب، الطفل الذى كان عمره خمس سنوات، حيث تقول والدته إنها كانت تعطى لطفلها علاج «الهيباتيكم» بتوصية من الطبيب بالطبع ولكنها لم تلحظ أى تقدم فى حالته ولم يشف طفلها بعد تناول الدواء لمدة شهرين، فلجأت لطبيب آخر كتب نفس العلاج وحينما أخبرته أن هذا النوع لم يتسبب فى تحسن حالة طفلها أصر على رأيه وبالفعل أعطته لصغيرها لمدة 3 أشهر أخرى ولكنه لم يتحسن فلجأت لأطباء آخرين قال لها أحدهم إن سبب عدم شفاء طفلها حتى اليوم هو ذلك الدواء وعندما تناول الطفل دواء آخر بتوصية من هذا الطبيب تم شفاؤه؟

لم تختلف حالة محمد وإسراء عن كثير من الأطفال الذين تناولوا «الهيباتيكم»، كما قالت دكتورة مجد قطب، التى أكدت أنها أصبحت لا تكتبه فى الروشتات التى يصرفها المرضى بعد تعرض عدد كبير من الأطفال لأعراض جانبية خطيرة بسببه.

وقال مصدر فى مستشفى أبو الريش، إن الشركة المنتجة لـ«الهيباتيكم» حاولت عام 2016 إبرام صفقة لبيع هذا لدواء للمستشفى من خلال مناقصة لصالح هيئة التأمين الصحى، إلا أن إحدى الطبيبات بالمستشفى أوقفت هذه المناقصة بسبب الأعراض الجانبية التى عانى منها الأطفال الذين تناولوه رغم الإغراءات المالية من الشركة للمستشفى.

وقال مصدر فى وزارة الصحة، إنه منذ 4 سنوات توصل بحث مشترك بين أطباء مصريين وأمريكيين حول السليمارين، إلى أنه يسبب الوفاة فى حال تم استخدامه فى علاج المرضى المصابين بالالتهاب الكبدى الحاد، ما أدى لتوقف البحث نهائيًا.

وقال أحد الأطباء الذين شاركوا فى البحث من اللجنة المشكلة من وزارة الصحة، إن «السليمارين» لم يخضع فى مصر لدراسات إكلينيكية لما بعد البيع، لكشف تداعيات العلاج على الحالات المرضية بعد تناوله، حيث يعتبر مكملا غذائيا، لم تتمكن الشركة المنتجة من إجراء تلك الدراسات، مؤكداً أن البحث الوحيد الذى أجرته الوزارة على الحالات التى تناولت السليمارين كشف وفاة أحد الأشخاص ولكن لايزال الدواء يباع ولم يتم نشر أى معلومات عن ذلك البحث.

ومن جانبه قال الدكتور محمد عز العرب، استشارى أمراض الكبد، إن المسئول الوحيد فى اللغط حول ذلك العلاج هو إدارة اليقظة الدوائية فى وزارة الصحة، لأن النشرة الداخلية للدواء مكتوب فيها أنه مكمل غذائى ولا يوجد به موانع للاستخدام، ولكنهم يحذرون من تناول الأطفال له، ويجب على الإدارة حل الأزمة وإصدار قرار إما بمنعه للأطفال أو بإجراء دراسات فيما بعد تناوله للأطفال حتى يكون المرضى فى أمان وهم يتناولونه.

وأوضح عز العرب أن الشركات المنتجة تضع بعض المحاذير بالنشرة الطبية للعقار حتى تقوم بإخلاء مسئوليتها لأى أعراض جانبية خطيرة قد تحدث للحالات التى تتناول السليمارين، مشيرا إلى أنه فى تلك الحالة يكون الطبيب هو المسئول إذا كتب الدواء للمريض، أو الصيدلى إذا صرفه دون روشتة علاجية.

الغريب أن المرضى يشترون هذا الدواء بأغلى من سعره المقرر بسبب كثرة الطلب عليه كما أن الصيادلة يحصلون عليه من مخازن السوق السوداء لوجود نقص فى المعروض منه، خصوصاً أن الدواء الرئيسى الذى يوصى به عدد كبير من الأطباء، وقال صيادلة إن الدواء يستخدم لعلاج الأطفال الرضع الذين يعانون من مرض الصفراء، كما تشتريه أسر دون استشارة طبيب اعتماداً على شهرته فى علاج هذا المرض، أو بتوصية من صيادلة.