طارق الشناوي يكتب: (كلاكيت رابع مرة).. مصر مهيضة الجناح في (كان)!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


للعام الثالث على التوالى، وزع مركز السينما العربية فى (كان)، والذى يترأسه الباحث السينمائى علاء كركوتى سورى الهوية مصرى الهوى، جوائز النقاد السنوية للأفلام العربية والتى كانت من بينها أفضل فيلم عربى (يوم الدين) وأفضل مخرجة نادين لبكى (كفر ناحوم)، وأفضل فيلم تسجيلى طويل (عن الآباء والأبناء)، كما منحوا جائزة مستحقة للناقد السينمائى اللبنانى إبراهيم العريس عن مشواره وإنجازه.

تجربة المركز العربى الذى انطلق نشاطه من مصر بدأب وإصرار من مجموعة تعشق الفن السابع، ترنو بلا حدود لأبعد سما، بينما تقيدها الميزانية المحدودة، إلا أنهم يتواجدون فى أغلب المهرجانات الكبرى بجناح دائم يتحملون التكلفة التى ترتفع عاما بعد عام، العديد من المهرجانات المصرية وجدت فى هذا الجناح فرصة لكى تعلن عن نفسها للعالم، ولكن السؤال: أين العلم المصرى على شاطئ الريفييرا؟.

أعلم أن هناك توجها عاما رسميا بالتقشف، وضرورة خفض المصروفات خاصة فيما يتعلق بالإنفاق الحكومى، ولكنى لا أجد سببا واحدا يحول دون إقامة هذا الجناح، وهو بالمناسبة لا يعنى مهرجان القاهرة السينمائى فقط، ولكن كل المهرجانات المصرية وكل الأنشطة السياحية أيضا، تواجده يلعب دورا محوريا فى وصول الرسالة للعالم بأن مصر بلد الأمان، ولهذا من الممكن أن تساهم فى إقامته أكثر من جهة، مثل وزارات الثقافة والسياحة والطيران، وأيضا غرفة صناعة السينما وغرفة السياحة ومهرجان القاهرة.. وغيرها. البعض يهمس قائلا: ربما يتحرجون من إقامة جناح فى رمضان، سوف يقدمون مثلا مشروبات روحية للضيوف الأجانب، حتى هذا السبب من الممكن التغلب عليه، أتذكر قبل 15 عاما عندما كانت غرفة صناعة السينما تقيم الجناح بمفردها، كانت تكتفى بناء على تعليمات منيب شافعى رئيس الغرفة بشراب شرعى مثل الخروب والدوم والعرقسوس، أما الحلويات فإنها حمصية وسمسمية وأيضا ثمار الدوم والخروب والحمص والسودانى وحب العزيز، وكان البعض يأتى ليتذوق يوميا هذه المشروبات.

عندما التقى عدد من السينمائيين الأجانب فى (كان)، يفرض الوضع فى مصر هذا السؤال عن الحالة الأمنية، وغالبا يصبح هذا هو التمهيد المنطقى للسؤال التالى: لو جاءته دعوة لحضور مهرجان مصرى هل يلبيها؟.

بالطبع تأتى إجابتى مرحبة ومطمئنة وهو ما يشاركنى فيه الزملاء، إلا أن الأمر يظل خاضعا للصدفة، لأننا للعام الرابع على التوالى افتقدنا وجود جناح يحمل اسم (المحروسة) مثل أغلب الدول التى لها صناعة سينمائية، لماذا لم تدرك أى جهة رسمية أو شعبية أهمية تواجد مقر خاص بنا لنرفع العلم المصرى مثل عشرات من الدول الأخرى.

على الجانب الآخر فى السوق السينمائية المصاحبة للمهرجان، تطالعك إسرائيل بجناح دائم، وهو أول الأجنحة التى أقيمت داخل قصر المهرجان، وهو تابع لمركز السينما الإسرائيلى، أراه منذ منذ مطلع التسعينيات ولكنه أقيم قبل هذا التاريخ، ومن خلاله تُقدم إسرائيل تعريفًا للعالم عن تاريخها السينمائى، وأيضا أفلامها الحديثة والقديمة، ناهيك عن أن شركات خاصة إسرائيلية تقيم أجنحة وترفع أيضا العلم.

إنه بالتأكيد قرار سياسى، حتى ولو كنا نتحدث عن تظاهرة ثقافية، وهو ما تنبهت إليه فلسطين وحرصت فى السنوات الأخيرة على إقامة جناح لها، فهم يعلمون أن النضال بالفن والثقافة هو أمضى الأسلحة، لأنهم يخاطبون الوجدان.

المهرجانات الكبرى مثل «كان» من الممكن أن تراها بمثابة منصات لإطلاق دعاية لأكثر الفنون جماهيرية، ومن ثم تأثيرا وهو الفن السابع.. فى المقابل، حدث ولا حرج رغم أنه لا أحد فى الحقيقة سيشعر بالحرج. وزارة السياحة كانت فى توقيت سابق تتكفل بمفردها بالنفقات، وتتصدر معالم مصر السياحية جنبات الجناح، والناس تأتى والرسالة تصل، ولا أتصور أن مشاركة العديد من الوزارات أمر يصعب تنفيذه، خاصة أنه توجد لجنة مهرجانات شكلها رئيس الوزراء برئاسة الوزيرة د. إيناس عبد الدايم ويشارك فيها أكثر من وزارة، أى أن توجُّه الدولة لأهمية إقامة المهرجانات فى مصر دفعها لإصدار هذا القرار الذى يؤكد أن المهرجان يتجاوز صلاحية وزارة واحدة ليصبح قرار دولة.

عندما كان الراحل سعد الدين وهبة يترأس المهرجان من «1985 حتى 1997» كان حريصا على أن تحتل مصر مكانا مميزا فى السوق، وهو ما نجح فيه أيضا حسين فهمى فى السنوات الأربع التى تولى فيها رئاسة المهرجان، وتتابعت الأجنحة المصرية بعد ذلك، وربما بدأ التعثر فى السنوات الثمانى الأخيرة، خاصة أنها شهدت إلغاء دورتى عامى 2011 و2013 من تاريخ المهرجان.

لدينا من الآن عام كامل لنرى العلم المصرى مرة أخرى يرفرف على شاطئ الريفييرا فى 2020، هل يسمعنا أحد؟!!.