رحلة عذاب القبر بـ175 جنيه.."الفجر" تكشف بيزنس أكاديميات تحفيظ القرأن في رمضان

في هذا الزمان ربما لا تتعجب من أي شئ، حتى عندما يتحول الدين إلى تجارة ويتم تسليع فتاوى من الهوى، لبيعها لعقول الناس على يد بعض الدعاة ممن يسيرون على مذاهبهم الخاصة باسم الدين، كي يسبق أسمائهم لقب "فضيلة الشيخ" ولا يجدون رادع لهم.

"دورة رحلة إلى الدار الآخرة..حَقِيقَتُهَا وَأَحْوَالُ النَّاسِ فِيهَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحِسَابِ، أما بعد؛ فإن الحياة الدنيا تجذب البصر إليها بحيث لا تترك للقلب فرصة للصفاء الروحي مع ربه، وإن ذكر الآخرة وأحوالها يساعد على تنقية القلب من شوائبه، كما يسمح للمسلم بأن يتعرف إلى مستقبله البعيد، ويستعد له بما ينفعه.. تكلفة الدورة 175 جنيهاً".

إعلان صغير تم نشره على صفحة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحمل اسم  مدرسة "ش.ع" للعلوم الدينية يتابعها أكثر من 350 ألف شخص، وتتناول الدورة عرض عدد من الأمور، منها حقيقة الدنيا وقيمتها بالنسبة للآخرة، بجانب أن الدنيا دار عمل وامتحان والآخرة دار جزاء وقرار، بجانب عرض صور من عذاب البرزخ.

بمجرد أن وضع الإعلان لفت انتباه الكثير على السوشيال ميديا، ما بين مستفسراً عن الهدف من تلك الدورة، وما بين معلقاً أنها استغلال للدين مقابل جني أموال طائلة.

من هنا بدأت رحلة "الفجر"، التي خاضت تجربة لتكشف كواليس وبيزنس مكاتب القرآن الكريم وعلومه، وقد بلغ عدد مكاتب تحفيظ القرآن 2617 مكتبا منها 660 مكتبا تابعين لوزارة الأوقاف، بينما يوجد 1957 مكتبا تم تقنين أوضاعهم عن طريق وزارة التضامن الاجتماعي، وفقاً لما ذكره الدكتور هشام عبدالعزيز، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد والقرآن الكريم.

أكدت المدرسة عبر الموقع الرسمي لها أنها مؤسسة غير ربحيّة، ويتم الإشراف عليها من قبل وزارة التضامن الأجتماعي ومؤسسة الأزهر،  وساهمت في إعداد 60 ألف طالب ومشارك، تهدف لتعليم العلوم الدينية بجانب الحياتية، ولكن أسعار الدورات الملحقة بالإعلانات الخاصة بالمدرسة أوضحت أنها عكس ذلك.

فقد أعلنت المدرسة عن دورة لشرح وتفسير سورة "المزمل"، والتي تقدم حديثاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن قيام الليل، تبدأ به وتختم به، مقابل 200 جنية، وتهدف الدورة لأن يحفظ المتعلم سورة المزمل بحيث يقرؤها غيبًا قراءةً صحيحة، وأن يعرف المتعلم معاني مفردات السورة وتفسيرها، وأن يتفكر المتعلم في أهوال يوم القيامة ويعددها.

لم تتوقف قائمة أسعار دورات الأكاديمية الدينية الصادمة عند هذا الحد، فقد أعلنت كذلك عن دورات لتحفيظ  الأطفال القرأن الكريم، للفئة العمرية: من 5 - 7 أعوام (أولاد وبنات) لحفظ سورة النبأ، والفئة العمرية: من 8 - 10 أعوام (أولاد وبنات) حفظ سورة تبارك، مقابل 150 جنية لتحفيظ كل سورة.

ومن أجل التعرف على محتوى المحاضرات، خاضت "الفجر" تجربة حضور إحدى الدورات التدريبية، وبالتواصل مع صفحة المدرسة أكدت أن العدد اكتمل بالدورة ولن نتمكن من الالتحاق بها.

قمنا بالمحاولة مرة أخرى من أجل حضور دورة تدريبية بعنوان "صوم رمضان"، أعلنت عنها المدرسة، من أجل التعرف على فضل صيام رمضان، وواجبات الصوم (مراقبة الشهر والنية والإمساك)، فأوضحت الصفحة المسئولة أن الدورات حالياً مكتملة العدد، ولكن من الممكن متابعتها من خلال "الساوند كلاود"، والفيديوهات حيث يتم تسجيل المحاضرات ورفعها عبر تلك التطبيقات، وأرسلت لنا الصفحة طريقة تصفح تلك المحاضرات المسجلة.

قمنا بالبحث عن دورة "صوم رمضان" التي تم الإعلان عنها، وبالإستماع لها أوضح الشيخ، أن تعمد شم رائحة الطعام في رمضان فيجد لذلك أثراً في حلقه يفسد الصيام، لأن رائحة الطعام في حلقه تشبه السجائر، وإنما لو كانت الرائحة جاءت بشكل اعتراضي، فهذا لا يفسد الصيام.

وخلال تلك الدورة أوضح الشيخ المحاضر كذلك، أن اندفاع "شطاف" المياه بقوة، من الممكن أن يتسبب في إفطار الصائم، ولا يمكنه إكمال يومه، خاصة وأن المياه بهذه الطريقة ستدخل إلى جوفه، وبالتالي لا يكون الشخص قد أتم ركنا من أركان الصيام وهو عدم دخول مياه أو طعام للجوف.

لم نتوقف عند هذا الحد بل قمنا بالتواصل مع عدد من الطلاب الذين تلقوا دورات بتلك المدرسة.

"أنا وصلت للإلحاد بسبب الفكر بتاعتهم اللي فيه مواطن خلل، حاجات كتيرة حلال وغير مقصودة بيتم تحريمها، بينفوا إن الإنسان ليه أي تأثير في الطبيعة، أو حتى إننا نقدر نميز الصح من الغلط".

 

هكذا بدأ "ح.م" حديثه لـ"الفجر" موضحاً، أن تلك المدرسة الدينية، تعتمد على المنهج التقليدي التراثي والعقيدة الأشعرية، وخلال الدراسة بها 4 مواطن خلل واضحة، منها موقفهم من الحرية الإنسانية وأن الله هو فاعل كل شيء في الحقيقة والإنسان ليس له أثر لكن مجرد مظهر للفعل. 

وأضاف أن الخلل الثاني هو نفيهم للحكمة الإلهية ونفيهم أن الله يفعل الأشياء لغاية وسبب، بجانب نفيهم لمبدأ أن الأفعال لها خصائص مميزة تجعلنا نميز بعقولنا الصواب من الخطأ وإرجاعهم الحكم على الأفعال للشرع وحده.

وتابع أن ما جعله يلجأ للإلحاد هو فكرة أن مدارسهم لا تقوم على مبدأ النقاش والحوار، وإنما التلقين فقط دون نقاش.

وبالحديث مع إحدى الفتيات وتدعى" ر.س"، أنها  تلقت دورة عن" صور مجلس الفقة الشافعي" وتفسير كتابي" فتح القريب المجيب" و"الفقة المنهجي"، وبالمحاضرة أوضح المحاضر، أن يحرم تعزية الشابة الإ من محارمها، وهو الأمر الذي جعلها تتشكك في عقيدة المدرسة ، ولم تحضر بقية الدورات.

وفي هذا الصدد، يقول الشيخ علي خليل، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، إن وزارة التضامن والأزهر لا يضعوا أسعار محددة لعملية تحفيظ القرأن الكريم ولكن لا تصل إلى تلك الأسعار التي تم الإعلان عنها من قبل تلك المدرسة.

وتابع في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن هناك رقابة على المحتوى المدارس العلمية والمكاتب القرأنية، وإذا تم مخالفة الأمر يتم إعداد مذكرة عن ذلك المكتب أو المدرسة، ويتم تسليمها لقطاع المعاهد الأزهرية كي يتم التحري عن تلك المدرسة والعلوم التي تقدم بداخلها.