مينا صلاح يكتب: عمرو دياب.. وحكايتك إيه ياللي؟

مقالات الرأي

بوابة الفجر


لا ولم ولن استطيع وضعه في قالب محدد، وبكل أدوات النفي، لا يمكنني القطع أنه نجم شباك، أو فيديو كليب، أو إعلان، وإنما نجما في الظهيرة، كلما طل علينا بكل ما هو جديد، صار أسلوب حياة، ربما هو أخر النجوم الذين يصح أن نطلق عليهم لقب "نجم القرن"، حقبة تاريخية ومفصلية من تاريخ الفن، ونقلة في صناعة المزيكا، منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي وحتى مطلع ثمانينات القرن الحالي والقادم.

تربت أجيالنا على مزيكا الثمانينات والتسعينات.. وكان علي رأس الهرم عمرو دياب، وحميد الشاعري، ومحمد فؤاد وهشام عباس ومصطفى قمر وإيهاب توفيق، وغيرهم، ما أثار إعجابي تعاون الجميع وصداقتهم للنهوض بالإيقاع والكلمة واللحن، وبعد التعمق في المضمون، اصطدمت بظاهرة السامبا المصرية، طلعت زين رحمة الله عليه، وحاويا الموسيقى مودي وحسين الإمام، بكافة أعمالهما، لا سيما والدور الذي لعبه الفنان الكبير عزت أبو عوف وشركة 4M، وماكينة الإبداع المتحركة حمادة إسماعيل، وكلمات أيمن بهجت قمر وألحان عمرو مصطفى، فبات من المستحيل أن تتسق أذواقنا مع متغيرات الجيل الحالي التي نسفت المضامين والمعاني، وظللنا ننتظر بشغف، "هو ألبوم عمرو نزل ولا لسه"؟ لإيماننا بقيمة ما يقدمه من أعمال فنية راقية.

ولا يمكنني وصف باقي نجوم جيل عمرو دياب، بغير كونهم مظاليم الإنتاج الخاص، بعد تراجع مبيعات سوق الكاسيت واختفائه، وظللنا محافظين على ما تبقى من هذا الفن حتى أواخر الألفية، ومع انتشار المحطات الفضائية، صُعقنا بثورة جديدة تفسد الذوق العام عمدا، لا يهمها سوى مضاعفة الإنتاج فقط والتربح، وأصبحنا ضحايا من يفرضون علينا أصواتهم "المهببة" بأموالهم، أو بعري أجسادهم مثلا، وبات النجوم في طي النسيان، لعدم رغبة المنتجين في التعاقد مع أغلبهم، والتوجه لمن لا صوت ولا لون ولا مضمون لهم.

قرأ عمرو دياب المشهد مبكرا، و"اشتغل على نفسه"، وربما امتناعه عن الإعلام وضعه في خانة المرغوب معرفة أخبارهم بشغف، حتى أصبح حديث الساعة، من يطلق ألبومه أمامه من النجوم الشباب كم ينتحر، محققا أعلى معدلات الخسارة، وبات هو الهضبة التي تزلزل الأسواق وتهذب وترتقي بالأذواق، وباتت المواسم لأغلب الفنانين، متى يطلق الهضبة ألبومه، حتى نسبق أو نؤجل، لنتجنب الاصطدام بتاريخ 35 عاما من الفن والتأصل في أذهان المصريين.


نجما تنفذ تذاكر حفلاته بعد ساعات من الإعلان عنها، تتهافت عليه كبرى الشركات العالمية، للترويج لمنتجاتها، مستوى ثابت من النجاح لم يتعرض لهزة واحدة طيلة عمره، دفع خلالها عمره من تخطيط وإدارة، وتسويق، وابداع، فجنى ثمارها.

إعلان عمرو دياب لإحدى شركات الاتصالات عبقري بكل ما تحمله الكلمة من مقاييس، رجع بنا أكثر من 20 سنة مضت، تلاميذ في المدرسة، وصبايا بطائرات ورقية أعلى الأسطح، وذكريات القناة الأولى حين كانت تغلق الساعة الحادية عشرة ليلا، عاد بنا لشرائط الكاسيت ونوادي الفيديو.

نجح عمرو دياب كعادته في ترجمة ذكرياتنا، وتذكرتنا فلاش باك على أصحاب المدرسة والجامعة والـ100 مكان ومجال الذين عملنا بهم وفيهم، أعاد الذكريات وانطلق بقطار الماضي من جديد على كل المحطات.

ما ينقص الكليب لطمعنا وتعطشنا لزمن الفن الجميل، هو رؤية حسين الإمام وطلعت زين رحمهما الله.. وحميد الشاعري وعمرو مصطفى ومودي وأيمن بهجت قمر وكثيرون من ملوك المزيكا والطرب في مصر،في إعلان عمرو دياب.

اتمنى ألا يتركنا جيل العظماء لجيل جديد يغلب عليه السفه والتدني، وأن يستمروا في تقديم كل ما يمتع مسامعنا، ونفوسنا.