خسارة اسطنبول تشعل الخلافات بين أردوغان وحلفائه

عربي ودولي

أردوغان
أردوغان


بعد انقضاء نحو شهر على الانتخابات المحلية في تركيا، التي شهدت خسارة حزب العدالة والتنمية السيطرة على أكبر مدينتين في البلاد، يتباحث المسؤولون في الحزب، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، بشأن التحالف مع حزب الحركة القومية MHP، الذي يلقي البعض باللوم عليه في التعرض لواحدة من أكبر النكسات الانتخابية، وفق وكالة "رويترز".

 

وبموجب اتفاق بين حزب أردوغان وحزب الحركة القومية، لم يتقدم أي مرشح من حزب MHP لمنصب رئيس البلدية في العاصمة أنقرة أو اسطنبول في انتخابات 31 آذار/مارس. وفي المقابل، ابتعد مرشحو حزب العدالة والتنمية عن الترشح في مناطق أخرى.

 

لكن الصفقة فشلت في منع حزب الشعب الجمهوري العلماني CHP، الذي عقد اتفاق مماثل مع أحزاب المعارضة الأصغر الأخرى، وفاز بالبلدية في كلتا المدينتين، منهياً ربع قرن من سيطرة حزب العدالة والتنمية وأسلافه عليهما.

 

ولا يزال حزب العدالة والتنمية يواصل التقدم بالاعتراضات القانونية بشأن خسارته بفارق ضئيل في اسطنبول، أكبر المدن التجارية في تركيا، وحيث شغل أردوغان نفسه منصب العمدة قبل أن يصل الحزب إلى السلطة عام 2002، ليهيمن على الساحة السياسية التركية منذ ذلك الحين.

وبينما تتواصل المعارضات القانونية في اسطنبول، أثارت الهزيمة النادرة تساؤلات داخل الحزب حول استراتيجية الحملة. فعلى الرغم من أن التحالف ساعدهم في الفوز بأغلبية الأصوات على مستوى البلاد، إلا أن مسؤولي حزب العدالة والتنمية يقولون إنه حقق منافع محدودة.

 

من جهته، صرح مسؤول كبير في مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة لرويترز: "استفاد حزب الحركة القومية من هذا التحالف أكثر من العدالة والتنمية".

 

وقال مسؤول آخر في "العدالة والتنمية" إن زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، البالغ من العمر 71 عاماً، والذي كان في السابق ينتقد أردوغان بشدة، حليف لا يمكن التنبؤ به.

 

ويعتمد "العدالة والتنمية" على "الحركة القومية" للحصول على أغلبيته البرلمانية، مما يعني أن أي كسر للمعاهدة سيجعله يبحث عن شركاء جدد، وهو تحد كبير بعد انتقاد أردوغان العنيف لمعارضيه خلال الحملة.

 

صدع

غير أن ذلك لم يؤدِ إلى توقف الحديث عن الصدع والانقسام. وفي هذا السياق، قال المسؤول الكبير في حزب العدالة والتنمية إنه إذا صدر حكم الهيئة المشرفة على الانتخابات ضد إعادة التصويت في اسطنبول، بحسب ما طلب "العدالة والتنمية"، فلن يكون هناك حافز كبير للحفاظ على استمرار التحالف.

 

وأوضح قائلاً: "يتوقف الأمر في تحديد مصير التحالف على القرار الذي سيصدر. كما لا يمكن تحديد مصير التحالف على المدى القصير، لكن الصدع بات واضحاً حالياً".

 

من جانبه، قال أحد مسؤولي "الحركة القومية" إنه على الرغم من أن الخلافات مع حزب العدالة والتنمية آخذة في الظهور علانية، فإن القوميين لن يبادروا بوضع نهاية لما يسميه الحزبان "تحالف الشعب".

 

ولفت بهتشيلي إلى أنه لا يزال ملتزماً بالاتفاق، مؤكداً في بيان أن "هذا هو خيارنا (الحركة القومية) الأساسي وهدفنا الوطني والاستراتيجي. ولا حاجة للبحث عن تحالفات أخرى بلا شك".

 

انتقادات علنية

وأثارت النكسة السياسية، التي اجتاحت حزب العدالة والتنمية في أنقرة واسطنبول، انتقادات علنية حادة الأسبوع الماضي من أحد السياسيين في قلب إدارة أردوغان، حيث دان رئيس الوزراء السابق وعضو "العدالة والتنمية"، أحمد داود أوغلو، تحالف حزبه مع القوميين، قائلاً إنه كان مدمراً "من حيث مستويات الناخبين وهوية الحزب".

 

كذلك انتقد داود أوغلو، الذي شغل منصب رئيس الوزراء بين عامي 2014 و2016، السياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية، والقيود المفروضة على وسائل الإعلام والأضرار التي قال إنها تسببت في انفصال بين السلطات والمؤسسات التركية.

 

ومنذ الانتخابات، بدا أن أردوغان يقلل من أهمية حزب الحركة القومية، مشيراً إلى حصته البالغة 7% من الأصوات. وقال بهتشيلي إن التصريحات "غير عادلة وغير منصفة"، بالنظر إلى أن حزبه اختار عدم التنافس في أكبر 3 مدن في تركيا.

 

وبعد تعرض زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو، لحادث اعتداء في جنازة جندي الشهر الماضي، تبنى أردوغان لهجة أكثر ميلاً للمصالحة مع الدعوة إلى الوحدة، قائلاً: "في الأمور التي تتعلق بنجاة بلدنا، يجب أن نتحرك جميعاً مع 82 مليوناً كتحالف تركي، وأن يتم تنحية خلافاتنا السياسية جانباً".

 

ويرى المحللون أن إشارة أردوغان إلى الوحدة الوطنية ربما تكون تعبيراً بلاغياً إلى حد كبير. وتقول المعارضة إنها إشارة جوفاء بعد أن اتهم حزب الشعب الجمهوري وحلفاءه من حزب الخير مراراً وتكراراً خلال الحملة الانتخابية بدعم الإرهاب.

 

وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، محرم إركيك: "يقوم بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية بالنقد الذاتي، وهو ما يزعج أردوغان. وبالتالي إذا كان لا يمكنه حتى تحمل النقد الذاتي داخل حزبه فكيف يدعو إلى الديمقراطية؟ إن كلماته تظهر أنه غير صادق فيما عبر عنه بشعار تحالف تركيا".