صفقة "فاسدة" بين تميم وظريف لإنقاذ الإخوان من ترامب

السعودية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية



من قلب الدوحة، وغداة استقباله من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني على مأدبة عشاء، مساء الثلاثاء، وبعد دقائق من لقاء جمعه بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو، خرج وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الأربعاء، معلناً رفض بلاده سعي الولايات المتحدة لتصنيف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، وفقا للعين الإخبارية.

تصريح اعتبره خبراء ومراقبون بمثابة إعلان رسمي عن التحالف بين نظام ولاية الفقيه في طهران بجماعة "الإخوان" الإرهابية المدعومة من قطر وتركيا، وصفقة "فاسدة" بين قطر والنظام الإيراني لإنقاذ الإخوان من قرار أمريكي وشيك بتصنيفها إرهابية.

ورغم أن جماعة الإخوان تربطها علاقات تاريخية بنظام ولاية الفقيه، إلا أن تصريح ظريف كشف تلك العلاقات للعلن بشكل واضح لا لبس فيه، ومن قلب قطر، حاضنة الإخوان وراعية الإرهاب في المنطقة.

وبهذا التصريح تنضم طهران لتركيا، الذي سبق أن أعلنت رفضها تصنيف الإخونجية جماعة إرهابية، ليتضح أكثر فأكثر اصطفاف ثلاثي الشر (تركيا وإيران وقطر) في مواجهة أمريكا والعالم، لمحاربة الإرهاب.

وقال جواد ظريف، في تصريحات صحفية من الدوحة، على هامش مشاركته في مؤتمر "حوار التعاون الآسيوي": "الولايات المتحدة ليست في وضع يؤهلها بأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية، ونحن نرفض أي محاولة أمريكية فيما يتعلق بهذا الأمر".

وكان البيت الأبيض قد أعلن، الثلاثاء، أن "إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل على تصنيف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً أجنبياً".



وقالت سارة ساندرز، المسؤولة الإعلامية بالبيت الأبيض، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "الرئيس تشاور مع فريقه للأمن القومي وزعماء بالمنطقة يشاركونه القلق، وهذا التصنيف يأخذ طريقه عبر الإجراءات الداخلية".

ويأتي تصريح ظريف غداة استقباله من أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، مساء الثلاثاء، على مأدبة عشاء، ضمن مجموعة أخرى من الوزراء، على هامش لقاءات الجلسة السادسة عشرة لوزراء خارجية دول أعضاء حوار التعاون الآسيوي.

كما جاء تصريح ظريف عقب لقاء مع نظيرة التركي مولود جاويش أوغلو، على هامش اجتماع حوار التعاون الآسيوي في الدوحة.

وبهذا التصريح، تنضم إيران إلى تركيا ضد المساعي الأمريكية لتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية.

وكانت تركيا عبرت هي الأخرى عن رفضها ما تسعى أمريكا إلى القيام به؛ حيث أعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، تأييده للجماعة "الشقيقة" التي تعمل جنباً إلى جنب معه في تركيا.

وقوف "ثلاثي الشر" (تركيا وإيران وقطر) سراً وعلناً ضد محاولة واشنطن تصنيف الإخوان يكشف بشكل واضح اصطفافهم، في مواجهة أمريكا والعالم، لمحاربة الإرهاب، خصوصاً أن هذه المواقف تأتي بعد أقل من شهر من اعتراض كل من قطر وتركيا أيضاً على تصنيف واشنطن الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.

ويعد القرار الأمريكي الخاص بتصنيف الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية" ضربة قاصمة لأهم حلفاء تنظيم الحمدين، في دعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، الأمر الذي سيؤثر على مؤامراتهما خلال الفترة المقبلة.

كما يكشف هذا الرفض أيضاً عن مخاوف تلك الدول من العقوبات التي تطالهم والتداعيات التي ستلحق بهم حال تصنيف الجماعة تنظيماً إرهابياً؛ حيث إن إدراج تنظيم الإخوان في اللائحة الأمريكية يتيح فرض عقوبات على كل شخص أو منظمة لديها علاقات مع الإخوان.

وتكشف المواقف المتتالية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حربه على الإرهاب، رويداً رويداً، ملامح تحالف قوى الشر من جانب، وتدعم من جانب آخر موقف دول الرباعي الداعية المكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)؛ خاصة أن هذا الإعلان الأخير يأتي بعد 3 أسابيع من زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي واشنطن التي تصنف بلاده الإخوان "جماعة إرهابية".

وفي 5 يونيو/حزيران 2017، قررت دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، قطع العلاقات مع قطر، لتورطها في دعم تنظيمات إرهابية، والعمل على زعزعة أمن واستقرار المنطقة.

تحالف الإثم والعدوان.. علاقات تاريخية
وتربط الإخوان ونظام ولاية الفقيه في طهران علاقات تاريخية؛ حيث سمح التشابه بين أفكار الإخوان وأيدلوجية أصحاب العمائم السوداء في قم ومشهد، في التقارب المبكر بين الجماعة الإرهابية وإيران.

ويرى مراقبون أن أوجه التشابه بين طبيعة الاستبداد داخل البنية التنظيمية لجماعة الإخوان ونظام ولاية الفقيه لا تخفى على أحد، فكما يتحكم المرشد في اتباعه عبر مبدأ الولاء والطاعة التي لا تقبل المراجعة أو التعقل، يدمج المرشد الإيراني سلطته الروحية في حيز المجال السياسي.

وكانت جماعة الإخوان أول من أيد ما سُمي بـ"الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979، وانتقدت السماح للشاه باللجوء السياسي في مصر، كما طالبت كل مسلمي العالم بالتأسي بمسلمي إيران، فكانت هذه الجماعة أول من ذهب إلى إيران بعد سقوط الشاه مباشرة؛ لتهنئة المرشد الإيراني الخميني.

بالإضافة إلى ذلك نشرت الجماعة كتاباً اسمه "الخميني الحل الإسلامي والبديل" الذي ذكر فيه أن "ثورة الخميني ليست ثورة فرقة إسلامية ضد الفرق الأخرى، بل هي مركز القيم والمعتقدات المشتركة التي توحد عليها كل المسلمين".

كما أكد التحالف بين الإخوان وإيران القيادي الإخواني عصام العريان الذي قال في حديث مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية عام 2008 إن جماعة الإخوان أيدت ما وصفها بـ"الثورة الإسلامية" في إيران منذ اندلاعها 1979، بحجة أنها قامت ضد العدو الصهيوني، وذلك بالرغم من أن تلك "الثورة" أول ما وجهت سلاحها وجهته إلى صدر العراق في حرب الخليج الأولى عام 1980.

كما زعم العريان أن تكون السنة في إيران مضطهدين قائلاً: "لقد تم تخصيص قطعة أرض كبيرة هناك لبناء مسجد كبير لأهل السنة، وهم يجمعون تبرعات حالياً لبنائه".

وحرص مرشدو الإخوان تباعاً على التعامل الإيجابي مع إيران، كما دعم الإخوان حق إيران في امتلاك النووي، واعتبروه حقاً مشروعاً لها في مواجهة ما سموه بـ"المد الصهيوني المتصاعد".

وفي عهد مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، كانت للجماعة الإرهابية مواقف داعمة لإيران والطائفية، مما أثار حفيظة الدول العربية.

وخلال فترة ما سمي بالربيع العربي، برز بشكل واضح تحالف "ثلاثي الشر" مع الإخوان للتآمر ضد دول المنطقة وإسقاط الأنظمة العربية واحد تلو الآخر، وكان ليقظة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات ومصر دور كبير في إحباط مؤامرات محور الشر.

وبعد شهر من قرار الرباعي العربي (الإمارات ومصر والسعودية والبحرين) بقطع العلاقات مع قطر، لكونها داعمة للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها الإخوان، التقى إبراهيم منير، أمين التنظيم الدولي للإخوان، مع محسن الأراكي، مستشار مرشد إيران على خامنئي، وذلك في لندن، يوليو/تموز 2017.

وجاء اللقاء للتنسيق بين الجانبين حول سبل دعم قطر بعد قرار الرباعي العربي بقطع العلاقات معها، كما بحث الجانبان سبل إقامة تحالف استراتيجي بينهما وإقامة ندوات ومؤتمرات مشتركة بشكل مستمر، في إطار تحركهم التآمري على استقرار دول المنطقة.