د. بهاء حلمي يكتب: من نيوزيلندا إلى سريلانكا.. القاتل واحد

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


قام أحد المتطرفين المسلحين ببث مشاهد عملية إطلاق نار عشوائى أدى إلى مقتل عشرات الأبرياء الآمنين بالرصاص بعضهم من النساء والأطفال فى مسجدين بنيوزيلندا خلال صلاة الجمعة.

وقد تداولت بعض وسائل الإعلام بعضا من ملامح فكر وعقلية المجرم القاتل الذى قرر انتماءه لليمين المتطرف وأعلن عن كراهيته الشديدة للأجانب الذى وصفهم بالغزاة واعتبرهم قوة محتلة وقال إنه استغرق فترة طويلة فى التخطيط للعملية الإرهابية التى قام بتنفيذها بغرض الدفاع عن ملايين الأوروبيين الذين يتطلعون للعيش على أرضهم وممارسة تقاليدهم الخاصة على حد تعبيره.

وقام بتصوير ارتكابه الحادث واستبداله أسلحة الموت المدون عليها بعض العبارات التى تحمل معانى العنصرية والتطرف مع ارتدائه بعض التجهيزات الخاصة فى مشاهد من مشاهد الإخراج السينمائى والإلكترونى تأثرا بألعاب البلاى سيتشن.

كما أعلن عن أفكاره ومعتقداته وميوله المتطرفة من خلال رسائل إليكترونية للأجهزة الأمنية والحكومة قبل تنفيذ الحادث بدقائق.

على جانب آخر فى سريلانكا فقد أعلن تنظيم الدولة «داعش» عن تبنيه ومسئوليته عن التفجيرات المتزامنة والمتتالية التى ضربت بعض الفنادق والكنائس بالعاصمة كولومبو ومحيطها التى راح ضحيتها مئات من القتلى والمصابين أثناء الصلاة على أيدى مجموعة من الإرهابيين الذين ينتمون لفكر وعقلية داعش المعروفة بالكراهية الشديدة لكل من لا يؤمن بأفكارهم وفتاوى علمائهم.

إنه نموذج متمائل من الفكر والعقلية لدى المجرمين مرتكبى تلك الحوادث فى الموقعين يصل لحد التطابق سواء من حيث التطرف والتخطيط والعنف فى قتل الأبرياء أثناء صلواتهم فى أماكن العبادة وسفك الدماء دفاعا عن معتقداتهم وأيديولوجيتهم، أم من حيث تبنى الإرهابيون عمليات بث استخدامهم لجميع أنواع ووسائل وأساليب القتل والحرق والنحر والتفجير والترهيب اعتمادًا على التقنيات والتكنولوجيا الحديثة فى الإعداد والتصوير والدعاية الإلكترونية دون اعتراض من الشركات الكبرى المسئولة أخلاقيًا وقانونيًا عن عدم حجبها مشاهد القتل والتحريض مثل جوجل وفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة.

يبدو أن البث الإلكترونى والدعاية للعمليات الإرهابية ومشاهد القتل والدماء أصبحت قاسما مشتركا فى معظم العمليات الإرهابية التى تتم فى المواقع المختلفة بغرض خلق وإثارة وتأجيج الصراعات والترويج لعمليات الثأر الدينى أو العرقى.

غنى عن البيان أن تنظيم الدولة سبق وأن صمم بعض الألعاب الإلكترونية وأنشأ العديد من المواقع والقنوات والمجلات على شبكة المعلومات الدولية مثل دابق وغيرها التى مازالت تبث أخبارها تحت سمع وبصر شركات التكنولوجيا العالمية ودول العالم أجمع.

أعلنت جهات التحقيق فى سريلانكا أن تلك التفجيرات والضحايا كانت على سبيل الثأر للحادث الإرهابى الذى وقع فى نيوزيلندا على الرغم من أن فكر وعقلية مرتكبى تلك الحوادث تنطوى على عوامل متشابهة مثل التطرف وتفريغ شحنات الحقد والكراهية والتلذذ بمشهد الدماء التى تسيل من الأبرياء أثناء العبادة.

إن القاتل واحد حتى لو تعدد أفراده أو أطرافه، ويبدو أن الاختلاف الوحيد بين القتلة يكمن فى اختلاف العقوبة التى ستوقع على كل من على قيد الحياة منهم نظرا لاختلاف العقوبة والفلسفة العقابية بقانون الدولة الذى سيخضعون مما يشير إلى التمييز وعدم المساواة فى العقوبة على الرغم من تشابه جرائمهم بما يخالف ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق حقوق الإنسان، الأمر الذى يمكن تلافيه من خلال بعض الأساليب الجديدة منها لم شمل وجمع هؤلاء الإرهابيون فى موقع واحد وجها لوجه مع محاكمتهم أمام محكمة دولية تؤسس خصيصا لمحاكمة الإرهابيين وفق قانون خاص على أن يتم ذلك فى إحدى الدول أو المواقع التى شهدت جرائمهم وإنزال أقصى العقوبات بهم ليلقوا مصيرا مشتركا كأفعالهم نظير ما اقترفوه فى حق الإنسانية.

www.bahaahelmy.com