"أردوغان".. الرئيس التركي الذي نادى بالوحدة واعتقال معارضيه

عربي ودولي

الرئيس التركي
الرئيس التركي


يواصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قمع المعارضة والأصوات الحرة المنادية بسقوط الديكتاتورية، وفي ذلك الإطار أكدت مجموعة من الصحفيين الأتراك أنهم يواجهون عقوبة السجن بعد إدانتهم، فيما يعد ذلك إجراء من القمع الصارم، الذي مارسه "أردوغان" ضد الصحفيين والإعلاميين على الرغم من التعهدات الأخيرة بتوطيد أواصر الوحدة في تركيا.

الرئيس التركي يعترف بغرق الاقتصاد
وقال أردوغان الأسبوع الماضي إن الوقت قد حان لقلب الصفحة على سلسلة طويلة من التنافس الانتخابي والتركيز على إصلاح اقتصاد غارق في الركود.

وبعدما فاز أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في يونيو الماضي، حصل حزب الشعب الجمهوري المعارض على أكبر مدينتين في الانتخابات المحلية في 31 مارس، وهما إسطنبول والعاصمة أنقرة.

مناخ سياسي متقلب
وما يزال المناخ السياسي في تركيا متقلبا، ففي الأيام القليلة الماضية، أُعيدت معلمة إلى السجن لحثها الحكومة للحفاظ على حياة الأطفال أثناء العمليات العسكرية ضد المسلحين من حزب العمال الكردستاني؛ فيما تقدم حزب العدالة والتنمية بقائمة من المخالفات الانتخابية إلى مجلس الانتخابات الوطني في تركيا، سعياً للحصول إلى قرار بإعادة التصويت في إسطنبول؛ كما تعرض زعيم حزب الشعب الجمهوري لاعتداء خلال تشييع جنازة جندي.

ويتعرض عدد من الصحفيين للمحاكمة بسبب نشر مواد معرضة للنظام، وطالب منسق لجنة حماية الصحفيين جولنوزا سعيد السلطات التركية بعدم إدانة موظفي صحيفة جمهوريت إلى أن تبت المحاكم في حالات جميع المدعى عليهم، مشيرًا إلى أن مقاضاة صحفيي وموظفي الجريدة وصمة عار على جبين تركيا.

خطب كراهية للسياسيين الحاكمين
وألقت كاتي بيري، عضو في البرلمان الأوروبي ومقرر تركيا، باللائمة على الخطاب العدائي من جانب مسؤولي الحزب الحاكم مما أدى إلى تفشي الأجواء المتوترة.

وفي إشارة إلى الهجوم الذي وقع على زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو، قالت في تغريدة: "من المحتمل أن تكون مستوحاة من خطب الكراهية للسياسيين الحاكمين. يجب أن ينتهي هذا الاستقطاب المتطرف".

لم يصب قليجدار أوغلو بجروح خطيرة في الاعتداء الذي نسبته الشرطة إلى مجموعة تضم عضوًا في حزب العدالة والتنمية.

وذكر أردوغان: "يجري التحقيق في الحادث بدقة، لا يمكننا الموافقة على العنف، نحن ضد العنف والإرهاب بجميع أشكاله".

سياسات "أردوغان" أدت إلى الانقسام
وانتقد مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية سياسات أردوغان التي أدت إلى الانقسام في تركيا وحزبه مما أدى إلى إضعاف هيبة الدولة.

وقال أحمد داود أوغلو، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد أردوغان من عام 2014 إلى عام 2016: "خوض الرئيس كطرف في الصفوف الأولى في الانتخابات، وفي الجدل السياسي الكثيف والذي يتطلبه المناخ الانتخابي، يؤدي إلى ابتعاد مؤسسة الرئاسة نفسياً عن نصف المجتمع على الأقل".

وأضاف داود أوغلو: "إن الأمر الأكثر خطورة هو ظهور فئة ترى نفسها متفوقة فوق لجان حزبنا وتحاول إدارة الحزب مثل كيان مواز، وإقصاء المسؤولين المنتخبين واللجان في الحزب"، فيما تتواصل الممارسات القمعية العنيفة والتي اشتدت حدتها ضد المنشقين بعد الانقلاب الفاشل في يوليو 2016 ضد أردوغان، حسبما يقول مراقبو حقوق الإنسان.

أحكام قضائية بدوافع سياسية
وفي الأسبوع الماضي، تم سجن المعلمة عائشة تشاليك التي أعربت عن قلقها عبر برنامج حواري شهير في عام 2016 من أن الأطفال ربما يلقون حتفهم في العمليات العسكرية التي تشنها قوات الأمن التركية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

والمعلمة سجنت بتهمة الدعاية الإرهابية، وتم إطلاق سراحها مؤقتًا لإرضاع طفلتها المولودة حديثًا، فيما تنفي عائشة ارتكابها لأي جريمة.

وقال 8 صحفيين سابقين وموظفون في صحيفة جمهوريت التركية إنهم يتوقعون ترحيلهم إلى السجن هذا الأسبوع بعد أن أيدت محكمة استئناف في إسطنبول أحكاما تدينهم بالإرهاب.

وكانت المحاكم التركية قد أصدرت أحكاما بإدانة الموظفين السابقين جزئياً لقيامهم بدعم فتح الله غولن، رجل الدين التركي الذي تتهمه تركيا بتنظيم الانقلاب الفاشل ضد أردوغان.

ويعيش غولن في الولايات المتحدة، ونفى هذا الاتهام في أكثر من مناسبة.

وقال موسى كارت، وهو رسام كاريكاتوري منذ فترة طويلة لـ"جمهوريت"، والصادر بحقه حكم بالسجن لمدة 18 شهراً، إن الاتهامات لم تكن منطقية لأنه ما من صحيفة قامت بتنبيه أردوغان إلى خطر تحالفه السياسي في وقت ما مع غولن أكثر مما فعلت صحيفة "جمهوريت".

وقال كارت: "إنها ليست قضية قانونية، وإنما هي قضية سياسية صنعها السياسيون".

يجب حماية الحق في الانتقاد
هذا وحث داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق، حزبه على الالتزام بسيادة القانون. 

وتابع: "إن توسيع مجال الحرية في أسرع وقت ممكن، بات شرطًا أساسيًا لإعادة بناء ثقتنا بأنفسنا التي نعتز بامتلاكها، والأهم من ذلك كله، هو إعادة بناء ثقتنا في بعضنا البعض. فالصحافي، والأكاديمي، وقادة الرأي، والسياسي، وأي شخص كان ممن يعبر عن أفكاره، لا يجب أن يقابل بتهديدات بالفصل من عمله، أو بالتشهير، أو أن يصبح ضحية وسائل التواصل الاجتماعي، وأن تتم إهانت، يجب حماية الحق في الانتقاد والتعبير عن الأفكار، حتى أبعد مدى ممكن".

جدير بالذكر أن الانتخابات البلدية جرت في تركيا في 31 مارس الماضي، وفاز فيها حزب العدالة والتنمية بالأغلبية لكنه خسر أهم وأكبر البلديات كأنقرة وإسطنبول وإزمير لصالح حزب الشعب الجمهوري، ولم يعترف الحزب الحاكم بالنتيجة إلا بعد حوالي أسبوعين من المماطلة ورفض النتائج.