طارق الشناوي يكتب: لو لم نجده عليها لاخترعناه!

الفجر الفني

بوابة الفجر


الكل ينتظر انفراجة ما في مساحة التعبير، هذا هو ما يتردد في الكثير من منصات الرأى غير الرسمية، أتصور أن نتائج الاستفتاء ستطرح على الدولة سؤالا حتميا عن القادم مع الزمن، وما هي فلسفة التعامل المطلوبة على الأقل مرحليا في الفضاء الإعلامى، وعلى رأسها العلاقة مع (الميديا)، أتحدث عن إطارها التقليدى، وأعنى بها القنوات الفضائية، هل يستمر الأمر كما هو عليه، حيث يتكرر اللحن الواحد الذي صار مملا؟ أم أن السماح بهامش ولو مقنن من المشاغبة الفكرية ليس فقط مطلوبا بل حتمى، إنه مثل الحب الذي قال عنه نزار قبانى (لو لم نجده عليها لاخترعناه)، نعم لو لم يكن هناك صوت آخر معارض لبات على الدولة البحث عنه، فما بالكم إذا كان بالفعل قائما ويتوق للتعبير وهم يغلقون دونه الأبواب.

هناك تراجع نستطيع استشعاره في انجذاب المشاهد بمتابعة ما تبثه الفضائيات المصرية على مختلف أشكالها وأنماطها، لا أحد يملك طبعا وثيقة علمية تتناول بدقة كل تلك التفاصيل، فقط من السهل ملاحظة أن هناك عيونا وآذانا وعقولا بدأت في التوجه للقنوات التي توجه ضرباتها المتلاحقة إلينا، المشاهد معذور فهو يبحث عن الوجه الآخر من الصورة، وتستغل تلك الفضائيات هذا النهم وتقدم له صورة ليست بالضرورة صحيحة، لكنها تلعب على نهمه في المعرفة.

أضف إلى ذلك أنه من الخطر أيضا أن تُصبح (السوشيال ميديا)، وهى الإعلام الموازى لإعلامنا التقليدى، من الخطر أن تصبح هي الوسيلة الأكثر تداولا ومصداقية في الشارع، ولها كل هذا الحضور، لا أتحدث عن شريحة عمرية مقترنة عادة بالشباب، تتعامل فقط معها، الحقيقة أنها قفزت فوق الحواجز العمرية.

جزء من هذا الحضور يتكئ على أن الإعلام التقليدى بات مغلقا أمام الرأى الآخر، فكان لابد أن يملأ الفراغ هؤلاء بكل جنوحهم، ويحتلوا أيضا مساحة معتبرة منه.

من يدير العملية برمتها في الإعلام يعوزه الكثير، هل تعيين وزير إعلام من الممكن أن يلعب دورا في هذا الشأن؟ من المؤكد أن تواجد (مايسترو) وهم بالمناسبة كثر يصلحون لأداء هذا الدور، وولاؤهم لا أحد يشكك فيه، أي أنهم من أهل الثقة، لكنهم بنفس الدرجة من أهل الخبرة، ننتظر هذا المايسترو الذي يستطيع أن يعيد المرونة للخطاب الإعلامى ليواجه سيطرة القبضة الواحدة التي امتدت مؤخرا لتشمل كل التفاصيل، وهكذا باتت في الفضائيات قوائم يتعاملون معها وأخرى ممنوعة، أول شىء سيواجهه المايسترو الجديد هو إسقاط تلك القوائم التي تشوه الصورة تماما، الممنوعات باتت تدخل في إطار الشخصنة، لا أتحدث عن المواقف السياسية، ولكن الذوق الشخصى صار عند البعض يستحق أن يوضع صاحبه في قائمة الممنوع.

لا يجب الاستهانة سواء بالأصوات التي لم تذهب أساسا للإدلاء برأيها في الاستفتاء أو تلك التي قالت لا أو أبطلت صوتها.

لا يمكن التشكيك في وطنيتهم، عدد منهم كان في طليعة من شاركوا في ثورة 30 وهتفوا في عز سطوة الإخوان بسقوط الإخوان، كل مصرى يعشق تراب هذا الوطن من حقه أن تتسع مظلة الوطن لتضمه إليها وأن يجد لصوته مساحة معترفا بها.

منهج الإقصاء لا يجوز ولا يجدى في هذا الزمن، ينبغى أن يتم استبداله بالاحتواء وهو لا يتحقق إلا فقط عندما تسمح الدولة بعيدا عن التنمر، بل وبصدر رحب بالصوت الآخر!!