مي سمير تكتب: أمير الإرهاب.. كيف صدرت قطر العنف إلى أوروبا؟

مقالات الرأي



دفعت 77 مليون يورو لإنشاء 140 مسجداً لنشر التشدد

مولت 6 جامعات أمريكية بمئات الملايين للسيطرة على مراكز التفكير


الأدلة على دعم قطر وتمويلها للإرهاب فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية معروفة جداً ورغم ذلك لا يستطيع أحد المساس بهذه الإمارة الصغيرة التى أصبحت ذات تأثير أيديولوجى ودينى ضخم ضار جداً بالمجتمعات الأوروبية.

والسر فى الأمر كشفه تقرير معهد جاتستون، والذى كان يترأسه مستشار الأمن القومى الأمريكى، جون بولتون، من 2013 لـ2018، والذى وصف هذه الإمارة بأنها «ذئب فى ثياب حمل»، وترعى الإرهاب والتطرف حول العالم باستخدام ثروتها الضخمة للغاية والتى لا تتناسب مع مساحتها الصغيرة جداً.

التقرير رصد اهتمام قطر بتصدير الإسلام السياسى المتطرف إلى المجتمعات الأوروبية خصوصاً إيطاليا.

ويشير التقرير إلى الكتاب الفرنسى الجديد «أوراق قطر: كيف تمول الإمارة الإسلام فى فرنسا وأوروبا»، حيث أشار الصحفيان الفرنسيان، كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو، مؤلفا الكتاب إلى أن قطر دفعت 22 مليون يورو لاتحاد المجتمعات والمنظمات الإسلامية فى إيطاليا «UCOII» القريب للغاية من جماعة الإخوان، كما تعد وسائل الإعلام القطرية منصة إعلامية لهذا الاتحاد.

وقال مالبرونو فى لقاء صحفى «قطر حالياً ممول رئيسى للتنظيمات الإسلامية المتشددة فى أوروبا»، حيث يشير فى كتابه إلى أن الدوحة مولت 140 مسجداً ومركزاً إسلاميا فى أوروبا بـ71 مليون يورو، منها ما يقرب من 50 مسجداً ومركزاً فى إيطاليا وحدها.

وعلى سبيل المثال، حصل مركز الهدى ومقره العاصمة روما على 4 ملايين يورو، وقبل 3 سنوات، اعترف عز الدين الزير، إمام فلورنسا، رئيس «UCOII»، بحصول المركز على 25 مليون يورو من قطر.

وكانت الدوحة وراء تأسيس جامعة إسلامية لخمسة آلاف طالب فى بلدة ليتشى الصغيرة فى جنوب إيطاليا، وقبل عامين أيضا، دفعت قطر 2.3 مليون يورو، لتأسيس مراكز ومساجد فى جزيرة صقلية بجنوب إيطاليا، حيث تدعم نحو 25 % من المساجد هناك.

وفقا لرئيس منتدى الشرق الأوسط، دانيال بايبس، «لا تعتمد الدوحة فقط على دعم الإسلاميين فى الغرب لتعزيز أجندتها، ولكنها تعمل أيضاً على التأثير على صانعى السياسة والجمهور الأوروبى والأمريكى مباشرة، حيث تمارس قنواتها الناطقة باللغة الإنجليزية دعاية سوداء ضد معارضى السياسة القطرية، رغم زعمها تبنى أسلوب الخطاب الليبرالى الغربى.

وتؤثر الدوحة أيضاً فى المؤسسات التعليمية الغربية، حيث تدفع مؤسسة قطر عشرات الملايين من الدولارات إلى المدارس والكليات والمؤسسات التعليمية فى جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية، ما جعلها أكبر مانح أجنبى للجامعات الأمريكية.

كما دفعت مؤسسة قطر مئات الملايين من الدولارات لـ6 جامعات أمريكية هى: كورنيل، تكساس إيه آند إم، كارنيجى ميلون، جامعة فرجينيا كومنولث، جورج تاون، نورث ويسترن، لتأسيس فروع لها فى مجمع المدينة التعليمية فى الدوحة.

وتتيح هذه الصفقة البريئة المظهر للجامعات وأستاذتها تمويلاً سخياً وللدوحة نفوذاً على عقول وآراء أبرز الأكاديميين بالعالم.

الغريب أن وزارة الخزانة الأمريكية لم تصنف قطر فى عام 2014، كممول لتنظيم القاعدة الإرهابى، كما لم تشر إلى أنها دعمت ومولت الإسلاميين خلال فترة الربيع العربى عام 2011، ورغم اتهام الدوحة بتمويل تنظيم داعش، لم يكن رد فعل واشنطن سوى تصريح من الجنرال جوناثان شو، مساعد رئيس أركان الدفاع السابق فى بريطانيا، بأن قطر مسئولة عن انتشار الإسلام الراديكالى.

ويرى مركز الدراسات الأمنية، أنه بسبب موقفها من الإرهاب، وتحالفها مع إيران والمتطرفين السنة، وملايين الدولارات التى تنفقها للتأثير على السياسات الأمريكية فإن قطر أكثر الدول خطورة على الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

إذ مكنتها ثروتها الهائلة من التأثير فى الغرب لإبعاد الأنظار عن دورها الحقيقى فى دعم التنظيمات الإرهابية، من خلال التلاعب فى الروايات والتصورات باستخدام المعلومات، حيث اشترت الدوحة جماعات ضغط شجعت بدورها عدداً من أصحاب النفوذ على تخفيف موقفهم من دعم قطر للإرهاب، ودفعتهم للهجوم على خصوم الدوحة.

وتمكنت قطر من ترسيخ الروايات المؤيدة لها فى أذهان نخبة السياسة الخارجية فى العواصم الغربية من خلال منح ضخمة لمراكز الفكر والجامعات، والأكثر إثارة للقلق، استخدام قاعدة العديد فى الدوحة كمنصة يمكن من خلالها أن تسيطر قطر على عدد من القادة العسكريين وصناع القرار الأمريكيين، حيث أصبحت القاعدة التى تم إنشاؤها عام 1996، مركزاً استراتيجياً رئيسياً للتخطيط والقيادة بعد غزو أفغانستان عام 2002.

وبدلاً من أن تكون القاعدة ميزة استراتيجية لأمريكا، فإنها تسمح للدوحة بابتزاز واشنطن، لأن اتخاذ واشنطن إجراءات للتصدى لدعم قطر للإرهاب، يعنى تخليها عن القاعدة المهمة لها بالمنطقة ولذا وجدت أنه من الأسهل، غض النظر عن النشاط القطرى.