د. بهاء حلمي يكتب: انتباه العالم لأهمية مكافحة تمويل الإرهاب

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


إن صدور أول قرار لمجلس الأمن فى نهاية مارس الماضى بشأن مكافحة جرائم تمويل الإرهاب بناء على اقتراح فرنسا وتأييد مصر يعد خطوة مهمة فى مواجهة الدول والجهات الداعمة للإرهاب.

إن نجاح مصر فى تبنى رؤية واستراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب بما فى ذلك مكافحة وسائل تمويله ودعمه وتوفير أدواته للمنظمات الإرهابية المختلفة، والإصرار على التعامل بشكل حاد وحازم مع الدول والكيانات الإرهابية التى تتخذ المنظمات الحكومية والمؤسسات الأهلية الخيرية ومنظمات الإغاثة شعارا لها لجمع التبرعات لأغراض إرهابية فتح الباب لانتباه دول العالم ومسئوليتها عن إعادة النظر فى النصوص الأممية المقررة لمواجهة خطر تمويل الإرهاب بأشكاله المختلفة كونه يعد إحدى أهم الأدوات التى تسمح للإرهاب بمواصلة تواجده وتأثيره.

الأمر الذى يًعد إنجازا من حيث إبراز أهمية كشف وسائل وأشكال دعم وتمويل الإرهاب، أم من حيث تسليط الضوء على الدول التى تمول الإرهاب مع خلق أفق قانونى دولى لمحاسبة على تمويل المنظمات الإرهابية.

فبالرغم من وجود عدد من الاتفاقيات الأممية التى تقر أهمية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مثل اتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع فى المخدرات، واتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة، واتفاقية قمع تمويل الإرهاب، واتفاقية مكافحة الفساد وغيرها.

وعلى الرغم من تشابه وسائل وأشكال تمويل الإرهاب مع عمليات غسل الأموال فى إمكانية ارتكاب كل منها من خلال جماعات إجرامية منظمة أو من خلال أشخاص طبيعين أو منظمات حكومية أو مدنية.

إلا أن جرائم تمويل الإرهاب تشكل خطرا أكبر كونها تضفى على نشاطها طابعا عقائديا أو فكريا أو ثقافيا لتبرير أعمالهاـ

كما تتسم بعضها بسهولة وسرعة تحويل الأموال إذا كانت قيمتها متواضعة أو مرسلة من أشخاص طبيعيين، ويتعاظم خطرها كونها تتم من خلال كافة الوسائل سواء كانت أموال مشروعة أم غير مشروعة وسواء أكانت على الصعيد الدولى عبر الحدود أم من خلال أشخاص أو مؤسسات أهلية وطنية أو أجنبية.

مما لا شك فيه أن صدور قرار من مجلس الأمن يجمع كل المعايير فى نص واحد وبشكل مختلف يعطى بعداً جديدا للدول الأعضاء من خلال خلق مساحة لوضع ضوابط وطنية مستحدثة لمتابعة المعونات والتبرعات إلى تتلقاها المنظمات والمؤسسات الخيرية ومنظمات الإغاثة، كما أنه يشكل التزاما جديدا على الدول الأعضاء فى ضوء إدراج هذا القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مما يمنحه قوة قانونية ملزمة للدول بسن قوانين وطنية تتضمن قواعد تنص على جرائم جنائية وعقوبات فى حق أى شخص أو أى جهة تستخدم أموالاً بشكل مباشر أو غير مباشر لتمويل الإرهاب، مع الالتزام باتخاذ العديد من الإجراءات الأخرى مثل كشف سرية التحويلات ومراقبة المدفوعات من خلال الوسائل الإلكترونية وغيرها، وتفعيل الآليات الدولية لمكافحة عمليات تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه، وتعزيز التنسيق والتعاون الدولى فى مجال مواجهة الجريمة المنظمة ومكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتعاون الإقليمى والدولى بغرض تنفيذ خطط وأساليب فعالة ومبتكرة بما يتلائم مع تطور الجريمة ويواكب أساليب استخدام التنظيمات الإرهابية لوسائل تكنولوجية حديثة فى عملياتهم.

كما أن هذا القرار يعطى الحق فى مطالبة مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات القانونية وفقا لأحكام الفصل السابع ضد أى دولة أو أى جهة تقوم باستخدام أموال بشكل مباشر أو غير مباشر لتمويل الإرهاب.