طارق الشناوي يكتب: في يوم في شهر في سنة (2)!

الفجر الفني

بوابة الفجر


قبل نحو شهر بالتمام والكمال نشرت هذا العمود الذى كان وقتها يحمل ثلاث نبوءات تحقق منها اثنتان، والثالثة تقف على الباب.

«ثلاثة من الرؤساء العرب صاروا هم المهيمنين على القسط الوافر من الميديا عربيًا وعالميا، الثلاثة لا يزالون، على الأقل نظريًا يملكون بأيديهم كل التفاصيل، ويمسكون نظريًا أيضًا بزمام السلطة، كل منهم يعلم جيدًا أن الأوراق لم تعد كلها لصالحه، وسوف يغادرون السلطة بإيقاع زمنى يرقص على إيقاع أغنية عبدالحليم حافظ (فى يوم فى شهر فى سنة)، وإليكم التفاصيل.

(فى يوم) أقرب الرؤساء للمغادرة هو بوتفليقة، شعب الجزائر بطل المليون ونصف المليون شهيد يضرب نموذجًا حضاريًا للعالم كله على السلمية فى المطالبة بالتغيير، حتى القوات المسلحة صارت تشيد فى بياناتها بهذا الشعب، الذى كان من حسن حظها أن تنتمى إليه، الشعب يحرص على الوطن ومقدراته بقدر حرصه على كرامته وحقه فى الحرية، أتصور أن بقاء بوتفليقة صوريًا على سدة الحكم لن يتجاوز أيامًا ليغادر المشهد تمامًا، إيقاع الثورة فى الجزائر، لا يسمح بأى قسط من الترهل فى الوصول للذروة. لتنتهى تلك الحقبة التى بدأت بإنجازات أهمها إيقاف نزيف الدماء بما عرف بالعشرية السوداء، إلا أنه لم يقاوم غواية الكرسى حتى وهو يجد صعوبة بالغة فى الجلوس على الكرسى، ولكنها أيام.

(فى شهر).. البشير بدأ فى تقديم تنازلات ولكن بإيقاع أبطأ، المطالبة بإقصائه لا تزال هى الصوت الأعلى فى السودان، بينما هو لا يزال يتخبط فى قراراته العشوائية، تارة فى يوم المرأة العالمى يفرج عن النساء اللاتى أعلن التظاهر، ثم فى نفس الوقت يطبق حكم الجلد على نساء تظاهرن أو حتى ارتدين البنطلون، القوات المسلحة السودانية فى نهاية الأمر سوف تعلن انحيازها للشعب، لتنتهى تلك الحقبة، 30 عامًا من عهد البشير الذى شاهدنا فيه تقزمًا وانقسامًا ما بين جنوب وشمال، بعد أن أحال الوطن إلى حكم دينى رجعى متزمت يحرم على الناس حتى حق التنفس، لحظات النهاية وشيكة، والأمر لن يزيد على أسابيع لن تتجاوز شهرًا أو اثنين.

(فى سنة) المقطع الأخير، سوريا هى المعضلة الكبرى، ورغم ذلك يتحدث بشار الأسد عن الانتصار وتحرير تراب الوطن، بينما هناك خمسة جيوش على أرضه روسية وأمريكية وتركية وإيرانية وإسرائيلية، وهو لا يستطيع التحرك بدون يضع فى حساباته الحصول على ضوء أخضر من تلك الجيوش، بشار لا يشغله تحرير الوطن، بقدر ما يقض مضجعه إعادة تمثال حافظ الأسد إلى (درعا) أول محافظة فى سوريا حطمت الصنم وأسقطت سيناريو التوريث، فقرر أن يعيد الصنم.

الثورة السورية التى بدأت سلمية تطالب بالحرية وإيقاف حكم عائلة الأسد، تعنت بشار فى الاستجابة لها، فكان المناخ مهيأً لتبدأ داعش فى السيطرة ويتوحد العالم كل ضد داعش، حتى لو كان الطريق لمواجهة داعش يبدأ ببقاء بشار، فهو رئيس الضرورة وليس القناعة، وهو حتى الآن مع الأسف لم يتغير، فكل من يطالب أو طالب حتى فى الماضى بالحرية للوطن يعتبره عدوًا للوطن، لا يعنيه سوى أن يورث الحكم لابنه (حافظ بشار حافظ الأسد) لتكتمل الدائرة.

المعضلة السورية هى الأصعب، لأن بقاء الأسد على سدة السلطة مرهون بمعادلة التوافق بين كل هؤلاء الخصوم، وهذا الأمر من المستحيل ضمانه سنة أخرى»!!.