سامي جعفر يكتب: صفقة ملفوفة فى جثة جندى إسرائيلى

مقالات الرأي

سامي جعفر
سامي جعفر


إذا صح تحليل الشواهد التى ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية، يمكن القول بوضوح أن اتفاقاً للسلام بين الإسرائيليين من جهة ومع كل من الفلسطينيين والسوريين من جهة أخرى قد يصبح أمراً واقعاً، سواء ضمن ما يسمى بـ"صفقة القرن" أو أى تسمية أخرى، وذلك حال فوز حزب الليكود بالأغلبية، فى انتخابات الكنيست، التى تبدأ الثلاثاء، واحتفاظ بنيامين نتانياهو، بمنصبه، كرئيس لوزراء إسرائيل.

منذ أيام اعترف الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التى احتلها إسرائيل فى حرب 5 يونيو 1967، ورغم أن هذه الخطوة رفضتها جميع دول العالم، إلا أن الواقع يعنى أن الجولان انتقلت خطوة أخرى لم تكن متوقعة، لتقنين وضعها.

وبعد الاعتراف الأمريكى، حدث أمر أخر يحمل بصمة روسيا، حيث سلمت الأخيرة رفات جندى إسرائيلى، يدعى زخريا باومل، القائد دبابة الكتيبة 362، الذى فُقِد خلال حرب لبنان، يونيو 1982، وذكرت وسائل إعلام أن العثور على الرفات تم بمساعدة سورية، والتصرفان الأمريكى والروسى جاءا فى إطار دعم واضح لاستمرار نتانياهو فى منصبه.

وليس من قبيل المصادفة أن يحدث الأمرين من الدولتين الأكبر فى العالم، والذين كانا من أوائل الدول التى اعترفت بإسرائيل، وحافظتا على وجودها منذ مولدها قبل 71 عاماً، إذ أن بقاء تل أبيب، مرهون بإرادة دولية، ولا تزال هذه الإرادة هى القادرة على تشكيل خريطة المنطقة وفرضها، رغم تغيير العوامل المؤثرة فى السياسة الدولية، وظهور تأثير أكبر للقوى الإقليمية بدرجة أكبر من الماضى. 

ومن الواضح أن بقاء الرئيس السورى بشار الأسد، لم يعد موضع تفاوض، كما هو الحال فى الجولان، وسيكون على الأسد بناء بلد دمرته الحرب الأهلية وتدخل القوى العالمية والإقليمية على أرضه، ولن يكون فى مقدروه التمسك بكامل أراضى بلاده، إذ لا يمكن اعتباره منتصراً بشكل كامل، إذ أن "رقعة سوريا" أمر أصبح بيد التفاهمات الدولية.

على الضفة الأخرى، يعتبر تصريح نتانياهو منذ أيام عن عزمه على ضم مستوطنات الضفة الغربية، مؤشراً على أن إسرائيل قررت التهامها، فيما ستبقى غزة هى الأرض الباقية للفلسطينيين، خصوصاً مع حرص إسرائيل على استمرار الانقسام الفلسطينى، بدعم مالى من قطر التى أرسلت حقائب نقود سائلة وعلى الهواء مباشرةً، لتحويل غزة إلى الأرض الواقعية لـ"الدولة الفلسطينية".

قد يبدو هذا الطرح غريباً ولكن رسم الخرائط الجديدة لمنطقة وتقسيم الدول يتم دوماً من خلال حروب وإراقة الدماء، وتشريد السكان وتهجيرهم، إذ أن الاستقرار يجعل من كل ما سبق مستحيلاً، خصوصاً أن الأفكار الأخرى مثل تحرير الجولان أو المصالحة الفلسطينية،  أصبح من المستحيل، كما أن الاتفاقات العربية الإسرائيلية جرت دوماً فى وجود الليكود "المتطرف" فى الحكم.