طارق الشناوي يكتب: لسه فيه أمل!

الفجر الفني

تامر مرسي
تامر مرسي


كل الجرائد والمواقع أشارت إلى أن الأستاذ تامر مرسى من خلال المجموعة التى يمثلها صار أيضا مالكا لقناة (دى إم سى) وقبلها (أون) و(الحياة) و(سى بى سى) و(النهار)، وسبق أن عقد بروتوكولا مع التليفزيون المصرى، وغيره، أى أن قبضة شركة واحدة صارت مالكة لكل أطياف الحياة الإعلامية، فهو ينتج أغلب الأعمال الدرامية لحساب نفس الشركة التى تحتكر تقريبا أهم منافذ العرض، بل لديه عدد من الجرائد والمواقع الإخبارية، وهكذا تتأكد فلسفة القبضة الواحدة، نقطة ومن أول السطر.


حكاية معروفة لا بأس أن نتأملها مجددا، بعد قيام الثورة أقصد 52، سيطر رجالها على جهاز التواصل الأقوى (الإذاعة)، لأننا لم نعرف التليفزيون سوى عام 60، السادات أعلن الثورة فى الصباح الباكر فى البيان الأول، بعد أن أحاطت القوات المسلحة بالمبنى، فى البداية قررت الثورة أن تسند المسؤولية لضابط لضمان الضبط والربط، فكان أول ما فعله معتقدا أنه يرضى السلطة الوليدة، إقصاء أم كلثوم وعبدالوهاب، على اعتبار أنهما محسوبان على العهد البائد، وعندما علم عبدالناصر قرر أن يقصى هذا الضابط بعيدا، وقال: فى هذه الحالة علينا أن نلغى أيضا من قاموسنا الهرم والنيل، فهما من رموز العهد البائد، وأصدر أمرا نافذا بإسناد منصب رئيس أركان الإذاعة لضابط آخر، وهو الشاعر والصحفى والكاتب عبدالمنعم السباعى، وكان وقتها يحمل لقب رائد ومن رجال الصف الثانى فى الضباط الأحرار.


عبدالناصر استعان بضابط من أهل الثقة، إلا أنه أيضا واحد من أهل الخبرة، من أغانيه (أروح لمين؟) أم كلثوم و(أنا والعذاب وهواك) عبدالوهاب و(لايق عليك الخيال) عبدالحليم، ومن أشهر الأفلام التى كتب لها القصة (سمارة) و(إسماعيل يس فى الجيش) وغيرهما، وذلك حتى يضمن أن الرؤية الفنية ستصبح هى صاحبة الصوت الأعلى، متجاوزة التقييم السياسى المباشر للعمل الفنى.


لا أعرف الأستاذ تامر مرسى شخصيا ولا أتذكر أننا التقينا ولو عابرا، لكنى تعرفت على اسمه كمنتج منفذ لعدد من أهم المسلسلات، التى لعب بطولتها عادل إمام، وعرضت على شاشة (إم بى سى) حصريا، وذلك بداية من عام 2013، وأيضا أنتج عددا من مسلسلات محمد رمضان مثل (الأسطورة)، والنجمان ورقتان رابحتان فى سوق الدراما، برغم كل الفروق بينهما، وهذا يعنى أن الرجل يعلم مفاتيح وأسرار النجاح، وأتذكر فى أحد مسلسلات عادل إمام أنه أهدى إليه، بعد نهاية التصوير، عربة فارهة، فهو أيضا يجيد اكتساب الكبار لصفه، ويفك شفرة التواصل، أى أنه (ابن سوق) فى قراءته للواقع دراميا.


فى الأشهر الأخيرة ومن خلال القنوات الفضائية التى صارت بحوزته، أصبح عدد كبير من القائمين عليها يتلقون ما يفيد من هم الضيوف المتفق عليهم وما هى القضايا المسموح بتناولها، وهكذا صارت هناك أسماء ضيوف وقضايا ممكن مناقشتها وأخرى ممنوع الاقتراب، أكرر «قضايا وضيوف فى دائرة الثقافة والفن».


من يملك (محبس) التوزيع هو فقط شركة واحدة منوط بها الإنتاج، فى يدها المنبع والمصب، مهما قلت إن ذوقك هو المطلوب والأهم والذى ينبغى أن يحتل الصدارة فى تلك اللحظة، إلا أن الاختلاف بين البشر أمر طبيعى والسماح به لصالحنا جميعا.


رأى آخر، ورؤية أخرى، يجب أن نتعاطى معه، حتى مع بقاء نفس المنظومة الإعلامية الحالية، ينبغى تغيير الاستراتيجية، كحل وحيد لعبور تلك الأزمة، على شرط أن ندرك فعلًا أننا فى أزمة (لسه فيه أمل).