السيول تبرز عجز نظام الملالي.. وخبراء: الموت يحاصر المواطن الإيراني

عربي ودولي

بوابة الفجر



تعيش إيران أسوأ فتراتها، فبجانب الأزمات الاقتصادية، اجتاحت فيضانات غارقة ضربت البلاد في عدد من المناطق الإيرانية.

وتتلاشى الفيضانات، لكن التداعيات السياسية الناجمة عن الاستجابة البطيئة من جانب الحكومة تسببت في غضب كبير.

قال مسؤول اليوم الخميس، إن سيولا عارمة ألحقت خسائر بمئات الملايين من الدولارات بالزراعة الإيرانية بينما تساءل رئيس البرلمان عما إذا كانت أموال الحكومة ستكون كافية لتعويض المجتمعات والمزارعين المتضررين.

وتضررت حوالي 1900 مدينة وقرية من السيول وأمطار غزيرة على غير المعتاد بدأت في التاسع عشر من مارس آذار. 

وقتلت الكارثة 62 شخصا حتى الآن وتجد وكالات الإغاثة صعوبة في التغلب على تداعياتها. وانتقل 86 ألف شخص إلى أماكن إيواء طارئة وفرتها الحكومة.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي يتهمه منتقدوه بإساءة إدارة جهود الطوارئ للرد على الكارثة، إن العقوبات الأمريكية على إيران تعرقل مساعي تقديم مساعدات الإغاثة.

واستدعى المشرعون بضعة وزراء إلى البرلمان يوم الأحد لتفسير غياب إجراءات وقائية جاهزة لإنقاذ الأرواح والحد من المعاناة. وتأثر 26 على الأقل من الأقاليم الواحد والثلاثين في إيران بالكارثة.

وتحدث عددًا من الخبراء لـ"الفجر" عن فشل نظام الملالي في مواجهة تلك السيول والدمار والخراب الذي تسببت به
وفي هذا، قال أحمد قبال، المتخصص بالشأن الإيراني، إن سياسة التفريس التي يمارسها النظام الايراني لتشويه الحقائق التاريخية والجغرافية لهذا الجزء العربي المغتصب، تعتمد أساليب عدة على رأسها إشاعة أجواء الفقر والاضطراب لإجبار المواطنين العرب على ترك مدنهم وقراهم ومن ثم تغيير الهوية السكانية والثقافية لتلك المناطق التي لم تخضع قط وعلى مدى قرون طويلة للسيادة الفارسية إلا بمخططات استعمارية مكنت النظام البهلوي من احتلال دولة الأحواز خلال ثلاثينات القرن الماضي.

وأضاف قبال، في تصريحات لـ"الفجر" أنه ورغم ما يمتلكه إقليم الأحواز من ثروات طبيعية ساهمت في وضع إيران على خارطة أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، إلا أن النظام الإيراني يتعمد استغلال السيول من ناحية لزيادة معدلات التنمية الزراعية في الأقاليم المتاخمة للأحواز ومن ناحية أخرى العمل على تدهور البيئة الزراعية والسكانية داخل الأحواز التي ظلت طوال تاريخها أرضا زراعية خصبة وذات إنتاج زراعي.

وأوضح ان أزمة السيول في الأحواز تتجدد كل عام على هذا النحو ليعاني المواطن الاحوازي كوارث طبيعية تغذيها إسهامات النظام الإيراني لمزيد من التضييق في ظل صمت رسمي عربي تعدى حدود الكرامة والغيرة العربية، ومن المؤسف والمدهش أنه في ظل المخاوف من تزايد النفوذ الإيراني في الدول العربية، تعجز الدول العربية عن مساندة ودعم دولة الأحواز العربية بوصفها بوابة الأمن القومي العربي شرقا وأحد ركائز النهضة الاقتصادية العربية وصمام الأمان ضد أطماع إيران التوسعية.

كما قال يوسف بدر، المتخصص بالشأن الإيراني، إن الإيرانيين تجمعوا عند بوابة القرآن في مدينة شيراز يشعلون الشموع على أرواح ضحايا السيول، وهو ما يمكن أن تمنعه السلطة في أجواء غير هذه الأجواء، وهو ما يؤشر على وجود هوة واسعة بين النظام والشعب الإيراني. كان المواطنون يشيرون إلى الوادى الموجود بجوار هذه البوابة لاختزان مياه السيول، وإلى أن هذه البوابة واجهت العديد من السيول منذ الدولة البويهية.

وأضاف بدر في تصريحات لـ "الفجر" أنه الأن في إيران هناك تقاسم وتضارب في السلطة وهو ما يفسد التنظيم والتخطيط، فالحرس الثوري كمؤسسة عسكرية يتوغل في السلطة التنفيذية وشئونها ويستحوذ على المناقصات الانشائية، وهو ما جعل الطرق والمنشئات والسدود غير قادرة على مواجهة السيول. 

بعدما تم تصميمها أو إنشائها بصورة لا تراعي التخطيط أو تحترم الطبيعة التاريخية للأرض.

كما أشار إلى ان السيول كشفت أيضا، عن التهميش الذي تعاني منه المناطق المحرومة البعيدة عن مراكز المدن، وهو ما يظهر أن الفقراء والمحرومين هم دائما ضحايا النظام.

 فقد ارتدى بعض رجال الدين زي عمال البلديات والدفاع المدني لمساعدة المنكوبين في حادث السيول؛ وهذا يعبر عن كيفية إدارة الدولة في إيران، طوال الوقت يلعب الخطاب الثوري والعاطفي دورا في تعبئة الجماهير؛ لكن هذه الجماهير ملت من تكرار الوعود التي باتت أكاذيب.

وقال: "الآن، نجد على أوراق العملة الإيرانية عبارات تلعن المرشد السابق "الخميني"، وأيضًا داخل التاكسي تجد سائقه يلخص الخلاص في الخلاص من المرشد الأعلى "خامنئي" عندما يمر على صورة منصوبة له في الطريق.

وأضاف: "الشارع دائما يعرف طريقه وخلاصه وإن عبر عن ذلك بأشكال مختلفة، فهناك قاعدة كبيرة تتشكل في إيران ترى أن الخلاص في رحيل نظام ولاية الفقيه، الذي استنفد أموال إيران على طموحاته الخارجية بدلا من توجيهها لخدمة الشعب الإيراني في الداخل".

كما قال هاني سليمان، الباحث السياسي المتخصص فى الشأن الإيرانى، إن قدرات الدول تتفاوت في مواجهة الأزمات الطبيعية، لكن تعتمد قدرة الدول على قدرتها على التخطيط وحمايتها للمواطنين والمؤسسات التي تعمل في هذا الأمر، وهذا الأمر يوضح مدى عجز المؤسسات الإيرانية على مواجهة السيول التي تضرب البلاد.

وأضاف سليمان في تصريحاته لـ"الفجر" أن ظاهرة السيول تتكرر من فترة لأخرى في إيران، فلم يتخذ نظام الملالي أي رد فعل لمواجهة تلك السيول، وهذا يزيد الأمر سوءا في إيران التي تواجه أزمات هي الأشد قسوة في تاريخها الحديث وتحديدا منذ ثورة الخميني.

وأوضح سليمان أنه وبالرغم من الأزمات التي يواجهها الشعب الإيراني من فقر وضيق في المعيشة وغيرها، فقد أطل شبح جديد يهدد حياتهم ليصبحوا أقرب للموت وهو شبح السيول.

وأشار سليمان أن السيول ضربت 25 محافظة من اجمالي 31 محافظة إيرانية، وتضررت كافة المحافظات في ظل عدم وجود استعدادات خاصة في المناطق التي توجد بها السيول، وهو ما أدى إلى أعداد كبيرة من القتلى والجرحى.

وأوضح أنه وبالرغم مما قاله الرئيس الإيراني روحاني بشأن السيول وعمل الحكومة على توفير الرعايا للمصابين، فإن هذا الأمر لا يعتبر حل لمشكلة السيول التي ستتكرر كل عام، واصفًا تصريحات روحاني بأنها تدل على مدى القصور من الحكومة تجاه تلك الأزمة.

وأكد سليمان أن النظام الإيراني يعاني من أبسط الأمور، فنظام الملالي يعيش فشلًا ذريعًا على كافة الأصعدة سواء من النواحي الداخلية أو الخارجية، فإيران تعاني الأن بشكل واضح وفشلت في تحجيم أضرار السيول.

وأنهى سليمان تصريحاته قائلًا إن تلك السيول جاءت من أجل فضح النظام الإيراني وعلى الدولة الإيرانية مراجعة سياستها فلا يصح أن يتم ضخ الأموال في أهداف تخريبية خارجية في الوقت الذي يعاني فيه المواطن الإيراني من سوء معيشة وإدارة سيئة في البلاد.